آخر الأخبار

أول اختبار في الشتاء.. غزة مهددة بالغرق

شارك





غزة – على أعتاب الشتاء الذي يحل ضيفا ثقيلا على الفلسطينيين في قطاع غزة ، يحاول النازحون تثبيت خيامهم المهترئة، رغم معرفتهم المسبقة بأن أياما قاسية في انتظارهم ستتسرب فيها مياه الأمطار من فوقهم، وستغزوها المياه العادمة من أسفلهم.

ويبدو المشهد أكثر قلقا لآلاف النازحين قرب برك تجميع مياه الأمطار مع تحذير البلديات المحلية من فيضانها وغمر المياه الشوارع والمساكن المؤقتة المحيطة بها.

وتزداد المخاوف لدى أكثر من مليوني فلسطيني هذا الشتاء مع تدمير الاحتلال الإسرائيلي البنية التحتية بشكل كامل خلال عامين من العدوان، مع غياب أي إرهاصات لإعادة تأهيلها.

مصدر الصورة نازحون يضطرون للعيش قرب تجمعات مياه الصرف الصحي (الجزيرة)

تدمير البنية التحتية

في محيط بركة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة ، توجد أطنان من الركام إثر العملية العسكرية البرية التي شنها جيش الاحتلال على المدينة مطلع أغسطس/آب الماضي، ودمر على إثرها جميع خطوط الصرف الناقلة للمياه من البركة تجاه شاطئ البحر، مما أدى إلى وصول المياه إلى مستويات غير مسبوقة، يمكن أن تتحول إلى فيضان مع الأيام الأولى لهطول أمطار الشتاء.

ورغم التخوفات التي تبديها الهيئات المحلية، فإن النازحين الذين فقدوا منازلهم لم يجدوا خيارا أمامهم سوى نصب خيامهم في محيطها. وتمثل مدينة غزة، الأكبر بين محافظات القطاع، نموذجا لهواجس الشتاء القادم، حيث يقول المتحدث باسم بلديتها حسني مهنا إنها تعرضت خلال الحرب المدمرة لتدمير واسع في البنية التحتية الخدمية، وصلت نسبته فيها إلى 85‎‎%.

وأوضح للجزيرة نت أن الاحتلال دمّر 4 برك رئيسية لتجميع مياه الأمطار كانت تشكّل منظومة الحماية الأساسية في فصل الشتاء وأثناء تساقط الأمطار على المدينة، لاسيما وأنها كانت تستوعب كميات كبيرة من المياه في أحواضها.

ولفت إلى أن الاحتلال دمّر ما يزيد عن 15 ألف متر طولي من شبكات تصريف مياه الأمطار لوحدها، و180 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، و1600 مصرف من أصل 4400، وألحق أضرارا جسيمة بمحطات الضخ والمعالجة المختلفة.

إعلان

ووفق مهنا، هذا يعني أن نسبة كبيرة من منظومة التصريف في المدينة خرجت عن الخدمة كليا أو جزئيا، مما يجعلها مهددة فعليا بغرق مناطق واسعة في مقدمتها المناطق المدمرة والمنخفضة، وحدوث فيضانات واسعة وطفح للمياه الملوثة مع أول منخفض جوي خلال الشتاء القادم.

مصدر الصورة تحذيرات من كارثة صحية جراء اضطرار نازحين للعيش قرب تجمعات مياه الصرف الصحي (الجزيرة)

احتياجات طارئة

المشهد ذاته يتكرر في مخيم جباليا شمالي القطاع، حيث اضطر النازحون للعودة إلى المناطق المحيطة ببركة أبو راشد المخصصة لتجميع مياه الأمطار والتي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي على الشمال.

وتكشف الإحصاءات، التي حصلت عليها الجزيرة نت من وزارة الحكم المحلي بقطاع غزة، عن الضرر الهائل الذي لحق بالبنية التحتية نتيجة العدوان الإسرائيلي، وأدى إلى انهيارها. فقد دمر جيش الاحتلال أكثر من 700 ألف متر طولي من شبكات المياه، ومثلها من شبكات الصرف الصحي، وما يزيد عن 3 ملايين متر طولي من شبكات الطُرق والشوارع.

وطال الدمار أيضا 725 بئر ماء مركزية وأخرجها عن الخدمة، كما استهدف الاحتلال 134 مشروعا للمياه العذبة، ولاحق مقدمي الخدمة حيث اغتال 4 رؤساء هيئات محلية، وقتل 176 من موظفيها. وبلغت قيمة الخسائر الأولية لقطاع الخدمات والبلديات 6 مليارات دولار.

