في عالم يظن العلماء أنهم رسموا خرائطه جيدا، لا تزال الطبيعة تحتفظ بمفاجآت صغيرة، ونتحدث هنا بشكل حرفي، ففي غابات باردة تتدلى فوق جبال جنوب البرازيل، اكتشف باحثون نوعًا جديدًا من ضفادع اليقطين القزمية.
ستندهش حتما حينما تراه، فهو كائن برتقالي فاقع، لا يتجاوز طوله سنتيمترا واحدا تقريبا، يعيش متخفيا بين أوراق الشجر المتحللة على الأرض، في رقعة جبلية شديدة المحدودية.
الاكتشاف نُشر في دراسة بدورية "بلوس وان"، وجاء مصحوبا بنداء واضح لحماية موطن هذا الضفدع في "سيرا دو كويريري"، وهي منطقة من الغابات داخل بحر من المروج المرتفعة والممتدة إلى حدود البصر، تقع على الحدود بين ولايتي بارانا وسانتا كاتاريناوما البرازيليتين.
في هذه المناطق المعزولة، فإن أي ضغط بشري عن طريق الطرق أو التعدين أو سياحة غير مُنظَّمة، يمكن أن تمثل خطرا كبيرا على هذه الحياة المزدهرة والمنعزلة.
ينتمي النوع الجديد إلى جنس "براكيسيفالوس"، وهي ضفادع نهارية صغيرة جدا تعيش غالبا في فرشة الأوراق داخل بقايا الغابة الأطلسية (منطقة بيئية غنية جداً بالتنوع البيولوجي تمتد على طول الساحل الشرقي لأميركا الجنوبية)، وخاصة في المناطق الجبلية.
هذا الجنس صار مثالا حيّا على أن اكتشاف الأنواع لم ينته بعد، فالدراسة تشير إلى أن للجنس 42 نوعا معترفا به حاليا، وأن 35 نوعا منها وُصف منذ عام 2000، أي أن موجة الكشف المتأخر لا تزال مستمرة، غالبًا لأن هذه الكائنات شديدة الصغر ومحلية الانتشار.
أما لقب "ضفدع اليقطين" فليس مجازا أدبيا فقط، فاللون البرتقالي الصارخ هو السمة التي تخطف العين، وفي حالة الضفدع الجديد، يصفه العلماء بوجود لون برتقالي عام للجسم، مع نقط خضراء وبُنّية صغيرة غير منتظمة.
ولأن هذا الكائن بحجم حبة الفول تقريبا، فقد كان على الفريق استخدام باقة من الأدلة المتقاطعة للتأكد من أنه نوع جديد، بدءا من القياسات الشكلية، التي أوضحت أن طول الجسم تراوح لدى الذكور بين 8.9 و11.3 مليمترا، ولدى الإناث بين 11.7 و13.4 مليمترا.
تلا ذلك البصمة الصوتية، حيث كان الفارق الحاسم عند الذكور هو نداء التزاوج. يصف الباحثون النداء بأنه يتضمن مجموعات نغمية (غالبا نغمتان في المجموعة) مع 1 إلى 4 نبضات لكل نغمة، وهي تفاصيل تستعمل في تصنيف الضفادع تمامًا كما تُستعمل بصمة الصوت في تمييز الطيور.
ثم أضاف الباحثون التصوير المقطعي للعظام، لفحص السمات الهيكلية الدقيقة دون إتلاف العينات.
بعد ذلك، اعتمدت الدراسة على تحليل تسلسلات من الحمض النووي ميتوكوندري، إضافة إلى جينات نووية، للتأكيد على فرادة هذا النوع الجديد، وكذلك بحث صلات القرابة بينه وبين الأنواع الأخرى الشبيهة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة