آخر الأخبار

فرنسا تسحب في آخر لحظة مشروع قرار ضد اتفاقيات 1968: مناورة تكتيكية أم بادرة تهدئة تجاه الجزائر؟

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائرالٱن _ في خضم الأزمة المتواصلة بين الجزائر وفرنسا، كان يُنتظر أن يُعرض، اليوم الخميس، أمام البرلمان الفرنسي مشروع قرار يدين اتفاقيات 1968 التي تنظّم إقامة وتنقل الجزائريين في فرنسا، وهي اتفاقيات لطالما اعتبرتها الأوساط اليمينية في باريس امتيازًا غير مبرّر لصالح الجزائريين. غير أن المشروع، الذي تبناه “اتحاد اليمين من أجل الجمهورية” بقيادة إريك سيوتي، سُحب في اللحظات الأخيرة، وفق ما أكدته وسائل إعلام فرنسية.

■ خطاب يتقاطع تمامًا مع توجهات حزب لوبان

القرار كان سيتضمن، وفق نصه، دعوة واضحة إلى “تكييف المنظومة القانونية الفرنسية مع واقع العلاقة المتغيرة مع الجزائر”، بما يسمح بتشديد منح التأشيرات وتعليقها “عند الضرورة”، في خطاب يتقاطع تمامًا مع توجهات حزب “التجمع الوطني” المتطرف بقيادة مارين لوبان، الذي أيد المشروع علنًا.

مصدر الصورة

رغبة في تجنب أي تصعيد

غير أن المفاجأة جاءت بسحبه من جدول النقاش البرلماني، وهو ما برّرته الحكومة الفرنسية علنًا برغبتها في تجنب أي تصعيد قد يؤثر على جهودها الدبلوماسية للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال، المعتقل في الجزائر. إذ قال الوزير المنتدب للتجارة الخارجية، لوران سان مارتن، خلال جلسة عامة بالبرلمان: “أشيد بمسؤوليتكم في سحب هذا المشروع، لأن دبلوماسيتنا تعمل جاهدة اليوم لضمان أن لا تطغى العلاقات المتوترة مع الجزائر على مسألة الإفراج عن بوعلام صنصال”.

■ دعوة لتجنب صبّ مزيد من الزيت على نار

تصريحات الوزير لم تُخفِ دلالاتها، إذ بدا واضحًا أن باريس تسعى إلى تجنّب صبّ مزيد من الزيت على نار التوتر مع الجزائر، خاصة أن مشروع القرار، ولو أنه غير ملزم قانونيًا، كان سيُفهم في الجزائر كتصعيد سياسي مباشر في ملف شديد الحساسية.

توقيت حرج وتناقضات في المواقف الفرنسية

جاء هذا التراجع في وقت يتصاعد فيه الخطاب العدائي تجاه الجزائر داخل أوساط اليمين الفرنسي، الذي يستغل ملفات الذاكرة والهجرة لتعبئة قاعدته الانتخابية، في حين يفضّل الرئيس ماكرون تفادي التصعيد، كما سبق أن عبّر عن رفضه المساس باتفاقيات 1968، حرصًا على عدم تعميق الشرخ مع الجزائر.

مصادر فرنسية كشفت لقناة “بي أف أم تي في” أن المصادقة على المشروع كان سيُغضب ماكرون شخصيًا، الذي لا يُبدي حماسة لأي خطوة قد تضعف قنوات التواصل مع الجزائر، خاصة في ظل الملفات العالقة المرتبطة بالطاقة، والهجرة، والتعاون الأمني.

■ رد الجزائر كان واضحًا منذ البداية

الجزائر، التي عبّرت مرارًا عن رفضها لأي تعديل أحادي للاتفاقيات الثنائية، كانت قد حذّرت بشكل رسمي، عبر وزارة الخارجية، من أن أي مساس باتفاقية 1968 سيُقابل بإجراءات مماثلة تشمل بروتوكولات واتفاقات أخرى مبرمة بين البلدين.

مصدر الصورة

كما وصف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، دعوات بعض الأطراف الفرنسية لإعادة التفاوض حول هذه الاتفاقية، بأنها “فزّاعة سياسية” تستعملها أطراف متطرفة داخل فرنسا تكنّ عداءً تاريخيًا للجزائر.

■ الإليزي يُدرك أن التوقيت لا يسمح بتصعيد إضافي

قرار سحب المشروع لا يمكن قراءته خارج سياق الأزمة الدبلوماسية المتواصلة بين البلدين. ففي حين تسعى بعض التيارات داخل فرنسا إلى تأجيج الصراع بدوافع انتخابية وإيديولوجية، يبدو أن الإليزي يُدرك أن التوقيت لا يسمح بتصعيد إضافي، خاصة في ظل موقف جزائري حازم يرفض أي عبث بالاتفاقيات، ويربط الاستقرار في العلاقات بالاحترام الكامل للذاكرة والسيادة الوطنية.

السؤال المطروح: هل سحب المشروع مجرد مناورة تكتيكية بسبب ملف بوعلام صنصال؟ أم بداية تراجع فرنسي محسوب لفتح باب تهدئة جديدة مع الجزائر؟

الإجابة ستتضح من طبيعة الخطوات المقبلة، سواء تعلق الأمر بملف التأشيرات، أو مستقبل اتفاقيات الهجرة، أو تعاطي باريس مع باقي ملفات الذاكرة المشتركة.

شارك

الأكثر تداولا إيران اسرائيل أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا