في جريمة تكشف مجددًا وحشية ودموية نظام بشار الأسد، تم الكشف عن وثائق رسمية تثبت إعدام الدكتور محمد خلدون محمد مكي الحسني الجزائري، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري، داخل سجن صيدنايا الدموي في سوريا، بأمر شخصي من رأس النظام السوري نفسه.
والوثائق التي جرى تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل، صادرة عن وزارة الداخلية السورية، وتحمل توقيع بشار الأسد، وتثبت دخول الشهيد إلى السجن عام 2012، مع تنفيذ حكم الإعدام عام 2015، بإشراف مباشر من مدير مكتب الأمن القومي آنذاك، علي مملوك.
ولم يكن الشهيد خلدون، حفيد بطل المقاومة الجزائرية ومؤسس الدولة الحديثة، فقط طبيب أسنان متخرج من جامعة دمشق، بل كان أيضًا عالمًا موسوعيًا، فقيهًا مالكيًا، وقارئًا للقرآن الكريم بإجازة في القراءات العشر، وباحثًا في التاريخ الإسلامي، كما عرف بموقفه الصلب ضد الاستبداد والفساد، ما عرضه للاعتقال مرتين، أولاها عام 2008، ثم الأخيرة عام 2012، حين تم اقتياده إلى جهة مجهولة، قبل أن يعدم بقرار سياسي لا يمت للقانون ولا للعدالة بصلة.
والخبر الذي أكده بيان صادر عن مؤسسة الأمير عبد القادر الجزائري، عبر الناطقة باسمها آسيا زهور بوطالب، اعتبر جريمة بحق الذاكرة الوطنية الجزائرية، وبحق كل مناضل شريف، لارتباط الشهيد بنسب مباشر لأحد أعظم رموز الجزائر.
وكان الشهيد الذي ولد في دمشق عام 1970، بمثابة صلة وصل بين الإرث المقاوم لأجداده والواقع العربي المأزوم، ورفض أن يكون شاهد زور على طغيان بشار الأسد، فدفع حياته ثمنًا لموقف حر، بعدما منع من الخطابة والتدريس، وحوكم عسكريًا في محاكمة صورية انتهت بقرار إعدامه.
إن العار اليوم لا يلحق فقط بنظام الأسد، الذي قتل شعبه بالكيماوي والبراميل والسجون، بل يمتد إلى كل من سانده وسكت عن جرائمه. أما الأمير عبد القادر، فرغم مضي قرن ونصف على وفاته، لا تزال ذريته تدفع ثمن الشرف والكرامة.
@ آلاء عمري