بين ركام المدارس المهدمة وأصوات القصف المستمرة، يتمسك طلاب غزة بخيط الأمل الأخير، وهو التعليم.
فحسب الأمم المتحدة، دمر الكيان الصهيوني نحو 97 في المائة من مدارس القطاع ، فيما حرم عشرات الآلاف من المقاعد الدراسية، وارتقى أكثر من 15 ألف طفل وشاب في سن الدراسة تحت نيران الحرب.
ورغم هذا المشهد الكارثي، قرر 27 ألف طالب فلسطيني خوض امتحانات التوجيهي (البكالوريا)، بآلية خاصة أقرتها وزارة التربية الفلسطينية في رام الله، عبر منصة إلكترونية بديلة، تتيح لهم اجتياز الامتحانات حتى في أماكن نزوحهم.
من جهتها، نشرت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها ط شهادة مؤثرة للطالبة رواء نصر الله، 19 عامًا، التي نزحت مع أسرتها إلى مخيم النصيرات وسط القطاع بعد أن فقدت مدرستها.
تقول رواء إنها كانت تحلم بإتمام دراستها في أجواء طبيعية مثل باقي طلاب العالم، لكنها وجدت نفسها تراجع دروسها على ضوء خافت داخل خيمة، فيما تحيط بها أصوات الطائرات والانفجارات. تضيف: “امتحنا في ظروف لا تحتمل، لكننا نريد أن نثبت أن الحرب لن تسرق مستقبلنا”.
وتلخص هذه الكلمات جوهر معركة التعليم في غزة، فالأمر لم يعد مجرد امتحانات روتينية، بل تحول إلى فعل مقاومة وصمود. وكل ورقة امتحان يكتبها طالب وسط الركام هي رسالة تحد للعالم ورسالة إصرار على الحياة.
ويرى مراقبون أن مواصلة الامتحانات في مثل هذه الظروف تحمل بعدًا رمزيًا كبيرًا، إذ تؤكد أن جيل غزة يرفض الاستسلام لمحاولات محوه.
وشددت بدورها الأمم المتحدة على أن الاستثمار في التعليم في أوقات النزاعات هو الضمان الوحيد لبناء مستقبل أفضل، فيما اعتبر محللون فلسطينيون أن نجاح الطلاب في اجتياز هذه المرحلة الصعبة يمثل ردًا عمليًا على سياسة التدمير الممنهج التي تستهدف كل شئ على ظهر غزة.
في النهاية، تبقى قصة طلاب غزة مع العلم صامدة رغم أنف العدو، وشاهد حي على صبر أمة ترى في المعرفة أقوى سلاح لمواجهة الظلم والحصار.
وبينما تتساقط الصواريخ فوق الرؤوس، يكتب هؤلاء الشباب مستقبلهم بقلم عنيد لا يمحى وإرادة لا تنكسر.