_ مقال رأي
الجزائر الآن _ في زمن كثرت فيه الشعارات الفضفاضة والتغطيات الإعلامية الجذابة، يصر الرئيس عبد المجيد تبون على أن الحكم الفعّال لا يُقاس بالتصريحات أو بالمظاهر، بل بالنتائج الملموسة على الأرض وليس شيئًا آخر.
التسيير الذكي الذي دعا أعضاء حكومته أمس الأحد خلال ترؤسه مجلس الوزراء ، ليس مجرد مصطلح إداري، بل منهج عمل يضع المواطن في قلب الاهتمام ويعطي الأولوية للحلول العملية على حساب البهرجة الاستعراضية التي بات من المؤكد أن البعض يتقنها وببراعة أكثر كما يتقن تحقيق النتائج الميدانية.
هذه الرؤية تجسد في ستة مبادئ أساسية، من الابتعاد عن التقشف العقيم إلى التركيز على النتائج والعمل الميداني، مرورًا بالعقلنة والتنسيق الحكومي، وصولًا إلى مصداقية الدولة أمام الرأي العام .
فهي بمثابة خارطة طريق لتغيير أسلوب الحكم ، تجعل من الإنجاز الفعلي معيار التقييم، ومن الاستجابة الحقيقية لاحتياجات المواطنين مقياس نجاح أي مشروع أو سياسة حكومية.
بهذه الروح، يمكن قراءة رسالة الرئيس عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حين شدّد على أن الجزائر لا تُسَيَّر بالبهرجة الإعلامية ولا بالتصريحات الفضفاضة، بل بالتسيير الذكي والعمل الميداني الملموس.
فما معنى التسيير الذكي الذي دعا إليه الرئيس؟ ألخصه في ست نقاط محورية:
1. الابتعاد عن منطق التقشف العقيم: ليس مقبولًا إدارة البلاد بسياسة شد الحزام التي ابتدعها البعض عن جهل وروح لها البعض الآخر عن عمد، بل يجب الاستثمار في الحلول المبدعة التي تسمح باستغلال كل الموارد المتاحة دون المساس بحقوق المواطن أو تعطيل التنمية.
2 . التركيز على النتائج بدل الشعارات: التسيير الذكي يقاس بما يتحقق على الأرض، لا بعدد الاجتماعات ولا اللقاءات ولا الحفلات أو حجم التصريحات الإعلامية.
قراءة في تعليمات الرئيس تبون لأعضاء حكومته بالتسيير الذكي
المواطن يريد حلولًا ملموسة، لا وعودًا مؤجلة التي تجسدها تصريحات بعض المسؤولين بهدف ربح الوقت والاستفادة من مزايا المنصب لا أكثر ولا أقل.
3. العمل الميداني أولًا: الرئيس شدّد على أن الوزراء والمسؤولين مطالبون بالاقتراب من المواطن، الإصغاء لانشغالاته، والبحث عن حلول عملية على الأرض، بدل الاكتفاء بالمكاتب المكيفة والتقارير المكتوبة.
4. العقلنة بدل التبذير: الذكاء في التسيير يعني استثمار الموارد المالية والبشرية بطريقة دقيقة، وتوجيهها نحو المشاريع ذات الأولوية القصوى، بعيدًا عن المشاريع الاستعراضية أو المبالغ فيها التي مع مرور الوقت لن تجد طريقها للتجسيد.
5. التنسيق والتكامل الحكومي: رسالة الرئيس حسب ما فهمت بأن “الذكاء” لا يكون بالقرارات الفردية أو التنافس بين القطاعات، بل بالعمل كفريق واحد يضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.. وهذه نقطة جد أساسية وجوهرية من المؤكد بأن الرئيس يعلمها ويعلم سلبياتها يحكم المناصب الحكومية العديدة و المختلفة والتي تقلدها قبل أن يكون رئيسا الجمهورية.
6 . مصداقية الدولة أمام الرأي العام: حين يرى المواطن أن الحكومة تحل مشاكله بفعالية، تترسخ الثقة وتتعزز الجبهة الداخلية، وهو ما يشكل أساس الاستقرار و التنمية.
قراءة في تعليمات الرئيس تبون لأعضاء حكومته بالتسيير الذكي
الرسالة الأعمق التي بعث بها الرئيس تبون لأعضاء حكومته هي أن الزمن لم يعد يتسع للبهرجة الإعلامية أو التغطيات الاستعراضية.
المطلوب اليوم هو نتائج ملموسة: مدرسة نظيفة، مستشفى مجهز ، طريق صالح للاستعمال، وفلاح يجد الدعم اللازم ومسكن جاهز وملائم و حتى خلق منصب عمل دائم …الخ
إن التسيير الذكي كما طرحه الرئيس تبون ليس مجرد شعار، بل هو دعوة لإرساء ثقافة جديدة في الحكم، قوامها الفعالية والواقعية، بعيدًا عن التبجح الإعلامي أو “المنجزات الورقية” التي يقرأها الوزراء ولا نجد لها أثر في الميدان.
الرئيس الأمريكي الأسبق تيودور روزفلت قال ذات مرة جملة شهيرة سجلها التاريخ بأحرف من ذهب: “افعل ما تستطيع بما تملك، حيثما كنت.”
هي قاعدة تختصر معنى التسيير الذكي حسب فهمي البسيط: أن نُنجز بالمتاح، لا أن نُبرّر بالوعود وبالعجز، لأنه دائمًا هناك حلول ذكية يمتلكها الوزير الذكي والصادق مع نفسه ورئيسه ووطنه.