آخر الأخبار

تعاون دفاعي واقتصادي على أجندة زيارة ستارمر إلى أنقرة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أنقرة- في أول زيارة رسمية له إلى أنقرة منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية، يصل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اليوم الاثنين إلى تركيا بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان ، في خطوة تعكس رغبة الطرفين في إعادة تنشيط العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

وتتصدر صفقة مقاتلات " يوروفايتر تايفون " متعددة المهام جدول المباحثات، إلى جانب ملفات التعاون الدفاعي والاقتصادي، ومواقف البلدين من القضايا الإقليمية الملحة، بما في ذلك تطورات الشرق الأوسط و الحرب في أوكرانيا .

مصدر الصورة وزير الدفاع التركي غولر (يمين) ونظيره البريطاني هيلي وقعا مذكرة تفاهم بشأن المقاتلات في يوليو/تموز الماضي (وزارة الدفاع التركية)

تعاون دفاعي

تأتي صفقة مقاتلات "يوروفايتر تايفون" في مقدمة أولويات زيارة ستارمر في ظل مساع تركية حثيثة لإبرام عقد لشراء 40 طائرة من هذا الطراز، بقيمة تقدر بعدة مليارات من الجنيهات الإسترلينية، وفق ما تؤكده مصادر بريطانية وتركية.

وتمثل هذه الصفقة -إذا ما تمت- أول طلب تصدير ضخم لهذا الطراز الأوروبي منذ عام 2017، وقد مهد لها توقيع مذكرة تفاهم بين وزيري الدفاع في البلدين على هامش معرض الصناعات الدفاعية الدولي بإسطنبول في يوليو/تموز الماضي.

وكان ستارمر قد وصف الاتفاق حينها بأنه "متعدد المليارات"، مشددا على أنه سيسهم في دعم نحو 20 ألف وظيفة داخل قطاع الصناعات الدفاعية البريطانية خلال الأعوام المقبلة، في وقت تسعى فيه حكومته لتعزيز الصادرات الدفاعية وتحفيز الاقتصاد المحلي.

وتحاول أنقرة من جهتها تسريع تنفيذ الصفقة لتلبية احتياجاتها الدفاعية الملحة، وسط تصاعد التحديات الإقليمية، خصوصا في ظل تقادم أسطولها الجوي.

أنقرة والناتو

تحمل زيارة كير ستارمر إلى أنقرة بأجندتها الدفاعية الثقيلة رسائل سياسية تتجاوز بعدها الثنائي، لتؤكد تموضع تركيا كشريك فاعل وموثوق ضمن منظومة حلف شمال الأطلسي .

إعلان

فاختيار أنقرة التفاوض على مقاتلات "يوروفايتر تايفون" الأوروبية، التي تنتج ضمن تحالف دفاعي يضم بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، يأتي في سياق تحسن ملحوظ في علاقاتها مع الغرب بعد سنوات من التوتر، خصوصا منذ أزمة منظومة الدفاع الروسية " إس 400 ".

وترى تركيا في الصفقة المرتقبة خطوة نحو تعزيز اندماجها في البنية الدفاعية للناتو، وتأكيدا على مساهمتها في أمن الحلف الجوي، وقد عبر وزير الدفاع التركي يشار غولر عن هذا التوجه صراحة لدى توقيع مذكرة التفاهم مع نظيره البريطاني جون هيلي، مؤكدا أن الاتفاق "يقرب تركيا من نادي مشغلي اليوروفايتر"، ويعزز من قدرات الناتو الجوية في منطقة إستراتيجية مضطربة.

من جانبها، تنظر لندن إلى الصفقة من زاوية أمنية واقتصادية، إذ أوضح مسؤول الصناعات الدفاعية البريطانية أن نحو ثلث مكونات كل طائرة سيُصنع داخل المملكة المتحدة، ما يعزز سلاسل الإنتاج المحلية ويخدم أمن أوروبا والشرق الأوسط في آن معا.

لكن التحول اللافت في هذا الملف جاء من داخل أوروبا، وتحديدا من ألمانيا، أحد الشركاء الرئيسيين في برنامج "يوروفايتر"، فبعد فترة من التحفظ لأسباب تتعلق بالسياسة الإقليمية وحقوق الإنسان، منحت برلين موافقتها المبدئية على الصفقة.

مصدر الصورة تركيا برزت كأحد أبرز الشركاء غير الأوروبيين للملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (الأناضول)

قضايا إقليمية

لا تقتصر أجندة زيارة كير ستارمر إلى أنقرة على الملفات الثنائية والدفاعية، بل تمتد إلى قضايا إقليمية معقدة تتطلب تنسيقا دقيقا بين الجانبين، تأتي في مقدمتها تطورات الأزمة في غزة.

