آخر الأخبار

الجيش الوطني الشعبي: عندما تتحول الحصيلة الأسبوعية إلى مقياس لأمن الدولة وفاعلية الردع

شارك
بواسطة رفيق شلغوم
مصدر الصورة
الكاتب: رفيق شلغوم

_ تقرير تحليلي

الجزائر الآن – في أعماق الصحراء، هناك نوع نادر من النخيل لا يُثمر إلا إذا ضربته العواصف، ولا تنمو جذوره إلا إذا قاومت الجفاف. يبدو للعين أنه ساكن، لكنه في الحقيقة مستنفر في كل لحظة، يستشعر الخطر من عمق الرمال… فيتجذر أكثر.

كذلك هي الدول… لا تستقر بالسكينة وحدها، بل بالحذر المستمر، والردع الصامت، والعمل الذي لا يُرى. والجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، هو هذا الجذر الخفي… لا يظهر في الضوء، لكنه يمسك بالأرض كلها كي لا تهتز.

الحصيلة الأسبوعية التي أعلنت عنها اليوم الأربعاء ،وزارة الدفاع الوطني ، ليست مجرد أرقام أمنية، بل شهادة على يقظة وطن، واحتراف جيش يُدرك أن حماية السيادة تبدأ من التفاصيل الصغيرة… قبل أن تتفجر الأخطار الكبيرة.

■ تسليم إرهابي وتحييد التهديدات الخفية

مصدر الصورة

أولى مؤشرات الحصيلة كانت لافتة: استسلام الإرهابي المسمى “لنصاري أحمد” المدعو “الهبلة” للسلطات العسكرية بأدرار، في الناحية العسكرية الثالثة.

هذا التطور لا يُقرأ فقط من زاوية أمنية ميدانية، بل يعكس الانهيار المعنوي لما تبقى من الجماعات الإرهابية المتناثرة، التي باتت تفتقر إلى الحاضنة الشعبية، وتعاني من شلل استراتيجي بفعل الطوق الأمني المحكم.

سألت أحد المختصين في الشأن الأمني عن دلالات هذا التطور، فكانت إجابته كالتالي:
“عندما يسلّم الإرهابي سلاحه، فهذا يعني أن الأرض ضاقت به، وأن يد الوطن كانت أسبق من رصاصة الكراهية.”

■ الكوكايين… العدو الصامت الذي لا يتسلل من البحر فقط

الرقم الأخطر في الحصيلة كان إحباط محاولة إدخال 50 كلغ من مادة الكوكايين عبر الساحل الغربي للبلاد.

هذا الحدث يكشف، بحسب مختصين، أننا أمام نمط جديد من الحروب: حرب ناعمة، عابرة للحدود، تستهدف المجتمع الجزائري بالإدمان والإفساد، بدلًا من السلاح والمتفجرات.

لكن الرد كان حازمًا؛ فقد نفذت وحدات الجيش عمليات متزامنة في تندوف وبشار وعين قزام، بالتنسيق مع أجهزة الأمن والجمارك، ما يدل على وعي المؤسسة العسكرية بأن حماية العقول لا تقل أهمية عن حماية الحدود.

■ الهجرة غير الشرعية: إنقاذ لا قمع

مصدر الصورة

في زمن تُتهم فيه جيوش العالم باستخدام القوة المفرطة ضد المهاجرين، جاء تدخل الجيش الجزائري ليبرهن على وجه إنساني مهم. فقد تم إنقاذ 469 حرّاقًا في عرض البحر، في عمليات تحترم المعايير الدولية وتحفظ الكرامة الإنسانية.

رسالة واضحة: الجزائر لا تغلق حدودها، لكنها في الوقت ذاته لا تفتحها للعبث أو الاستغلال.
والجيش الوطني الشعبي هنا لا يردع فقط… بل يُنقذ ويحتوي. لأنه ببساطة: جيش الأمة.

■ ما وراء الأرقام: الجيش كفاعل مجتمعي

الحصيلة لم تتوقف عند الأرقام الأمنية فقط؛ بل شملت تدمير مخابئ، وحجز أسلحة، وتفكيك شبكات تهريب الوقود، وتوقيف مئات المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات إفريقية وآسيوية.

هذه المعطيات تعكس تنوّع التهديدات، لكنها تعكس أيضًا قدرة الجيش الوطني الشعبي على التكيّف، التحرك، والاستجابة عبر كامل النواحي العسكرية للوطن.
وحين تصبح المؤسسة العسكرية جزءًا من نسيج المجتمع، تصبح الحصيلة الأمنية انعكاسًا لحالة وطن، لا مجرد أرقام جامدة.

■ الجيش… صمّام أمان السيادة

ليس من باب المجاملة القول إن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، بات يشكّل اليوم صمّام أمان الدولة الجزائرية.

في كل أسبوع، يُصدر هذا الجيش حصيلة ليست مجرد بيان صحفي، بل تقرير حالة، ورسالة ردع، وإثبات حضور.

وفي منطقة تتزايد هشاشتها من ليبيا إلى الساحل، تبقى الجزائر، بفضل جيشها، حصنًا صامدًا ومؤسسة متماسكة، تراكم الخبرة، وتدع الميدان يتحدث والتاريخ يشهد.

■ الخلاصة: الاستقرار يبدأ من الميدان

إن استقرار الجزائر اليوم لا يُقاس فقط بالمؤشرات الاقتصادية أو السياسية، بل أصبح مرهونًا بمدى فاعلية مؤسستها العسكرية في التعامل مع التحديات غير التقليدية.

الجيش الوطني الشعبي، كما أكدت حصيلته الأخيرة، لا يكتفي بردّ الفعل… بل يبادر بالفعل، يصنع الطمأنينة، ويؤمن الاستقرار من خلال يقظته، واحترافيته، ووفائه لعقيدة نوفمبر.

وكما قال الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي:
“ سيظل الدرع الواقي والحصن الحصين الذي تتكسر عليه كل المؤامرات.”

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا