نايجل فاراج وحزب "الإصلاح" يقتربان من السلطة بـ(311) مقعدًا متوقّعًا، فيما يتعرّض حزب العمال لأسوأ هزيمة منذ عام (1931) بحصوله على (144) مقعدًا فقط، وانهيار تاريخي للمحافظين عند (45) مقعدًا.
التفاصيل: https://t.co/42y990aQ5P#عرب_لندن pic.twitter.com/x2NK8jdrif
— Arab-London عرب لندن (@arablondon4) September 28, 2025
لندن- لا يبدو أن متاعب حزب العمال البريطاني قد تنتهي قريبا سواء في إدارة شؤون الحكم أو تدبير أزمته الداخلية، في وقت تحاول فيه قيادته استثمار مؤتمره السنوي، الذي افتُتح أمس الأحد، للم شتات الحزب في لحظة حرجة بلغت فيها الثقة بين زعامته والقواعد البرلمانية والشعبية مستويات متدنية.
ويصر رئيس الوزراء كير ستارمر -الذي من المرتقب أن يلقي غدا الثلاثاء خطابه أمام أعضاء الحزب المجتمعين في مدينة ليفربول- على أن يظهر الحزب بمظهر القوة السياسية المتماسكة القادرة على الحكم رغم مروره بأزمة مزمنة، بينما لم يمض على وصوله للسلطة سوى 14 شهرا بعد أزيد من 14 سنة من حكم غريمه حزب المحافظين .
وفي أكثر من تصريح على هامش المؤتمر، حاول الزعيم العمالي تأكيد قدرة حزبه على الحفاظ على صدارته في المشهد السياسي، ولم يتردد في شن هجوم حاد على خصمه السياسي الصاعد بقوة في الساحة السياسية البريطانية نايجل فاراج قائد حزب الإصلاح اليميني، واصفا دعواته إلى تجريد المهاجرين من الإقامة الدائمة بـ"العنصرية غير الأخلاقية".
ويأمل ستارمر أن يتجاوز حزبه ما وصفها بـ"الانقسامات السامة" التي تشرخ وحدته، ويتمكن من ضخ دماء جديدة في الاجتماع المنتظر لرص الصفوف ومواجهة الصعود المتواصل لحزب الإصلاح الشعبوي.
وبينما صعّد ستارمر لهجته هذه المرة ضد اليمين المتطرف في خطوة -ترى صحيفة غارديان البريطانية أنها- قد تساعد في تهدئة سخط قواعده الحزبية المتوجسة من سياساته الحكومية والتي أضحت أقرب لتيار اليمين منها لليسار، تحذر الصحيفة من أن هذا التصعيد قد يفاقم حدة الاستقطاب السياسي وتصعيد الإصلاح خطابه التحريضي ضد القيادة العمالية.
وبادر رئيس الوزراء البريطاني قبل أسابيع قليلة إلى تعديل حكومي إثر استقالة نائبته أنجيلا راينر بعد فضيحة تهرب ضريبي، في ما بدا أنها محاولة لإعادة ضبط الأجندة الحكومية وحرف بوصلتها لتواكب مطالب القواعد اليمينية في قضايا كالهجرة والأمن، بهدف محاصرة تنامي شعبية حزب الإصلاح المتطرف.
وتواترت خلال أعمال المؤتمر الجارية تصريحات عن قيادات عمالية حاولت الدفاع عن الحصيلة الحكومية وخياراتها السياسية، إذ أكدت وزيرة المالية راتشيل ريفز أنها ماضية في سياساتها المالية دون تغيير، في حين قالت وزيرة الداخلية شبانة محمود إنها تعتزم تشديد قوانين الهجرة لخفض تدفق المهاجرين.
يرى أستاذ السياسات العامة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية توني ترافيرس -في حديث للجزيرة نت- أن تقدم حزب العمال على منافسه التقليدي حزب المحافظين في استطلاعات الرأي لم يعد يعني شيئا سوى أن الأحزاب التي كانت عماد الحياة السياسية البريطانية لعقود طويلة، عاجزة عن مجاراة زحف الإصلاح الشعبوي الذي يتصدرها على نحو غير مسبوق.
ووفقا له، فإن ستارمر يغامر بحرف سياساته في اتجاه اليمين دون أن يضمن استقطاب الكتلة الناخبة اليمينية، ولكن مع احتمال كبير أن يفقد خزانه الانتخابي الحانق على سلوكه السياسي المتماهي مع مطالب اليمين، خاصة في قضايا الهجرة.
ويضيف أنه مدرك لتلك التعقيدات، ولذلك لا يتأخر في توجيه نقد حاد لحزب الإصلاح الذي يتهمه بمحاولة تمزيق البلاد وتعميق انقساماتها الهوياتية والسياسية.
في الأثناء، يحاول رئيس الوزراء البريطاني بجهد حثيث تجنب أي صدام مع قاعدة الحزب الانتخابية والنقابية الغاضبة من طريقة إدارته لعدة ملفات اقتصادية واجتماعية ونزوع حكومته لتبني سياسات تقشفية، إذ يهدد نواب عماليون بتكرار حركة التمرد التي شهدها البرلمان قبل أسابيع حين رفض أكثر من 80 نائبا عماليا المصادقة على قانون لإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية.
كما يواجه لأول مرة منذ وصوله للحكم تحدي قيادة الحزب، مع تعالي أصوات داخله -خاصة من نواب المقاعد الخلفية المحسوبين على تيار أقصى اليسار- ترى أن دعوات ستارمر لهؤلاء الأعضاء بإظهار مزيد من الانسجام والولاء لا تكفي لتجاهل أعطابه الداخلية والشرخ المتزايد بين قواعده وقيادته السياسية.
وانتقد آندي بيرنهام، عمدة مدينة مانشستر، والقيادي العمالي البارز، ما وصفه بـ"مناخ الخوف" داخل الحزب، منددا بتوقيف بعض الأعضاء أو النواب بسبب آرائهم السياسية المخالفة لقيادته، في وقت يطالب فيه بعض العماليين بيرنهام بقيادة حركة تصحيحية داخلية بحثا عن بديل لستارمر.
ويحرص رئيس الوزراء البريطاني على عدم الظهور في زي الزعيم السياسي العالق في ورطة سياسية، مؤكدا في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أنه من الطبيعي أن تلاحقه الانتقادات قبل بدء أشغال المؤتمر من دون أن يعني ذلك أن قيادته للحزب في دائرة الخطر.
تتوالى التحذيرات داخل الحزب من خسارة محققة تتهدده العام المقبل في الانتخابات المرتقبة في كل من ويلز وأسكتلندا، إذ شدد دوغلاس ألكسندر وزير شؤون أسكتلندا في الحكومة العمالية على أن أمام حزبه مهمة صعبة لإقناع الأسكتلنديين في الانتخابات المقبلة بأنه خيار جيد بما يكفي ليستحق الفوز بأصواتهم.
ويرى جيمس جولز، الناشط السياسي البريطاني وأحد الأعضاء المستقلين عن المجالس البلدية البريطانية، في حديث للجزيرة نت، أن ستارمر يتبنى خطابا سياسيا مخالفا للواقع يدعو إلى تعزيز الإجماع الحزبي ويتجاهل عمق الأزمة التي يعيشها الحزب، بينما أصبح سقف طموحه السياسي مجاراة حزب يميني متطرف كـ"الإصلاح".
ويحذر من أن محاولة ستارمر فرض إجماع متوهم داخل الحزب لا تخفي حدة الانقسامات، التي ظهرت في وقت مبكر من عمر إدارة الحزب للشأن الحكومي والتعديلات التي أجراها، في حين كان البريطانيون يطمحون لحكومة أكثر استقرارا وانسجاما.
ولاحقت المظاهرات رئيس الوزراء البريطاني إلى مقر انعقاد مؤتمر الحزب في مدينة ليفربول، حيث نظمت احتجاجات ضد خطة ملزمة لفرض الهوية الرقمية على البريطانيين التي أقرتها الحكومة لمواجهة انفلات أزمة الهجرة غير النظامية في البلاد.
كما شارك آخرون في احتجاجات ضد حظر حركة " فلسطين أكشن " التي صنفتها الحكومة العمالية "إرهابية"، ولم تتأخر قوات الشرطة في شن حملة اعتقالات واسعة ضد المتضامنين مع الحركة.