حيث من المتوقع أن يسعى ستارمر وأردوغان خلال محادثاتهما، إلى إيجاد أرضية مشتركة في التعاطي مع الوضع الإنساني المتدهور في غزة، لا سيما بعد أن اتفقا في اتصال سابق على ضرورة تسريع دخول المساعدات واحتواء التصعيد.

وفي نطاق شرق المتوسط، تحضر ملفات التوترات البحرية والتسابق على مصادر الطاقة ضمن أولويات النقاش، فبينما انخفض منسوب التوتر مؤخرا بين تركيا وجارتيها اليونان وقبرص، لا تزال أنقرة تراقب بقلق تسليح أثينا المتزايد، لا سيما مع اقتراب تسلمها مقاتلات أميركية من طراز " إف 35 " خلال الأعوام القليلة المقبلة.

أما الملف الأوكراني، فيشكل نقطة تقاطع مهمة بين المصالح البريطانية والتركية، وإن من زوايا مختلفة، فبريطانيا تواصل تقديم دعم عسكري وسياسي واسع لكييف، بينما تنتهج تركيا سياسة توازن دقيقة، حيث تزود أوكرانيا بمسيرات قتالية متقدمة، لكنها تحافظ في الوقت ذاته على قنوات تواصل فعالة مع موسكو.

مصدر الصورة من المتوقع أن يسعى ستارمر وأردوغان إلى إيجاد أرضية مشتركة حول الوضع الإنساني المتدهور في غزة (غيتي)

رسائل إستراتيجية

يرى المحلل السياسي عمر أفشار، أن زيارة ستارمر إلى أنقرة تتجاوز الطابع البروتوكولي التقليدي، وتحمل رسائل سياسية متعددة تعكس تحولات أوسع في العلاقات التركية البريطانية.

وأوضح في حديث للجزيرة نت، أن الزيارة تأتي في إطار سعي لندن لإعادة تموضعها عالميا بعد " البريكست "، عبر بناء شراكات إستراتيجية جديدة، وتبرز تركيا كأحد أبرز هؤلاء الشركاء نظرا لموقعها الجغرافي وثقلها الإقليمي. مضيفا أن بريطانيا تنظر إلى أنقرة كحليف محتمل يعوّل عليه في محيط متغير يشمل شرق المتوسط والشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

إعلان

ويعتقد أفشار أن الزيارة تمثل أيضا محاولة بريطانية لإعادة ترميم العلاقة بين تركيا والغرب من بوابة المصالح، وليس من منطلق الإملاءات السياسية، في ظل انفتاح أوروبي حذر على أنقرة بعد سنوات من التوتر.

مصدر الصورة أنقرة ولندن تطمحان إلى ترسيخ تعاون طويل الأمد في قطاع الطاقة (الأناضول)

شراكة اقتصادية

بعيدا عن الطابع الأمني والعسكري للزيارة، تمثل الزيارة إلى أنقرة فرصة محورية لإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين تركيا والمملكة المتحدة، وتوسيع آفاق التعاون في مجالات الطاقة المتقدمة.

فمنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، كثفت لندن جهودها لتطوير شراكات تجارية جديدة مع قوى إقليمية ناشئة، وبرزت تركيا كأحد أبرز الشركاء غير الأوروبيين، بحجم تبادل تجاري سنوي يتجاوز 33 مليار دولار أميركي، ما يضعها ضمن قائمة الأسواق العشر الأهم للصادرات البريطانية عالميا.

وفي قطاع الطاقة، تطمح أنقرة ولندن إلى ترسيخ تعاون طويل الأمد، يجمع بين تقنيات الإنتاج ومشاريع البنية التحتية، فتركيا تسعى إلى ترسيخ موقعها كمركز إقليمي لتجارة الغاز والكهرباء، مستفيدة من موقعها الجغرافي وشبكة أنابيب عابرة للقارات، وفي الوقت ذاته تدفع نحو تنويع مصادرها عبر الاستثمار في الطاقة النظيفة والطاقة النووية السلمية.

في المقابل، تمتلك بريطانيا خبرات رائدة في تقنيات الرياح البحرية والطاقة النووية من الجيل الجديد، وقد أبدت مؤسسات بريطانية استعدادا متزايدا لتبادل الخبرات والدخول في شراكات تقنية مع القطاعين العام والخاص في تركيا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا