ودّعت الجزائر اليوم، إحدى أيقوناتها الفنية الخالدة برحيل عميدة الأغنية التارڨية وسفيرة فن التندي بادي لالة، التي فارقت الحياة بمستشفى تيزي وزو بعد صراع مع المرض، تاركة وراءها إرثا ثقافيا وموسيقيا يصعب تعويضه.
لم تكن بادي لالة مجرد فنانة تقليدية، بل كانت صوت الصحراء العميق، ورمزا من رموز الثقافة التارڨية الضاربة في جذور التاريخ.
بصوتها المميز وطبوعها الصحراوية الأصيلة، استطاعت أن تسافر بالأغنية التارڨية إلى العالمية، جاعلة منها مرآة لثقافة شعب عريق ومقاوم. حملت الراحلة هم الهوية الثقافية في زمن العولمة، ورفضت الانصهار في موجة التكرار، فحافظت على أصالة فن التندي وأعادته إلى الواجهة بروح معاصرة وأداء مبهر.
وقد وصلت بادي لالة إلى ذروة التألق العالمي سنة 2011، حين توجت بجائزة “غريمي أوارد” لأفضل ألبوم موسيقي عالمي عن ألبومها “تاسيلي”، وهو عمل فني استثنائي جمع بين الروح الصحراوية والنفس الموسيقي العالمي، وتعاونت فيه مع أسماء دولية بارزة، مما منح الأغنية الجزائرية موقعا مشرفا على الساحة الفنية الدولية.
لم تكن بادي لالة فنانة فقط، بل كانت صوت امرأة “تارقية” متمردة على الصمت، ناشرة لرسائل السلام والحب والتقاليد، ومدافعة عن التراث الذي كاد أن ينسى. صعدت من الكثبان الرملية لتغني في أكبر المسارح العالمية، وبقيت رغم كل المجد وفية لجذورها ولغتها وثقافتها.
وتفقد الحزائر وجنوبها الكبير برحيلها، سيدة من سيدات الفن النقي، وركيزة من ركائز الهوية الثقافية التي قاومت الزوال لعقود طويلة.
وكتبت بادي لالة اسمها بماء الذهب في سجل الفنانين الذين لا يرحلون، بل يظلون خالدين بأعمالهم وإرثهم وتأثيرهم الذي لا يمحى.
@ آلاء عمري