يثار الكثير من الكلام ويسال الكثير من الحبر في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية ومختلف وسائط الاتصال الجماهيري والتواصل الاجتماعي، ما يتعلق باستفادة الكاتب المتهم بوعلام صنصال المزدوج الجنسية الجزائرية والفرنسية من عفو رئاسي، وذلك بعدما أصدرت في حقه محكمة الدار البيضاء بالجزائر العاصمة حكما قضائيا بالحبس النافذ لمدة خمس سنوات وبغرامة مالية تقدر بخمسمائة ألف دينار جزائري مع مصادرة المحجوزات.
وإن كان هذا الحكم القضائي الصادر في حق المتهم، وإن كان لا يجوز التعليق على الأحكام القضائية، لأنها تصدر باسم الشعب وبكل حرية واستقلالية، فقد أثار الكثير من الجدل بين التأييد في الجزائر والتنديد في فرنسا خاصة، حيث راحت باريس منذ البداية تندد بتوقيف الكاتب المتهم بوعلام صنصال من طرف السلطات الجزائرية وتطالب بالإطلاق الفوري لسراحه بحجة أنه مواطن فرنسي يحمل الجنسية الفرنسية التي منحه إياها الرئيس الفرنسي !!!..
ولقد سبق صدور الحكم القضائي في حق المتهم بوعلام صنصال تصعيد سياسي ودبلوماسي وإعلامي خاصة من الجانب الفرنسي ولاسيما على مستوى وزيري الخارجية والداخلية إلى درجة الابتزاز والتهديد، وهو ما رفضته الجزائر جملة وتفصيلا والتي راحت تعالج رد الفعل الفرنسي بندية جعلت باريس تفقد عقلها وصوابها، حيث أنها لأول مرة تصدم أمام الأمر الواقع الذي فرضته الجزائر على فرنسا وبكل سيادة رافضة كل أشكال الوصاية التي تؤكد أن فرنسا مازلت لم تتحرر بعد من عقدتها الاستعمارية!!!…
إن المرسوم الرئاسي الذي يحمل الرقم 406/24 والذي وقعه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يوم 25 ديسمبر من العام 2024م والذي نشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية والذي يتضمن إجراءات العفو الرئاسي عن الأشخاص المحبوسين وغير المحبوسين، فإنه يعفي المتهم المحبوس بوعلام صنصال من الاستفادة من العفو الرئاسي بمقتضى هذا المرسوم الرئاسي الذي يحدد الشروط التي تتوفر في الأشخاص الذين تنطبق عليهم تدابير العفو الرئاسي.
لقد استثنى المرسوم الرئاسي من العفو الرئاسي المدانين بتهم الخيانة والتجسس وبجنج وجنايات الاعتداءات والمؤامرات ضد سلطة الدولة وسلامة ووحدة أرض الوطن أو بتلقي أموال للدعاية من مصدر خارجي أو تلقي أموال أو هبة أو مزية من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عمومية أو خاصة أو أي شخص طبيعي أو معنوي داخل الوطن أو خارجه قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها وسيرها العادي أو بالوحدة الوطنية أو بالسلامة الترابية أو بالمصالح الأساسية للجزائر أو بالأمن والنظام العموميين أو التحريض على ذلك!!!…
يجدر الذكر والتذكير، أن المتهم بوعلام صنصال كان قد حكم عليهم وفق منطوق الحكم بجنحة المساس بوحدة الوطن وإهانة هيئة نظامية وبالقيام بأفعال من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني وكذلك بحيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني بالإضافة إلى تهمة الإهانة والقذف ضد مؤسسة الجيش الوطني الشعبي وكذلك بتهم الترويج للأخبار الكاذبة والتي من شأنها المساس بالأمن وبالنظام العمومي والأمن العام.
إن الحالمين بالعفو الرئاسي من الجانب الفرنسي على الكاتب بوعلام صنصال سوف يصطدمون القانون الجزائري وخاصة المرسوم الرئاسي الذي يحدد إجراءات العفو الرئاسي عن المحبوسين المحكوم عليهم بجنحة المساس بالوحدة الوطنية والترابية وغيرها من التهم ذات الصلة، ولقد راح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ البداية يطالب الجزائر بالإطلاق الفوري لسراحه ويقول في البداية إن الجزائر تسيء إلى سمعتها بعدم إطلاق سراح الكاتب (الفرنسي الجزائري) بوعلام صنصال وبعدما صدر الحكم القضائي ها هو يتودد إلى الجزائر إلى درجة التوسل حيث عبر عن أمنيته في أن يستعيد حريته وراح يقول: أعلم أنه يمكنني الاعتماد على الحكمة والإنسانية لدى السلطات الجزائرية لاتخاذ مثل هذا القرار. وعلى العكس من ذلك وعلى ما يبدو فإن إيمانويل ماكرون بأمنيته في بوعلام صنصال وإن كان يسعى إلى تجاوز سلطة القضاء الجزائري، يكون قد نسي ما كان يقول قبل ذلك عندما كانت السلطات الفرنسية قد اعتقلت المواطن الروسي بافيل دوروف صاحب تطبيق تلغرام والذي يمتلك الجنسية الفرنسية إلى جانب الحنسية الإماراتية، حيث طالبت وزارة خارجية الإمارات حكومة باريس بإطلاق سراحه، إذ رد بالقول:
لا وجود لأي دوافع سياسية وراء إلقاء القبض على مؤسس تطبيق تليغرام في فرنسا، وأن التوقيف يأتي في إطار تحقيق قضائي وأن القضاء الفرنسي هو الذي سوف يبتّ في الأمر !!!…
ها قد بت القضاء الجزائري في الأمر، وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان، فلا عفو رئاسي ولا هم يحزنون، وما العفو الرئاسي إلا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ولسوف يلبث بوعلام صنصال في السجن بضع سنين!!!…