_ مقال رأي
الجزائر الآن _ إذا كان المفكر و الكاتب و وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق الشهير ” هنري كيسنجر “يعرف الديبلوماسية الخارجية بتعريف بسيط و دقيق و هي” فن ضبط الأولويات“. فإنني أسمج لنفسي بأن أستعير منه هذا التعريف، لأقول بأن تعريف “السياسية الداخلية” في هذه المرحلة بعدد من البلدان الافريقية والعربية بما فيها “ الجزائر” هي أيضا” فن ضبط الأولويات” .
أقول هذا الكلام و أنا أتابع باهتمام تحركات وتصريحات عدد من وزراء حكومة “ نذير العرباوي“.
ولاحظت بأن هناك “رغبة” لدى عدد من وزراء قطاعات “ القوة الناعمة” في تحريك ما يمكن تحريكه، للعب الدور المطلوب في مثل هكذا ظروف وحالات .
لاحظت وزراء يتحركون وآخرون يتفرجون !!
بمعنى، لاحظت هناك رغبات ، و محاولات ، وطموحات وفي مرات قليلة ” قرارات” لتحسيس الجبهة الوطنية بالأخطار الحقيقية التي تهدد البلاد .
وعلى رأس هذه التهديدات :
1 ـ تهديد الأمن القومي للوطن
2 ـ تهديد وحدته الترابية
3 ـ تهديده من الداخل ،و ذلك بمحاولة ضربه عن طريق تشجيع ودعم الخطاب العنصري و ترويج خطاب الكراهية بين مناطق و حتى ولايات الوطن الواحد .
وحسب ما لاحظت ،فإنه هناك تحركات جدية من طرف عدد من وزراء قطاعات القوى الناعمة للعب دورها على أكمل وجه ، خاصة من طرف وزارتي الاتصال و الرياضة وحتى “الشباب” تحاول .
ورغم إتفاقي مع الشكل و إختلافي في بعض نقاط “المضمون” ( وليس كله) .
أو بتعبير أصح كيفية تنفيذ “القول” حتى يصبح “فعل” . وذلك راجع لأسباب شرحتها لأحد الوزراء المحترمين كنت في مكتبه الأسبوع الفارط .. وهو مشكور على الدعوة و حفاوة الاستقبال .( ولا أعتقد بأن المقال مناسب لنشرها و شرحها لعدد من الاعتبارات) .
غير أنه، لا بد لي، أن أشيد بهذه المتابعة و الجهد والمحاولة و الطموح و الارادة في وضع” قطاعات “تمثل القوى الناعمة ، قاطرة للدفاع عن الوطن، جنبا إلى جنب مع وزارتي الدفاع و الخارجية .
وهنا ،لابد لي أن أستحضر إجابة الأمين العام الأسبق للجامعة العربية” عمرو موسى” خلال حوار أجراه منذ شهرين مع إحدى القنوات العربية ،عندما سأل عما يراه مناسبا لبناء الدول العربية ؟
فقال “بأن الدول تبنى من الداخل و ليس من الخارج”.
و أضاف ، ” بأنه لا توجد “قوة عربية” بل توجد” قوة ثراء” و ليست “قوة إقتصاد”
و أن ما يجري الآن ببعض الدول العربية هو “محاولات” لم تظهر نتائجها بعد .
ولذلك لا بد لي من طرح سؤال واضح وصريح على السيد المحترم وزير الثقافة والفنون : أين قطاع الثقافة و الفنون من كل ما يحاك ضد الوطن ! ؟
ـ أين دور القوة الناعمة للقطاع مما يحاك ضد بلدنا ؟ .
ـ أين الانتاج السينمائي و التلفزيوني و المسرحي الذي يتحدث على هذه التحديات ؟
ـ لا يوجد.. لا فيلم.. ولا مسلسل تلفزيوني واحد !!
ـ لا يوجد.. لا فيلم ..ولا مسلسل سينمائي واحد!!
لا يوجد ،حتى مسرحية واحدة !!
ـ ولا ندوة واحدة، سمعت أن وزارة الثقافة والفنون نظمتها وجمعت المثقفين للحديث على هذا التحدي !!
ـ ولا ندوة واحدة، جمعت الفنانين لتحسيسهم بهذا التحدي ..وتشرح لهم الدور الجديد المطلوب منهم !!.
أسمع أغاني للأندية الرياضية و المنتخب الوطني ..
ولم أسمع لحد الساعة أغنية واحدة تتغنى بالوطن صنعت الحدث !!
ولا ولا و لا ..بمعنى صفر إنتاج ..وكأن القطاع غير معني بكل هذه الأخطار و التحديات .
الرهان الحالي” داخلي” قبل أن يكون “خارجي” ، لذلك وجب على كل “القطاعات” أن تضع في أولوياتها” الأمن القومي” و “الوحدة الوطنية” ، قبل أي تحدي أو إنجاز، مهما كان .
ولا يجب أن يقتصر الدور على وزارات الدفاع و الخارجية ، الاتصال .
أخيرا ..لا بد من القول بأن العبرة بالنتائج ..و أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي ..وهو حال وزارة الثقافة والفنون .. فحتى القطاعات الأخرى ،و ان كانت تمتلك “تصورات” فإن العبرة بتحويلها إلى “قرارات” وتطبيقها فوق أرض الواقع .
لذلك ،فأنا لا أتحدث و لا أرافع لكثرة الاجتماعات و لا الاحتفالات ولا الندوات كما قد يضن البعض ، و إن كانت مطلوبة ومهمة .
لكن الأهم من كل هذا هو “التطبيق” ، وهو ما سيسجله التاريخ و يحفظه الأرشيف .
رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” لا يترك تقريبا أي مناسبة ليشرح و يوضح وينبه و يحسس ويؤكد على الأخطار و الرهانات..
الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني الفريق أول “ السعيد شنقريحة” رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي ، هو أيضا ،و بالبدلة العسكرية لا يفوت أي فرصة ليشرح ويوضح و ينبه و يحسس ..
ومؤخرا مدير المخابرات الخارجية العميد “موساوي رشدي فتحي” ببدلة رسمية خرج أمام عدد من وسائل الاعلام الوطنية، هو الآخر ،حتى يشرح و يوضح و ينبه ويحسس .
و بالتالي السؤال هنا : ماذا ينتظر الدكتور المحترم “زوهير بللو ” وزير الثقافة و الفنون !؟
الكاتب : رفيق شلغوم ، مؤسس ،ومدير صحيفة “الجزائر الآن” الالكترونية، وكاتب مقال “رأي” بعدد من الصحف العربية