الجزائرالٱن _ سجّلت الجمارك الفرنسية تراجعًا حادًا في قيمة الصادرات نحو الجزائر خلال السنة الماضية، حيث انخفضت بنسبة فاقت 24%، في مؤشر يتجاوز البعد التجاري، ليكشف عن تحوّلات أعمق تمسّ جوهر العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين .
ويبدو هذا التراجع أكثر وضوحًا في قطاع المنتجات الزراعية، لاسيما القمح، الذي كانت فرنسا توفّره للجزائر بانتظام، بعائدات قاربت مليار أورو سنويًا. غير أنّ الجزائر أوقفت استيراده بشكل كلي منذ صيف 2024، في خطوة فُهمت على نطاق واسع باعتبارها جزءًا من إعادة ترتيب خارطة الشراكات التجارية الجزائرية .
ويرى متابعون أن هذا المنحى الاقتصادي لا يمكن فصله عن السياق الدبلوماسي المتوتر بين الجزائر وباريس، والذي بدأ في التراكم منذ سنوات بسبب ملفات الذاكرة والتصريحات الفرنسية حول الهجرة، وها هو اليوم يجد ترجمته في خيارات اقتصادية أكثر صرامة .
في الجهة المقابلة، تتوسع الجزائر في تعميق علاقاتها التجارية مع قوى دولية أخرى على غرار الصين، وتركيا، وروسيا، ضمن توجه يرمي إلى تقليص التبعية التجارية لفرنسا، ووضع أسس سياسة خارجية مبنية على الاستقلالية والتعددية .
لم يعد الأمر مجرد انخفاض في الأرقام، بل هو انعكاس لتغيير عميق في منطق العلاقات الثنائية. الجزائر، بمواقفها الأخيرة، ترسم ملامح سياسة تجارية سيادية، بينما تجد فرنسا نفسها أمام تحدٍ جديد يهدد الامتيازات التي اعتادتها لعقود، ويجبرها على إعادة تقييم موقعها في معادلة تتغير بسرعة .