آخر الأخبار

آلاف الأسرى الفلسطينيين محرومون من زيارة ذويهم منذ نحو عامين

شارك

الخليل- لم يمضِ على ولادة الطفل سليمان رافع غيث شهرٌ بعد، لكنه ومنذ اللحظة الأولى في الحياة، يعيش الحرمان من أبسط حق لأي طفل في العالم، أن يولد فيجد والده يحمله بين ذراعيه أو أن يراه فيعرفه، فيكون له في خيال والده صورة.

ففي الـ3 من سبتمبر/أيلول الجاري، تم تجديد اعتقال الأسير رافع غيث لمدة 6 أشهر إداريا، وما هي إلا بضعة أيام، حتى ولد طفله الـ5 سليمان، في مدينة الخليل ، ووالده في سجن نفحة.

وكان غيث قد اعتقل قبل 7 أشهر، وهذا هو الاعتقال الثاني له، حيث كان قد اعتقل لمدة 8 سنوات ما بين عامي 2009 و 2017، وقد كان في ذلك الحين أبا لطفلين.

وفي اليوم الخامس من عمر سليمان، التقطت والدته مجموعة من الصور له وأرسلتها للمحامي الموكل بقضية زوجها، ليُري الصورة لرافع ويبلغه بأنه رُزِق بسليمان خلال جلسة المحاكمة التي يتم عقدها عن بُعد، ورغم أن القاضي قد منح موافقة للمحامي على ذلك، فإن السجَّان رفض ذلك رفضا قاطعا.

مصدر الصورة صورة الطفل الرضيع سليمان غيث في عمر 5 أيام أرسلتها والدته لوالده رافع المسجون في نفحة (الجزيرة)

واقع مختلف

تقول ولاء بأن طفلها إلياس الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، يلتزم الصمت داخل البيت حول غياب والده، لكنه في الروضة يتحدث كثيرا لمعلمته عنه بكلمات طفولية تعكس خوفه على والده، حيث يقول "أنا أبوي محبوس، أخذوه اليهود وبيضربوه".

تتحدث زوجته ولاء غيث للجزيرة نت وتصف بأن اعتقال زوجها هذه المرة صعب جدا، ويضع على كاهلها مسؤوليات كبيرة، حيث تتحمل مسؤولية أطفالها الذين تتفاوت أعمارهم بين الطفولة والمراهقة، مما يفرض عليها أعباء ثقيلة في ظل العزل الكامل لزوجها عن العالم الخارجي والانقطاع التام لكل سبل التواصل بينهما.

تستذكر ولاء في الاعتقال الأول لزوجها، الزيارات التي كانت تتم بالتنسيق بين الصليب الأحمر و إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ، حيث كانت تمنحها دفعة معنوية تساعدها في تحمل أعباء الحياة، أما الآن وقد تم منع الزيارات بشكل نهائي منذ تاريخ الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فتحمل ولاء غيث أعباء الحياة اليومية وحدها، دون أي إمكانية لتقاسمها ولو معنويا.

إعلان

ورغم أن هذه الزيارات كانت تتم بواقع زيارة كل أسبوعين للأسيرات، وكل شهر للأسرى، وتمتد لمدة 45 دقيقة، لكنها أيضا كانت تخضع لقرارات إدارة مصلحة السجون والتضييق والعقوبات ضد بعض الأسرى.

وكانت زيارات الأهالي لأبنائهم في السجون قبل تاريخ الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، تشكل رابط التواصل بين الأسرى والعالم الخارجي، حيث كان يمكن إدخال الصور والكتب، فضلا عن التقاء الأسرى بعائلاتهم، أما اليوم، فتعيش عشرات آلاف العائلات الفلسطينية ثقل تغييب أبنائها الكامل عن تفاصيل حياتها، وعزلهم الكامل عن تطورات حياتهم الاجتماعية في الخارج.

وعوضا عن الزيارات، تتجه عائلات الأسرى لمراقبة كافة المنصات الإخبارية والتقارير الصادرة عن السجون حول ظروف الاعتقال، فضلا عن تتبع كل من يتم الإفراج عنهم للاطمئنان على أبنائهم.

تقول ولاء "أصبحت حياتي كل يوم مخصصة لمتابعة المجموعات وأخبار الأسرى، أتأكد من وضع سجن نفحة، عندي خوف مستمر من أخبار استشهاد الأسرى والقمع والتضييقات الجديدة"، وتضيف متحدثة عن زوجها "إن شاء الله يبقى عايش ويكون بخير، نبقى نتابع الأخبار، وكل الأسرى بيطمنوا الأهالي لكن الوضع جدا سيء".

