الجزائرالآن _ تجنبت وسائل إعلام المغرب أهم القضايا التي ناقشها وزير الخارجية ناصر بوريطة مع نظيره الأمريكي، أنطوني بلينكن، على هامش الاحتفال بالذكرى العشرين لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين وبمناورات ما يسمى بالأسد الإفريقي، واكتفى إعلام المخزن بالحديث عن أهمية الشراكة بين البلدين، وأهم الأحداث الحاصلة حاليا في الشرق الأوسط وليبيا والساحل وأوروبا، فأين موقع أهم قضية، وهي قضية الصحراء الغربية، من لقاء الوزيرين المغربي والأمريكي؟
تجاهل الإعلام المغربي نقل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الخاصة بالأزمة الصحراوية، راجع إلى مضمون تلك التصريحات، والتي لا تلبي غرور المخزن المغربي ، الذي يروج في كل محفل أنّ الولايات المتحدة تركب نفس عربة المخزن، وأنّ قناعة إدارة الرئيس بايدن، هي نفسها قناعة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي نقلها في تغريدة، قدّمت من أجلها الرباط تنازلات كبيرة، ولم تحصد منها شيئا.
وبالعودة إلى تصريحات بلينكن خلال لقائه اليوم بنظيره المغربي، فإنّ كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية، قال بصريح العبارة، أنّ واشنطن “تدعم بشكل كامل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وجهوده الرامية إلى الدفع بمفاوضات تفضي إلى حل سياسي دائم وكريم للصحراء الغربية بدون أي تأخير.”
هذه التصريحات صدمت السلطات المغربية، التي سارعت إلى تبليغ أبواقها الإعلامية بضرورة تفادي نقل الموقف الأمريكي للشعب المغربي، أما الدباب الإلكتروني، فأوكلت له مهمة تحريف تصريحات بلينكن، والتحدث عن دعمه الكامل للحكم الذاتي، وهو الموقف الذي لا تتبناه الأمم المتحدة، ولا حتى الدول الداعمة للمغرب على غرار إسبانيا وفرنسا، اللذين رغم حديثهما عن أطروحة ما يسمى الحكم الذاتي إلا أنّهما يشترطان التفاوض مع ممثلي الشعب الصحراوي. رغم أن هذه الأطروحة المغربية مرفوضة شكلا ومضمونا من طرف الشعب الصحراوي الذي لا مطلب له سوى الحصول على إستقلاله .
يذكر أنّ الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير نُشر له نشر شهر أوت الماضي أعرب عن “قلقه العميق” إزاء تدهور الأوضاع في الصحراء الغربية، داعياً إلى تجنّب “أيّ تصعيد إضافي” في هذه المنطقة المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو.
وفي تقرير أعدّه حول هذه المنطقة بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، كتب غوتيريش “ما زلت أشعر بقلق عميق إزاء تطوّر الوضع في الصحراء الغربية، فهو استمر في التدهور، ويجب علينا عكس هذا الاتجاه بشكل عاجل، وبخاصة لتجنّب أيّ تصعيد إضافي“.
وأضاف أنّ “استمرار الأعمال العدائية وغياب وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو يمثّلان انتكاسة واضحة في البحث عن حلّ سياسي لهذا النزاع الطويل الأمد“.
وندّد الأمين العام بـ”الضربات الجوية وبإطلاق النار على جانبي الجدار الرملي” الفاصل بين الجانبين.
وأضاف أنّ “هذا السياق الصعب يجعل التفاوض على حلّ سياسي لقضية الصحراء الغربية أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى، بعد مرور ما يقرب من 50 عاماً على بدء النزاع“.
ودعا غوتيريش جميع الأطراف إلى التعامل مع المسار السياسي “بعقل متفتح” وبدون “شروط مسبقة“.
وهذا التقرير يغطي الفترة من الأول من جويلية 2023 ولغاية 30 جوان 2024.
كما دعا قبل ذلك مجلس الأمن الدولي أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى “حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يسمح لشعب الصحراء الغربية بتقرير مصيره“.
وتعتبر الأمم المتحدة هذه المنطقة التي تحتوي على ثروات سمكية واحتياطات كبيرة من الفوسفات من “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”.
في وقت أنّ النظام المغربي يسعى في كل مرة إلى تحريف تصريحات قادة ومسؤولي الدول، وحتى بيانات الأمم المتحدة.