الجزائرالٱن _ تعود صناعة الآلات والمعدات الموجهة لقطاع السيراميك في إسبانيا إلى السوق الجزائرية، مستفيدة من استئناف العلاقات التجارية بين الجزائر وإسبانيا، ومن الطفرة الإنتاجية التي يشهدها هذا القطاع في البلاد. وقد نقل موقع Castellón al Día التابع لصحيفة El Mundo عن رئيس جمعية مصنّعي معدات السيراميك الإسبانية (ASEBEC)، جوزيب ميكيل، تأكيده على هذا التوجه، كما أكدته أيضًا مصادر من هيئة التجارة الخارجية الإسبانية (ICEX)، التي تنظم مع الجمعية جولة تقنية في مدينتي سطيف وباتنة الجزائرية لاستكشاف الفرص التجارية التي يتيحها هذا السوق المتنامي في مجال إنتاج البلاط.
ووفقًا لمصادر ICEX، ستقام هذه الجولة في الفترة ما بين 25 و29 ماي، حيث “سيزور المشاركون خلال خمسة أيام قلب صناعة السيراميك والبلاط في الجزائر، والمتمثل في ولايتي سطيف وباتنة، حيث ستُعرض منتجات الشركات الإسبانية أمام الفنيين في كبرى المصانع الجزائرية”.
وتؤكد ICEX أن “العلاقات التجارية بين الجزائر وإسبانيا تشهد منذ نوفمبر 2024 تطورًا سريعًا، وتسعى الشركات الإسبانية في 2025 إلى استعادة موطئ قدمها في السوق الجزائرية واكتشاف فرص جديدة في ظل الإطار التنظيمي الجديد وسياسة التصنيع المعتمدة في الجزائر”.
وتشمل الجولة التقنية عروضًا تقديمية أمام التقنيين في سطيف وباتنة، إضافة إلى اجتماعات ثنائية وجلسات تواصل مهني (Networking) بعد العروض. كما ستُنظّم زيارات جماعية للمصانع لصالح المشاركين الذين لا يملكون جداول خاصة، مع توفير تنقلات موحدة داخل الجزائر.
ومن المنتظر أن يرافق جمعية ASEBEC خبير من المعهد التكنولوجي للسيراميك (ITC)، والذي يقدم دعمًا مستمرًا للشركات من حيث الدراسات والتكوين والاستشارات التقنية، كما سيقدّم محاضرة تعريفية بالمركز وخدماته.
يُذكر أن الحظر التجاري الذي فرضته الجزائر على إسبانيا في جوان 2022 شكّل ضربة قوية لصناعة السيراميك الإسبانية، خصوصًا قطاع الفريت والمينا والألوان الخزفية والمعدات، حيث كانت الجزائر من أبرز زبائنها في مجال التصدير.
وتتزامن بعثة ASEBEC إلى الجزائر مع مرحلة توسع لصناعة السيراميك في هذا البلد. ووفقًا لـ ICEX، فإن الصناعة الخزفية الجزائرية شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بوجود حوالي 40 شركة تنشط في القطاع، وإنتاج سنوي يقدّر بحوالي 200 مليون متر مربع.
تتركز الصناعات الخزفية بشكل رئيسي في سطيف وباتنة، وأيضًا في برج بوعريريج والجزائر العاصمة وتيبازة بدرجة أقل. وتتوفر الجزائر على مواد أولية مثل الكاولين والطين الأحمر، مما يسهّل الإنتاج المحلي، رغم أن القطاع لا يزال يعتمد على استيراد الفريت والمينا والأحبار والكاولين عالي الجودة، والمعدات التقنية، حسب المصدر ذاته.
وتدعم الحكومة الجزائرية قطاع السكن بشكل كبير، وخصصت في ميزانية 2024 نحو 319.600 مليار دينار جزائري (ما يعادل 2.3 مليار دولار) لبناء المساكن، ما يمثل 2.3% من الميزانية العامة و61% من ميزانية وزارة السكن والعمران والمدينة.
ومنذ 2020 حتى 2024، شيدت الجزائر نحو 1.5 مليون وحدة سكنية، ومن المرتقب أن تُطلق برامج لبناء 1.4 مليون وحدة إضافية خلال السنوات الخمس المقبلة، مع رصد ميزانيات هامة لهذا الغرض. وقد ساهم النمو الاقتصادي (4.1% في 2023 و3.8% متوقعة في 2024)، وتراجع التضخم (من 9.3% إلى 5.1% متوقعة)، في خلق مناخ مناسب لسوق العقارات، خاصة في العاصمة الجزائر، حيث تشهد المنطقة طلبًا مرتفعًا على السكن نتيجة النمو السكاني والتوسع العمراني السريع.
كما أن دخول منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AFCFTA) حيّز التنفيذ، والتي تُعد من أكبر مشاريع التكامل التجاري في العالم، سيسهّل على المصنعين الجزائريين الوصول إلى سوق يضم 1.3 مليار مستهلك، ما سيجبرهم على رفع قدراتهم الإنتاجية. وتُشير بيانات Ceramic World Web إلى أن الطلب الإفريقي على البلاط والسيراميك سيرتفع من 1.47 إلى 1.97 مليار متر مربع بين 2023 و2028. وتُعد الجزائر ثاني أكبر منتج للسيراميك في إفريقيا بعد مصر (400 مليون متر مربع)، مما يجعلها من المستفيدين الرئيسيين من هذا النمو.
الصين تضاعف صادراتها من معدات السيراميك للجزائر خلال فترة الحظر
وخلال فترة الحظر التجاري بين الجزائر وإسبانيا، أصبحت الصين المزوّد الرئيسي لمعدات صناعة البلاط في الجزائر، حيث بلغت حصتها السوقية 36%، بإجمالي صادرات بقيمة تقارب 54 مليون أورو سنة 2024، بحسب تقرير ICEX حول “صناعة البلاط في الجزائر”.
ووفقًا للتقرير، فإن الصين كانت قد صدّرت معدات بقيمة 11.1 مليون أورو إلى الجزائر عام 2021، لترتفع إلى 54 مليونًا في 2024، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف في ظرف ثلاث سنوات. في المقابل، سجّلت إسبانيا صادرات بقيمة 4.7 مليون أورو سنة 2020، ثم تراجعت إلى 3.6 مليون أورو في 2021.
ويُعد كل من الصين وإيطاليا أبرز موردي المعدات للجزائر في السنوات الأخيرة، حيث استفادت بكين من فترة القيود المفروضة على الشركات الإسبانية ما بين 2022 و2024، ما دفع الشركات الجزائرية إلى البحث عن شركاء تجاريين بديلين، وفقًا لتقرير ICEX.