آخر الأخبار

محي الدين عميمور يكتب "للجزائرالٱن": هل تم بيع "الماتش" ?!! 

شارك
بواسطة كتب "للجزائر الآن " محي الدين عميمور
كاتب جزائري شغل منصب مدير للإعلام في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين و وزير للإعلام والثقافة في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة
مصدر الصورة
الكاتب: كتب "للجزائر الآن " محي الدين عميمور

الجزائرالٱن _ عندما بدأت رائحة الإعداد لقمة عربية “تفوح” في الجو، وكأنها رائحة جثة فأر ميت متعفن، وعلى ضوء ما تلمستُه حولي من زفرات وصرخات، كتبت أقول متسائلا ما إذا كنا نعيش مؤامرة صهيو- أمريكو- عربية يتم التآمر فيها، لا على القضية الفلسطينية فحسب بل على الوطن العربي والعالم الإسلامي.

وفي الوقت الذي تجمعت فيه أوربا حول “زيلنسكي” مباشرة في اليوم التالي للمسرحية الحقيرة التي نظمها “الكاوبوي” ونائبه وصحافييه في البيت الأبيض لإهانة الرئيس الأوكراني في عملية لم يعرف العالم أحقر منها رحت أتساءل كيف أن القمة العربية “الطارئة” جرى تأخيرها بشكل أثار السخرية من حملة ألقاب مملكة في غير موضعها، كما قال الشاعر الأندلسي الذي يبدو وكأنه كان يتنبِأ لحالنا اليوم.

وتزايد الظن في أن تأخير القمة العربية “الطارئة” هو خطوة نحو تنفيذ إرادة الرئيس الأمريكي المعبر عن أهداف السفاح الصهيوني، خصوصا عندما تصاعدت التصريحات الرسمية لقيادة “الجائحة” العربية تدعو المقاومة الفلسطينية، وحماس على وجه التحديد، إلى التنحي عن مسؤولياتها القيادية في غزة، وأن تلقي أسلحتها وتكشف أنفاقها وتترك المجال لمن تأكد تواطؤهم مع الكيان الصهيوني، ممن لم يترددوا في اتهام حماس بكل نقيصة.

ونقرأ نكتة، وكنت أرجو أن تكون كذلك، عن طلب بلد عربي للمقاومة بأن تسلم سلاحها لتحتفظ به هذه الدولة، في الحفظ والصون، إلى أن يتم تعمير غزة، وكأن المقاومة لا تعرف أن نفس هدا حدث مع دخول الجيوش العربية إلى الأرض الفلسطينية في 15مايو 1948، وكان بداية الانتصار الصهيوني..

وهكذا، كما سبق أن قلت، تبرز ملامح تآمر خبيث لتنفيذ المخطط الذي يتجاهل أن المقاومة الفلسطينية وَعَتْ دروس الصراع مع العدو الإسرائيلي منذ الثلاثينيات، وأصبحت تلتزم بكلمات نزار قباني .. “بارودتي هي القضية”، وأن رجال “السنوار” أدركوا النتائج الكارثية لعمليات نزع السلاح التي فُرِضتْ على الشعب الفلسطينية منذ نكبة 1948، والتي اقترنت بعمليات تهجير واسعة النطاق، لم تغب عن ذاكرة رجال المقاومة الذي أدركوا أن من يغادر أرضه لن يعود لها أبدا.

وإعدادا للقمة بدأنا نعيش حملات إعلامية تبعد الأنظار عن تقاعس القيادات العربية في دعم الصمود الفلسطيني بل وعن دعم البعض للكيان الصهيوني، وتتستر على الاستجابة الذليلة للصفقة الأمريكية الصهيونية التي سوف تقول، بكل وقاحة وصفاقة، للجماهير العربية والإسلامية ولكل الأحرار في العالم أن عرقلة التعمير ونجاح التهجير هو نتيجة لتصلب المقاومة ولعناد حماس، وهو ما ينسجم مع ما قاله الأمين العام لتكية ميدان التحرير، الذي كان عليه أن يستقيل من منصبه قبل عام ونصف على الأقل متعاليا على إغراء المرتب والامتيازات، ومتذكرا كلمات سيد المرسلين:

“تَعِسَ عَبْدُ الدينار، تَعِسَ عَبْدُ الدرهم (..) طُوبَى لعبدٍ آخذ بعِنَانِ فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مُغْبَرَّةً قدماه”، صدق رسول الله.