وحذر القائمون على عدة بلديات في محافظات غزة -في تصريحات منفصلة للجزيرة نت- من احتمال غرق شوارع وأحياء عديدة نتيجة انسداد خطوط التصريف وانهيار أجزاء كبيرة من الشبكات، خاصة في المناطق المتضررة من العدوان، والأماكن المحيطة بالبرك الرئيسية لتجميع المياه والتي تستوعب كميات كبيرة من مياه الأمطار قبل تضررها وتدمير منظومة الكهرباء البديلة بداخلها وأجزاء من الخطوط الناقلة المغذية وخطوط التصريف.

وشددت البلديات على أن أي طفح أو إشكاليات في برك التجميع سيؤدي إلى تدفق المياه الملوثة إلى الشوارع والمنازل والمخيمات المحيطة، مما يشكل خطرا مباشرا على حياة السكان وانتشار الأمراض والتلوث البيئي، خصوصا أن شبكات الصرف الصحي غير قادرة حاليا على التعامل مع كميات إضافية من المياه نتيجة لما لحق بها من دمار واسع.

مصدر الصورة فلسطينيون يتنقلون بين أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمالي قطاع غزة (الفرنسية)

وبحسب وزارة الحكم المحلي في قطاع غزة، فإن الهيئات المحلية تحتاج معدات صيانة متخصصة لإعادة تأهيل شبكات التصريف والصرف الصحي لتجاوز الغرق والأضرار المتوقعة، تشمل:


* خطوط ومواسير بأقطار مختلفة.
* مناهل صرف صحي وأغطيتها.
* مضخات جديدة بقدرات ضخ متفاوتة.
* مواد بناء لتدعيم برك التجميع وإنشاء أسوار حماية لها.
* منظومات طاقة بديلة (مولدات، وألواح طاقة شمسية).
* كميات كبيرة من الوقود لتشغيل محطات الضخ.
* آليات ثقيلة للحفر والنقل وشفط المياه وكسحها وتسليك الخطوط المغلقة.
* مستهلكات مثل البطاريات والزيوت وغيرها. مصدر الصورة تحذيرات من طفح برك تجميع مياه الأمطار في قطاع غزة (الجزيرة)

تحذيرات

غير أن الاحتلال يمنع إدخال هذه المواد والمعدات منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة بما فيها المواد المصنفة مزدوجة الاستخدام، مما يعطّل قدرة البلديات على تنفيذ أعمال الصيانة الوقائية قبل حلول الشتاء، ويضاعف المخاطر المحتملة على المدينة وسكانها.

إعلان

على امتداد مدن ومخيمات القطاع، تنتشر مئات آلاف الخيام بعدما تقطعت السبل بأصحابها عقب تدمير قوات الاحتلال معظم المباني السكنية. وتزداد فرص تعرضها للغرق بسبب اهتراء معظمها ولم تعد صالحة للإقامة.

ويقول المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت إن السكان بحاجة عاجلة إلى 300 ألف خيمة بعدما عمدت قوات الاحتلال على مدى عامين من العدوان إلى هدم 367 وحدة سكنية كل يوم، مما أدى إلى فقدان 394 أسرة مأواها كل يوم، كما أنها استهدفت مركزا واحدا للإيواء والنزوح كل 3 أيام.

وشدد الثوابتة على أن معظم النازحين يقيمون في خيام مهترئة تجاوز عمرها عامين، تضررت بفعل العوامل الجوية وطول أمد المعاناة ولم تعد صالحة للإيواء أو الحماية من البرد والأمطار، مما يجعلهم الأكثر عرضة للموت أو المرض أو الغرق خلال فصل الشتاء.

وتشير تقديرات الهيئات المحلية في قطاع غزة إلى أن عشرات آلاف النازحين لا يزالون يقيمون داخل أراضٍ ومناطق لا تصلها الخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي أو شبكات المياه بعد تدميرها من قبل الاحتلال الإسرائيلي في عملياته العسكرية المختلفة.

وناشدت بلدية غزة -التي ترأس اتحاد بلديات القطاع- الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية والدول المانحة والوسطاء الضغط على الاحتلال لتدارك الكارثة قبل وقوعها، لأن قطاع غزة يقف على أعتاب شتاء هو الأخطر منذ عقود، ويجب التدخل العاجل الآن حتى لا تتحول المعاناة إلى كارثة إنسانية وبيئية شاملة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا