الجزائر الآن ـ في خطوة خطيرة و غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الجزائر وباريس ، أعلن وزير الخارجية الفرنسي “جون نويل بارو”، أمس الثلاثاء، أن بلاده قامت بترسيم تقييدات في حق الحزائريين لحاملي وثائق سفر خاصة، وهو القرار الذي سارعت الخارجية الجزائرية إلى ادانته معتبرة القرار بأنه انتهاك صارخ لاتفاقية 1968.
و أعربت الخارجية الجزائرية اليوم في بيان لها عن “استغرابها و دهشتها إزاء هذا الإعلان الذي لم يتم إبلاغها به بأي شكل من الأشكال مثلما تنص عليه أحكام المادة الثامنة من الاتفاق الجزائري ـ الفرنسي المتعلق بالاعفاء المتبادل من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الديبلوماسية أو المهمة .
كما أضافت الخارجية الجزائرية” بأن السلطات الجزائرية ليست على علم بأي تدابير تقييدية من هذا القبيل باستثناء حالتين تم تسجيلهما في الآونة الآخيرة” .
هذا وقد توعدت الجزائر في ذات البيان بالرد على أي إجراء يضر بمصالحها بتدابير مماثلة وصارمة و فورية مؤكدة في ذات السياق بأن الاعلان عن هذه الاجراءات التي لم يتم ابلاغ الدولة الجزائرية بها معتبرة إياها بأنها تمثل حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الاستفزازات و التهديدات و المضايقات الموجهة ضد الجزائر
و خلفت الاجراءات الفرنسية التي أعلن عنها وزير الخارجية الفرنسي أمس الثلاء موجة من ردود الفعل المدينة ، عبرت عنها الطبقة السياسية بالجزائر وعدد من المتابعين لملف العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية .
ـ ما قامت به فرنسا خرق للأعراف الديبلوماسية
وفي هذا الصدد قالت رئيسة حزب تجمع امل الجزائر “فاطمة الزهراء زرواطي “في تصريح خصت به صحيفة ” الجزائر الآن ” الالكترونية :” ان الخرجة الجديدة لوزارة اوروبا و الشؤون الخارجية لجمهورية فرنسا فيما بخص التدابير التقييدية على التنقل والدخول إلى الأراضي الفرنسية و التي تم اتخاذها في حق الرعايا الجزائريين الحاملين لوثائق سفر خاصة تعفيهم من إجراءات الحصول على التأشيرة ، فيها خرق للاعراف الدبلوماسية التي تقتضي بابلاغ الجانب الجزائري ،
و أبرزت زرواطي ان ثمة سلسلة الاستفزازات التي أصبحت تتعمدها فرنسا ،حكومة و بعض الأحزاب هي محاولات فاشلة ،و من الأجدر على فرنسا الرجوع إلى جادة الصواب و العمل بالاعراف و الضوابط الدبلوماسية اذا أرادت ان تحسن من مناخ العلاقات.
ـ الاجراء الفرنسي يعكس تخبط الاليزي ويؤكد بأن اليمين المتطرف بات هو الموجه الأول لسياسات فرنسا تجاه الجزائر
كما قالت الدكتورة ” عابر نجوى” أستاذ محاضر كلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية لصحيفة “الجزائر الآن” إنه لاشك أن سياسات فرنسا تجاه الجزائر في الآونة الأخيرة إنحرفت من حيث الأداء و التوجيه ، وكما يبدو جليا أن دوائر اليمين المتطرف هي التي باتت الموجه الأول لسياسات فرنسا اتجاه الجزائر ، في الحقيقة سلوك لا يعكس إلا سقوط و إفلاس غير مسبوق و أيضا تخبط الأليزي الذي حرق كل الأوراق لابتزاز الجزائر فلا يملك غير تأشيرة يتيمة علها تكون المخرج أمام حالة التخبط الفرنسي.
و أشارت ” نجوى عابر ” إلى أن قرار التضييق الأخير أولا لم تبلغ به السلطات الجزائرية رسميا كما أنه يخرق بنود الإتفاق الوارد في هذا الشأن ، وفي كل الأحوال كما جاء في بيان وزارة الخارجية الجزائرية فالعلاقات الدولية في مرجعيتها تحتكم إلى مبدأ عرفي يقوم على المعاملة بالمثل و عليه سيكون للجزائر كل الحق و الحرية في تقدير الموقف ثم الرد بالشكل الذي يضمن حقوق المواطنين الجزائريين و سيادة الدولة الجزائرية .
هذا و قد أكدت الجزائر في بيانها” أن الجزائر صارت على ما يبدو محط مشاحنات سياسية فرنسية ـ فرنسية يسمح فيها بكل أنواع المناكفات السياسوية القذرة في إطار منافسة يحرض عليها ويوجهها و يأمر بها اليمين المتطرف “.
و اعتبرت الخارجية الجزائرية أن “هذه الحركية التي تستدرج في سياقها ، ليس فقط القوى السياسية الفرنسية ، بل أيضا أعضاء الحكومة الفرنسية ، سيكون له عواقب غير محسوبة على جميع جوانب و أبعاد العلاقات الجزائرية الفرنسية”.
ـ اليمين الفرنسي المتطرف لم يتقبل تعامل الجزائر بندية مع باريس
وفي هذا الزاوية بالذات، التي تخص أصابع الاتهام التي وجهتها الخارجية الجزائرية لليمين المتطرف الفرنسي ، قال نائب الرئيس منتدي الجزائر المكلف بالعلاقات الدولية والجالية الحزائرية بالمهجر” سعيد بن رقية” في حديثه لصحيفة “الجزائر الآن” الالكترونية ” اكيد ان فرنسا واليمين المتطرف المسيطر على مفاصل الدولة الفرنسية، اساء التقدير الديبلوماسي في حق الجزائر، معتبرا أن اليمين لم يتقبل بعد ندية الجزائر الديبلوماسية، مؤكدا على انه على فرنسا ان تتقبل هذا التغير الاستراتيجي.
كما ذكر ” بن رقية ” بأنه بعد التضييقات تقوم الآن بتشريعات وتقييد الافراد انتهاكت ا لاتفاقية 1968 ، مبرزا ان الجزائر هي من تفرض العقوبات وليس العكس.
ـ مطالب بالغاء تدريس اللغة الفرنسية بالجامعات
أما محمد ذويبي رئيس حركة النهضة فقال في تصريحاته ” للجزائر الآن ” بأن يبدو ان فرنسا تريد مزيدا من الاجراءات
الرامية الى الضغط على الجزائر لغرض ابزازها لمواصلة نفوذها الذي يضمحل يوما بعد يوم في الجزائر ،مضيفا في ذات السياق ” مثل هذه الاجراءات التي يتخذها الجانب الفرنسي يجب ان تقابل بإجراءات مماثلة لفرض التعامل بالندية وتكريس سيادة الدولة الجزائرية ، كما يمكن اتخاذ قرارات جريئة مثل الغاء التدريس بالفرنسية في قطاع التعليم العالي كله. وهو مايحرر الطلبة الجزائريين بحسب ذويبي من عقدة اللغة والتي هي سبب الهجرة الى فرنسا بدل دول أخرى.
محمد ذويبي أردف في ذات السياق بأنه آن الأوان للجزائر ان تتخلص من سرطان فرنسا وعلينا ان نستذكرأيام السبعينات حيث كانت هناك قرارات شجاعة كترك بعض السلع الفرنسية التي كانت موجهة للجزائر مكدسة في ميناء مرسيليا. كما تم وقف بعث العمال الجزائريين الى فرنسا مختتما تصريحاته بالقول بأن كلمات الراحل هواري بومدين بقيت خالدة في ذاكرة الشعب الجزائري حينما قال “كولوا تراب بلادكم وحافظوا على كرامتكم”.