وتختم حديثها للجزيرة نت بقولها إن العديد من الأسرى الذين خرجوا من السجن المعتقل فيه زوجها لم يتعرفوا عليه من خلال صوره التي أرسلتها لهم من أجل الاطمئنان عليه، حيث أخبروها جميعا بأنه تغيَّر كثيرا وخسر الكثير من وزنه.

قلق مستمر

في مخيم الفوار جنوبي الخليل، يعيش والدا الأسير أحمد الطيطي (23 عاما) قلقا لا ينتهي على ابنهما الذي اعتقل قبل عام، وتلقى تجديدا لاعتقاله الإداري قبل بضعة أيام.

وكان الطيطي قد تعرَّض لإصابة برصاص الاحتلال في قدمه قبل عدة أعوام، ولا يزال يعاني من آثارها دون أن يتلقى العلاج، علاوة على إصابته بأمراض جلدية وفق ما قال المحامي لعائلته بعد زيارته، وهي الزيارة الوحيدة التي حظي بها خلال عام من اعتقاله.

يقول عادل الطيطي والد أحمد، في حديثه للجزيرة نت "كل لحظة نعيشها في قهر، ابني نزل وزنه من 94 كغم إلى 54 كغم، أين العالم والدنيا وحقوق الإنسان؟ إسرائيل دمرت عالما كاملا من أجل 100 محتجز، لكن هناك أكثر من 10 آلاف من أبنائنا في السجون ولا أحد يسأل عنهم".

ويضيف أن العائلة تحاول أحيانا إخفاء بعض الأنباء الصعبة القادمة من السجون عن والدة أحمد، خصوصا سجن النقب حيث يعتقل ابنها، حرصا على صحتها التي تراجعت كثيرا منذ اعتقاله، خاصة وأن هذا هو الاعتقال الثاني له، حيث كان قد اعتقل جريحا قبل 5 سنوات.

ويؤكد الأب للجزيرة نت أن المحامي أبلغهم بأن المحكمة منحت إذنا بالعلاج لأحمد "لكننا لا نعلم هل تم تنفيذ القرار، ولا توجد طريقة للاطمئنان على ابننا إلا من خلال الأسرى الذين يخرجون من سجن النقب".

مصدر الصورة اجتماع فريق نادي الأسير مع ممثلين من الصليب الأحمر للضغط باتجاه إعادة زيارات السجون (الجزيرة)

"تهديد للأمن الإسرائيلي"

كان نادي الأسير قد اجتمع مع الصليب الأحمر قبل عدة أيام مطالبا بأن يرفع الأخير مستوى التدخل ويبدأ بزيارة الأسرى الفلسطينيين، وكانت المحكمة العليا قد وافقت على طلب الصليب الأحمر بهذا الصدد، لكن إدارة مصلحة السجون قابلت القرار بالرفض المطلق.

إعلان

ويقول المدير العام لنادي الأسير أمجد النجار في حديثه للجزيرة نت إن "رفض قرار المحكمة العليا استمرار لانتهاك القوانين الدولية، ولا يمثل صدور القرار من المحكمة العليا وتجاهله من قبل إدارة مصلحة السجون إلا تبادلا للأدوار".

وأضاف أنه بالرغم من أن مقترح السماح للصليب الأحمر بزيارة الأسرى كان مقدما من قِبل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، فإن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ردَّ مباشرة بأن هذا الأمر هو "تهديد للأمن الإسرائيلي"، مما حال دون تنفيذ القرار باستنئاف الصليب الأحمر لزيارته للأسرى.

ويرى النجار أن منع تنفيذ هذا القرار يأتي "للتستر على جرائم الحرب التي ترتكتبها إسرائيل في حق الأسرى بشكل يومي داخل السجون"، ويقول "نحن نعتبر هذا القرار إجراميا، ومنع الزيارات أدى إلى ازدياد الوضع سوءا في ظل ارتقاء شهداء داخل السجون وقلق العائلات التي لا سبيل لطمأنتها".

وتشهد قضية الأسرى تحديات جمّة على الجانب الحقوقي في ظل إغلاق أهم المؤسسات العاملة في هذا المجال مثل مؤسسة الضمير، فضلا عن التضييق على عمل المؤسسات الأخرى الناشطة في هذه القضية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا