بوتسوانا تغرق في أزمة خانقة لانهيار سوق الألماس!

تواجه بوتسوانا، الدولة التي طالما اعتبرت واحدة من أقوى اقتصادات إفريقيا بفضل ثروتها من الألماس، أزمة اقتصادية خانقة تهدد وجودها.

فقد أدى انتشار الألماس الصناعي الرخيص واللا محدود إلى انهيار الطلب على الألماس الطبيعي، ما وجه ضربة قاسية لاقتصاد البلاد الذي يعتمد منذ ستينيات القرن الماضي على هذا المورد الاستراتيجي، حسب ما كشف تقرير لمجلة Geo حجم الكارثة التي تعصف بهذا البلد الإفريقي.

وتعيش البلاد اليوم صدمة اقتصادية واجتماعية كبرى، فقد وفرت عائدات الألماس التعليم والصحة المجانية لنحو مليونين ونصف مواطن، لكن الرئيس دومي بوكو اعترف في أوت الماضي أن هذا النموذج الاقتصادي بلغ نهايته، مؤكدًا أن الأزمة لم تعد مجرد مسألة مالية بل تحولت إلى تهديد وجودي للدولة والمجتمع.

جدير بالذكر أن الحكومة ستضطر لأول مرة في تاريخها إلى الاستدانة بكثافة، فقد اقترضت أكثر من 500 مليون دولار من البنك الإفريقي للتنمية وصندوق أوبك هذا العام، فيما يتوقع أن تصل الديون إلى 43 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية السنة.

ورغم محاولة الدولة شراء حصة الأغلبية في شركة “دي بيرز” التابعة لمجموعة “أنغلو أمريكان” والمهيمنة على صناعة الألماس، إلا أن الخزينة العامة تبدو عاجزة عن تحمل مثل هذه الخطوة.

وتتعمق الأزمة مع تقلص فرص العمل بشكل كارثي. فمعدل البطالة بين الشباب تحت سن 24 عامًا تجاوز 40 في المائة، بينما لم تعد المناجم تشغل سوى بضع مئات من العمال.

وأعلن الرئيس بوكو في 25 أوت حالة الطوارئ الصحية نتيجة عجز الدولة عن توفير الأطباء والأدوية والمستلزمات الطبية، ما يعكس مدى التدهور الذي أصاب القطاعات الحيوية.

في السياق، يحاول القادة الآن البحث عن بدائل اقتصادية. فبوكو كان قد وعد عند وصوله إلى الحكم في أكتوبر 2024 بالاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيا والزراعة من أجل خلق وظائف جديدة.

لكن غياب التمويل يجعل هذه الطموحات مهددة بالفشل، أما قطاع السياحة والسفاري الذي يمثل نحو 12 في المائة من الناتج المحلي فلا يكفي وحده لتعويض انهيار الألماس.

وتؤكد هذه التطورات أن الاعتماد المفرط على مورد طبيعي واحد قد يحول نعمة الأمس إلى نقمة اليوم. فالألماس الذي جعل من بوتسوانا قصة نجاح إفريقية أصبح الآن عبئًا يجرها نحو الإفلاس، في وقت تبحث فيه البلاد بشكل عاجل عن مصادر بديلة للبقاء.

@ آلاء عمري