في مدينة ديوكوويه التي مزقتها أعمال العنف الانتخابية والمجازر الجماعية قبل أكثر من عقد، يقول نشطاء السلام إنهم وجدوا وسيلة فعالة لتجنب تكرار سفك الدماء: "زيجات المصالحة" بين الجماعات المتنازعة.
فقد تزوج العشرات من الرجال والنساء من مجتمعات مختلفة خلال السنوات الأخيرة، بعد مشاركتهم في أنشطة شبابية نظمتها منظمة محلية غير ربحية تُدعى "ليمبيا" والتي قدمت الدعم والإرشاد للأزواج.
ومع اقتراب الانتخابات الجديدة يوم السبت، تواصل "ليمبيا" جهودها وتخطط لتنظيم 10 زيجات جماعية مدنية في ديوكوويه مطلع العام المقبل.
يقول مدير المنظمة أليكسيس كانغو "هذه الزيجات ستُنتج أحفادًا وأبناء أحفاد… سيُجبرون على مشاركة كل شيء من التراث واللغة".
من بين الأزواج الذين خاضوا هذه التجربة بدعم من "ليمبيا" مارتينيز بودي من جماعة الغيري، وإليزابيل كواديو آهو من جماعة الباولي. وقد أعلنا نيتهما الزواج عام 2012، بعد عام من المجزرة التي شهدتها ديوكوويه.
ووقعت المجازر في ذروة القتال الذي اندلع إثر رفض الرئيس السابق لوران غباغبو الاعتراف بهزيمته أمام خلفه الحسن وتارا.
ووفقًا لتقرير صادر عن " هيومن رايتس ووتش " فإن قوات مؤيدة لوتارا قتلت مئات الأشخاص، معظمهم من جماعة الغيري التي تُعتبر مؤيدة لغباغبو. وقد نفت حكومة وتارا دعمها لتلك القوات.
وفي ذلك الوقت، حاول والدا كواديو وبودي ثنيهما عن الزواج، بل إن أقارب كواديو رددوا شائعات كاذبة بأن جماعة الغيري تمارس أكل لحوم البشر.
ولكن الزوجين مضيا في خطتهما وتزوجا بملابس تقليدية ومجوهرات ذهبية، واجتمعت العائلتان في مراسم الزواج.
وقال بودي "مع مرور الوقت، فهم الآباء أننا مصممون على العيش معا".
ويأمل كانغو في تكرار هذا النموذج، قائلا "قبل وبعد الانتخابات، سنبذل كل ما في وسعنا لوقف العنف في المدينة، حتى يتمكن هؤلاء الأزواج من مواصلة حياتهم بسلام".
رغم أن التحضيرات للانتخابات الحالية تسير بهدوء، إلا أن تقريرا صادرا عن مجموعة الأزمات الدولية في أغسطس/آب الماضي أشار إلى أن كوت ديفوار لم تشهد انتخابات سلمية تماما منذ عام 1995.
وتقع ديوكوويه على بعد 400 كيلومتر غرب العاصمة التجارية أبيدجان ، في منطقة إنتاج الكاكاو الرئيسية، والتي شهدت لعقود نزاعات عنيفة على الأراضي بين جماعات مثل الغيري وأخرى ذات جذور من دول مجاورة أو مناطق مختلفة من كوت ديفوار.
وبلغت هذه النزاعات ذروتها خلال أعمال العنف التي أعقبت انتخابات 2010-2011، في أكبر دولة منتجة للكاكاو في العالم.
وكان غباغبو، المنتمي إلى جماعة البيتي الأصلية جنوب غرب البلاد، يرفض ترشيح وتارا المنتمي إلى جماعة الديولا باعتباره "مرشحا للأجانب".
أما وتارا، المصرفي الدولي السابق، فيسعى في الانتخابات الحالية للفوز بولاية رابعة، وقد ركّز على تحويل البلاد إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة.
لكن منظمات حقوق الإنسان انتقدت سجل الحكومة في العدالة، خاصة بعد إصدار عفو عام 2018 شمل العديد من الجرائم المرتكبة خلال الحرب.
وقد وصف وتارا العفو بأنه "مبادرة رحمة من الأمة تجاه أبنائها وبناتها" لتجنب العنف مستقبلا.
قال سليمان طه، من جماعة الغيري في ديوكوويه، إن ما يحدث على الأرض أهم مما يُقال في المحاكم.
وقد تزوج من الديولا (ماتوما دومبيا) عام 2019، ويعيش بسلام في حي ديولا حتى في فترات التوتر. وقد تلقى الزوجان دعما من منظمة "ليمبيا".
وقال طه "الزيجات المختلطة تجلب السلام للمجتمعات".