يساهم قانون المناجم الجديد في جعل الجزائر لاعب رئيسي في سوق المعادن، حيث يمثّل القانون الجديد خطوة لتعزيز مكانة البلاد في صناعة التعدين العالمية عبر تطوير تشريعاتها الخاصة بالثروات الطبيعية من أجل توفير بيئة أكثر شفافية ومرونة للشركات المحلية والدولية.
وصُمِّم قانون المناجم الجديد في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا ليمنح قطاع التعدين ديناميكية أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية، مع وضع ضوابط أكثر وضوحًا لاستغلال الموارد بما يحقق مصلحة الاقتصاد الوطني.
وأشار عدد من الخبراء، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يأتي بعد مشاورات دامت أكثر من 3 أعوام بين الجهات المعنية، ليتضمن حزمة من التدابير التحفيزية أبرزها تيسير الإجراءات، ورفع آجال تراخيص الاستغلال، وتوسيع فرص الشراكة أمام المستثمرين الأجانب.
وفي هذا السياق، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف1 الجزائرية، الدكتور هباش فارس، إن قطاع المناجم ظلّ لأعوام طويلة يواجه مجموعة من التحديات التي حالت دون تطوره بالشكل المطلوب.
وأوضح الخبير الاقتصادي -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن أحد أبرز الإشكالات التي عانى منها الاقتصاد الوطني عمومًا هو الاعتماد المفرط على المحروقات بصفتها مصدرًا رئيسًا للإيرادات؛ ما جعل الجزائر عرضة لتقلبات أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية.
وأكد أن هذا الوضع فرض ضرورة البحث عن بدائل حقيقية لتنويع الاقتصاد وتعزيز السيادة الاقتصادية، إذ يرى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يأتي في هذا السياق بمثابة أداة إستراتيجية.
وأشار الدكتور هباش فارس إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يضمّن حزمة من التدابير التحفيزية، في مقدّمتها تسهيل الإجراءات الإدارية، ومنح إعفاءات ضريبية وجمركية، وتيسير إجراءات التراخيص، وهو ما من شأنه أن يجذب استثمارات أجنبية ومحلية أكبر، ويشجع الشركات المتخصصة على دخول السوق الجزائرية.
كما لفت إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر سيسهم في تطوير البنية التحتية، ورفع الإنتاج، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للانخراط في النشاط المنجمي.
وفيما يخصّ جانب الشفافية، شدّد الدكتور فارس على أن نص قانون المناجم الجديد في الجزائر يعالج النقائص التي كانت سائدة في التشريعات السابقة، خاصة ما تعلّق بالمعايير البيئية والعمالية، موضحًا أن اعتماد تقارير دورية وفرض الرقابة الصارمة على العمليات سيُعزز ثقة المستثمرين والمجتمع، ويمنح القطاع مصداقية أكبر.
كما أكد هباش أن القطاع المنجمي يؤدي -أيضًا- دورًا في تحسين البنية التحتية الوطنية، مشيرًا إلى أن مشروعات التعدين الكبرى ستتطلب استثمارات ضخمة في الطرق والمواني والسكك الحديدية والطاقة، وهو ما ينعكس إيجابًا على بيئة الأعمال ككل.
ومن جهته، أكد أستاذ اقتصادات الطاقة والأمين العام للمركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، البروفيسور ساري نصر الدين، أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يشكّل نقلة نوعية في المنظومة التشريعية المنظمة لقطاع التعدين.
وأوضح نصر الدين -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يعكس رؤية إستراتيجية تقوم على جذب الاستثمارات، واحترام المعايير البيئية، وضمان استدامة الموارد لصالح الأجيال القادمة.
وأضاف أن النص الجديد جاء بتعديلات جوهرية، أبرزها تيسير إجراءات منح التراخيص، وإلغاء قاعدة 51/49% التي كانت مطبّقة سابقًا، مع الإبقاء على حدّ أدنى من التمثيل الوطني لا يقلّ عن 20% حفاظًا على السيادة الاقتصادية.
كما أشار إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر قد أدخل آليات للرقمنة عبر بوابة إلكترونية توفر بيانات جيولوجية دقيقة ومعلومات حول المواقع المنجمية بشفافية، بالإضافة إلى تكريس مبدأ سيادة الدولة على الثروات المعدنية، وهو ما نصّت عليه مادته الثالثة.
ولفت إلى أن مشروع قانون المناجم الجديد في الجزائر قد شهد مناقشات موسّعة داخل البرلمان نتج عنها نحو 30 تعديلًا، لضمان توازن أكبر بين متطلبات الاستثمار وحماية المصلحة الوطنية.
وشدّد البروفيسور نصر الدين على أن نجاح قانون المناجم الجديد في الجزائر يتوقف على جملة من الخطوات العملية، في مقدّمتها مواصلة تسهيل الإجراءات الإدارية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية من طرق وموانٍ وخطوط سكك حديدية لربط المناطق المنجمية بالمراكز الصناعية ومنافذ التصدير.
كما دعا إلى الاستثمار في تكوين الكفاءات الوطنية بتخصصات الجيولوجيا والهندسة التعدينية وتقنيات المعالجة، بما يقلل من الاعتماد على الخبرات الأجنبية.