الجزائرالٱن _ يعود الحديث مجددا عن مخلفات فرنسا النووية في الجزائر وآثارها المستمرة إلى يومنا هذا، حيث يؤكد مدير مرصد الأسلحة الفرنسي، باتريس بوفري، أنّ الطلب الذي تقدمت به الجزائر مرات عدة لفرنسا لتطهير المواقع الملوثة هو “طلب مشروع تماما”
وفي تصريح له لوكالة الأنباء الجزائرية، قال بوفري، إنّ “طلب السلطات الجزائرية بتطهير المواقع هو بلا شك مهم ومشروع تماما”، معربا عن أسفه، لكون السلطات الفرنسية لا تتحمل نتائج أفعالها.
وأشار المسؤول الفرنسي، إلى موقف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي دعا فرنسا في خطاب للأمة أمام البرلمان بغرفتيه، شهر ديسمبر الماضي، إلى تطهير المواقع الملوثة جراء التفجيرات النووية.
وقال الرئيس آنذاك: “لا تعطونا الأموال، لكن تعالوا ونظفوا لنا الأوساخ التي تركتموها”، كما أبرز بوفري، أنّ “العائق الرئيسي هو غياب إرادة سياسية لدى السلطات الفرنسية لتحمل نتائج سياستها النووية بشكل ملموس”
وأوضح مدير مرصد الأسلحة الفرنسي، باتريس بوفري، أنّ مشروع قانون مورين لسنة 2010 الذي يهدف من ناحية نظرية، إلى السماح بتعويض ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية، “الغاية الحقيقية منه هي الحد من المستفيدين من التعويضات”
وقال المتحدّث ذاته، إنّ “قانون مورين، الذي سمي باسم وزير الدفاع عند اعتماده في البرلمان، قد حقق للأسف هدفه تماما، أي إعطاء انطباع بمراعاة العواقب الصحية للتفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا، ولكن من خلال الحد قدر الإمكان من عدد المستفيدين من التعويضات”
ولفت بوفري، إلى “الأرقام الضئيلة للأشخاص المستفيدين من التعويضات لا سيما في الجزائر، حيث لم يتم تعويض إلا شخصين فقط”
في هذا السياق، يرى المتحدّث ذاته، أنّه “بالإضافة إلى العمل البرلماني، يمكن للحكومة الفرنسية أن تتّخذ مبادرات بموجب مرسوم بسيط لا سيما على سبيل المثال توسيع قائمة الأمراض التي تعطي الحق في التعويض، أو أيضا تعديل المناطق في الصحراء التي كان يجب على الأشخاص الإقامة فيها حتى يتم قبول ملفاتهم”
مؤلف جديد يسلط الضوء على وحشية الاستعمار
في سياق آخر، تعززت مكتبة الذاكرة الوطنية بإصدار مؤلف جديد بعنوان “الجرائم النووية الفرنسية في رقان …دراسة ميدانية توثيقية”, لكاتبه الباحث عبد الفتاح بلعروسي, أستاذ التاريخ بجامعة أدرار.
ويأتي هذا الإصدار التاريخي المتزامن مع استرجاع الذكرى الأليمة الـ65 للتفجيرات النووية الفرنسية برقان, في إطار الجهود العلمية لإثراء المكتبة التاريخية للذاكرة الوطنية وتسليط الضوء حول هذه الجريمة النووية البشعة التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية بمنطقة رقان في 13 فيفري 1960, من خلال الإحاطة بمختلف ظروف و مراحل وقوع هذه الجريمة النكراء التي استهدفت الإنسان والبيئة, حسب ما أفاد به الأستاذ بلعروسي.
ويتضمن الكتاب عدة فصول تناولت التعريف بمنطقة رقان وإبراز المظاهر السائدة للعيش و الحياة فيها قبيل التفجيرات النووية في مختلف المجالات, ومن بينها الفلاحة والصناعة والتجارة والحركية الاجتماعية بما يدحض أكاذيب وادعاءات الاستعمار الفرنسي بأنّ المنطقة كانت قاحلة و خالية من السكان.
كما عرج الكاتب على الحركة الوطنية في المنطقة خلال الثورة التحريرية المجيدة, من خلال النضال السياسي والنشاط الثوري للجبهة الجنوبية في مجال الكفاح المسلح, الذي أفشل مخططات المستعمر لفصل صحراء الجزائر عن شمالها, وهو ما ولد حقدا في نفسية المستعمر, ترجمه القيام بتلك الجريمة النووية, مستغلا في ذلك الدعاية الإعلامية لتضليل الرأي العام العالمي حول خطورة تلك التفجيرات النووية التي تندرج في إطار إرهاب الدولة.
واستعرض الباحث في ختام هذا العمل الأكاديمي المآسي والويلات التي خلفتها الإشعاعات الناجمة عن تلك التفجيرات النووية وانعكاساتها الخطيرة الظاهرة للعيان, بإثباتات علمية على سلامة البيئة و صحة الإنسان و النبات و الحيوان بالمنطقة.
كما أبرز المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تقع على عاتق الدولة الفرنسية, من خلال اعترافها وتحمل تبعات جرائمها ضد الإنسانية التي ارتكبتها في الجزائر التي
تأبى ذاكرتها الوطنية نسيانها.