ولتتأكد عناصر المؤامرة تأتي هجمة إعلامية لصحفيٍ مكلفٍ بمهمة، أشار، وهو من لا ينطق عن “الهوا”، إلى الخطوط العريضة التي ستطرحها قمة القاهرة.

قال الرجل بوضوح أنه “لا يوجد أعمار لقطاع غزة بوجود وبقاء حركة حماس”، وأن “التعمير دون تهجير مرتبط أساسا بأن تكون لمن يدفع الأموال”، موضحا أن “من سيعمر القطاع سيكون صاحب القرار فيه، وإذا رفضت حماس الأمر فلتأتي (فلتأتِ) بأموال التعمير من المرشد الإيراني (طبعا، لا بد من التشفي في إيران) ولتقوم (ولتقُمْ) هي بالإعمار وتتولى قيادة غزة، ومن يتولى غزة عليه أن يتحمل مسؤوليته، ولا يمكن أن تتخذ أنت القرار وأدفع أنا الفاتورة”.

أخطر من ذلك مما جاء في “قيئ” الإعلامي المعروف وأكثر سوءا كانت محاولة تحريض أهل غزة ضد المقاومة بالقول: “إذا فضّلت حماس السلاح فعليها أن تواجه جمهورها البالغ 2.1 مليون فلسطيني يبحثون عن أكل وشرب وصرف صحي.”.

في هذا الجوّ الملوث بدأ الإعداد للقمة بشكل سرّي لم يعرفه التاريخ، فبدا الأمر وكأنه ممارسة للخطيئة نهار الجمعة اليتيمة من رمضان.

ولعل الأستاذ عبد الباري عطوان قد أحسّ بما كان يغلي في صدورنا فتساءل، بعفته المعهودة، عن سبب “تَغيِيب” أهلنا في الاتحاد المغاربي عن القمم المشرقية، وهو استعمل صيغة “التغييب” وليس “التغيب”، لكي يكون ما كتبه، في تصوري، عتابا مهذبا لاستثناء المملكة المغربية، وعاهلها هو رئيس لجنة القدس، ولوما مبطنا لاستبعاد الجزائر وهي التي تتولى اليوم مهمة العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، بجانب دورها الحيوي في الاتحاد الإفريقي، ولعله كان يشير أيضا إلى التغييب غير المنطقي لموريطانيا التي تصرّ معظم قيادات الوطن العربي على الابتعاد عنها، في تكرارٍ لرفض الاعتراف بها كدولة مستقلة دام نحو عشر سنوات منذ استقلالها في 1961.

ولعلي أضيف إلى ذلك استبعاد عُمان من “القميمة” التي سُمِّيتْ “أخوية”، في حين أن مفتي عُمان كان أقوى الأصوات المعبرة عن مشاعر الشعوب المسلمة، بل وغير المسلمة من غير الإبراهيميين !!، ولا حديث عن من إذا حضروا لا يُستشارون وإذا غابوا لا يُفتقدون.

من هنا قلت سابقا إننا ” نفهم الآن سر الفتور الذي تُحس به شرائح وطنية تجاه القمة العربية (التي أجلت إلى 4 مارس في حين كان يجب أن تعقد قبل ذلك بأسابيع) وقلت بوضوح بأن هناك من يأمل ألا تشارك الجزائر في هذه القمة إلا بمستوًى متدنٍّ من المسؤولين، حتى لا تجد نفسها في وضعية شاهد الزور أمام عملية ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية، ستكون أسوأ مما عرفته الثلاثينيات.

ويبدو أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والذي لم أتشرف بلقائه مطلقا منذ سنوات، تلمس إرادة الجماهير الجزائرية فاتخذ قراره بعدم المشاركة في لقاء قد يصدق عليه التعبير الكروي عن “الماتش الذي تم بيعه”، حيث يبدو وكأن مهمته هي أن يفرض على أهل القطاع بالابتزاز ما فشلت إسرائيل في فرضه بالقتل وبالتدمير.

وجاء خبر عدم المشاركة في بيان لوكالة الأنباء الجزائرية، وليس في بيان لرئاسة الجمهورية، ربما لتكون فرصة لقول ما يتفادى البيان الرسمي، عفة وشموخا، الإشارة له، وجعلتني لوثة تمسكي بالبلاغيات أتحفظ على بعض تعبيراته، بل وأتجرأ وأعترض على تكليف وزير الخارجية بتمثيل الجزائر في القمة تفاديا لأسلوب المقعد الشاغر الذي تتأفف ديبلوماسيتنا من ممارسته.

قال البيان: “يأتي هذا القرار على خلفية الاختلالات والنقائص التي شابت المسار التحضيري لهذه القمة، حيث تم احتكار هذا المسار من قبل مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة المرتقبة بالقاهرة، دون أدنى تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية.

فمصدرنا، يقول البيان، أكد أن السيد رئيس الجمهورية قد حزت في نفسه طريقة العمل هذه التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى، وكأن نصرة القضية الفلسطينية أصبحت اليوم حكرا على البعض دون سواهم، في حين أن منطق الأمور كان ولا يزال يحتم تعزيز وحدة الصف العربي وتقوية التفاف جميع الدول العربية حول قضيتهم المركزية… القضية الفلسطينية، لاسيما وهي تواجه ما تواجهه من تحديات وجودية تستهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني في الصميم.

هذه هي المقاربة التي طالما نادت الجزائر بالاحتكام إليها والاهتداء بها، وبلادنا تواصل تكريس عهدتها بمجلس الأمن للمرافعة من أجل القضية الفلسطينية، صوتا عربيا يصدح بالحق، وصوتا عربيا يدافع عن حقوق المظلومين، وصوتا عربيا لا ينتظر من أشقائه جزاء ولا شكورا، ولكن يتحسر ويتأسف على ما آلت إليه أوضاع وأحوال الأمة العربية”.

وأستأذن أستاذنا فؤاد البطانية في استعادة بعض ما كان قاله للقيادات العربية:

“انتم لستم ضعفاء بل استُضعِفتم لعمالتكم.

اجعلوا من قمتكم القادمة نقطة تحول تاريخية بأجندة كيف تحررون أنفسكم بمواجهة طغيان أمريكا وكابوس ابتزازها وتحقيق أمنكم الجماعي وطنياً وقوميا وتجريم الإنفراد بقطر عربي لتنهضوا (حكاية الثور الأبيض).

أنتم تمتلكون كل الوسائل لتحقيق هذا بإقامة الكتلة العربية الحرجة القادرة بطريقة الاعتماد على تكامليتكم وبناء تحالفاتكم مع الغير على قاعدة تبادل المصالح الوازن وتكافؤ العلاقة.

فوسيلة الضغط الأمريكية هي فرض العقوبات، وهذا السلاح لا يجدي مع التكتلات كالمجموعة العربية عندما تكون ممأسسة ومترابطة باتفاقيات دفاع مشترك ملزمة (أعيد…مُلزِمة) أقلها اقتصادية وسياسية، بل إن لعبة الضغوطات والعقوبات هي لعبة العرب بما حباهم الله به، ومن العار والاستحمار أن تُستخدم ضدهم”.

ولعلي أضيف لما قاله الأستاذ: تعلموا من “زيلينسكي” ومن التفاف القارة الأوربية حوله، وبعد أن فشلتم في الاقتداء بالرئيس الكوري “كيم جنغ أون”، حاولوا، على الأقل، أن تكونوا أوفياء لروح عمر المختار وأحمد عرابي وعبد الكريم الخطابي وعبد القادر بن محيي الدين ومحمد الخامس وفيصل بن عبد العزيز وعبد الناصر وبو مدين وصدام والقذافي وعلى بوتو….ولا أقول هنية والسنوار حتى لا أزعج جماعة الجهاد بالسُنن.

بدون هذا يمكن القول….شاهت الوجوه وتبّت الأيدي وطوقكم العار إلى يوم يُبعثون.

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا