آخر الأخبار

الاتفاقيات الإبراهيمية.. موجة توسع وشيكة تحت مظلة أميركية

شارك
الاتفاقيات الإبراهيمية.. هل تتوسع إلى دول جديدة؟

في تطور لافت، كشف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن توسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية يعد أحد الأهداف الرئيسية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرا إلى إعلانات مرتقبة بشأن انضمام دول جديدة إلى مسار التطبيع مع إسرائيل.

وجاء هذا التصريح في مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الأميركية، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جذرية فرضتها المواجهات العسكرية الأخيرة، لاسيما بين إيران و إسرائيل، مما فتح الباب أمام سيناريوهات جيوسياسية غير مسبوقة.

وأوضح ويتكوف أن التوسعة المرتقبة للاتفاقيات الإبراهيمية تندرج ضمن أولويات الإدارة الأميركية الحالية، مؤكدا أن المنطقة ستشهد قريبا إعلانات هامة لدول جديدة تنضم إلى هذا المسار.

ولم يفصح المبعوث الأميركي عن أسماء الدول، لكنه ألمح إلى أن هذه الخطوات تجري في إطار سياسي محسوب وتنسيق واسع مع أطراف إقليمية فاعلة.

وتزامنت تصريحات ويتكوف مع أجواء إقليمية مشحونة على وقع التصعيد بين طهران وتل أبيب، ما أعاد طرح سؤال أساسي: هل تسارع دول عربية نحو التطبيع كخيار استراتيجي لمواجهة النفوذ الإيراني؟ وهل تمثل الحرب الأخيرة نقطة تحوّل نحو تحالفات جديدة قد تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط؟

إيران تقوّض الاستقرار

في هذا السياق، قال مدير برنامج التعاون الإقليمي في جامعة تل أبيب وعضو الائتلاف من أجل الأمن الإقليمي، الدكتور نير بومز، إن ما شهدته المنطقة خلال الأيام الاثني عشر الأخيرة كان "دراماتيكيا"، وخلق "فرصة فريدة" لإعادة تفعيل مسار كان قد بدأ قبل سنوات، في إشارة إلى مسار الاتفاقيات الإبراهيمية.

وفي مقابلة مع برنامج "ستوديو وان" على قناة "سكاي نيوز عربية"، أكد بومز أن إيران لم تكن تسعى إلى تحقيق الاستقرار، بل كانت تسعى لخلق حالة من الفوضى عبر أذرعها الإقليمية، موضحا أن: "إيران لم تعمل من أجل استقرار المنطقة، بل أنفقت مواردها في دعم وكلائها لنشر الفوضى والدمار، ليس فقط في إسرائيل بل في عموم المنطقة، من لبنان وسوريا إلى العراق".

وأضاف أن هذه السياسات خلقت بيئة جديدة يمكن البناء عليها لصياغة مسار إقليمي مختلف، مشيرا إلى أن هناك فرصة حقيقية الآن "لخلق واقع جديد في إيران نفسها"، حيث تتزايد أصوات داخل المجتمع الإيراني تنتقد أولويات النظام التي تركز على التدخلات الخارجية بدلا من الاستثمار في الازدهار الداخلي.

إسرائيل: نحو دبلوماسية جديدة وتحالفات إقليمية

في معرض تحليله للمشهد، شدد بومز على أن الوقت قد حان لإسرائيل أن تتحدث بلهجة مختلفة، ليس فقط عبر الأدوات العسكرية، بل عبر خطوات دبلوماسية تشمل التواصل مع قوى معتدلة في لبنان وسوريا، معتبرا أن هناك أطرافا جديدة يمكن العمل معها "تحت مظلة صحيحة وفي نطاق أوسع من التعاون".

وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تسعى إلى البقاء في سوريا أو لبنان، بل تسعى إلى تأمين حدودها ومنع أي تهديدات مستقبلية، مؤكدا أن هذا المسار يجب أن يتم بشكل تدريجي ضمن عملية تفاوض شاملة تتيح لإسرائيل أداء دور بناء في إعادة تشكيل المنطقة.

التحولات بعد 7 أكتوبر

بحسب بومز، فإن أحداث 7 أكتوبر شكّلت نقطة تحول، دفعت إسرائيل إلى إعادة تقييم أولوياتها الاستراتيجية.

وأضاف: "إسرائيل ترغب في ألا يكون هناك خطر على أمنها، ومن الطبيعي أن تبحث عن حلفاء طبيعيين وأفكار صحيحة وضمانات واضحة قبل الانتقال إلى واقع جديد".

وتابع، أن المبادرات السعودية والفرنسية الأخيرة بشأن القضية الفلسطينية تمثل إطارا مهما لمعالجة الملفات العالقة، مثل قطاع غزة وسلاح حماس، لكنه شدد على ضرورة أن يترافق هذا المسار مع دعم عربي واضح لإنشاء قوى فلسطينية معتدلة.

القضية الفلسطينية: نزع سلاح حماس شرط أولي

وحول مستقبل الدولة الفلسطينية، قال بومز إن "الغالبية العظمى من المراقبين لا يتوقعون إقامة دولة فلسطينية في الوقت الراهن"، مشددا على أن المرحلة الأولى يجب أن تركز على نزع سلاح حماس وخلق بيئة فلسطينية جديدة تسمح بانطلاق مفاوضات واقعية.

وأكد أن "السلام ممكن عندما توجد قيادة فلسطينية جديدة تثقّف شعبها على فكرة قبول إسرائيل والتعايش معها"، لافتا إلى أن المجتمع الدولي والعربي عليهما مسؤولية مشتركة في منع دعم حركات مثل حماس ورفض استضافتها أو تمويلها أو ترويج أيديولوجياتها.

ودعا بومز إلى ظهور قيادة عربية وفلسطينية مسؤولة تحمل رؤية واضحة وقابلة للتطبيق، مشيرا إلى أن "إقناع إسرائيل بخيارات السلام لن يتم إلا عندما ترى شريكا فلسطينيا جديدا يؤمن بالتعايش ويطرح رؤية متقدمة لعلاقات مستقرة في الشرق الأوسط".

وفي إشارة إلى التحولات الجارية، أوضح بومز أن "هذا التحول لن يحدث بين ليلة وضحاها، وربما ليس مع هذه الحكومة الإسرائيلية، لكن علينا أن نبدأ"، مشددا على أن إعادة الثقة تتطلب أفكارا جديدة وقيادات تؤمن بأن "الشرق الأوسط يمكن أن يكون مختلفا".

هل نحن أمام شرق أوسط جديد؟

تصريحات ويتكوف وتحليلات بومز تشير إلى أن المنطقة تمرّ بمرحلة انتقالية دقيقة، عنوانها إعادة تموضع القوى، وبحث الأنظمة العربية عن تحالفات تضمن الاستقرار في مواجهة تهديدات مشتركة، في مقدمتها المشروع الإيراني وأذرعه الممتدة.

ومع اقتراب الإعلان عن انضمام دول جديدة إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، يبدو أن الشرق الأوسط يتجه فعليا نحو تحالفات أكثر علنية وتطبيع أكثر رسوخا، لكن دون إغفال الحاجة إلى معالجة القضية الفلسطينية، التي لا تزال تمثل مفتاح الاستقرار في أي مشروع إقليمي.

وقد تكون الحرب بين إيران وإسرائيل قد عجلت بولادة "شرق أوسط جديد"، لكنه شرق سيظل ناقصا إذا لم يتأسس على رؤية عادلة وشاملة، تأخذ في الاعتبار الأمن الإسرائيلي، ولكن أيضا الحقوق المشروعة للفلسطينيين.

وفي ظل هذه المعادلة الدقيقة، ستكون الإعلانات المرتقبة بشأن توسع الاتفاقيات الإبراهيمية اختبارا حقيقيا لمدى نضج المسار السياسي الجديد، وما إذا كان قادرًا على تجاوز أخطاء الماضي ورسم مستقبل قائم على الشراكة لا الإقصاء.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا