آخر الأخبار

من الكرفانات للمدن الخضراء.. "غزي دستك" تُسرّع الخطى لإيواء نازحي غزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في قلب الركام والخراب الممتد على طول قطاع غزة حيث عشرات آلاف العائلات بلا مأوى منذ أن التهمت الحرب بيوتهم، يطلّ أمل جديد من خلف الحدود، يتمثل في جمعية "غزي دستك" (Gazze Destek Derneği – GDD) التي وُلدت في إسطنبول عام 2014، وتحث الخطى لإيجاد حلول إنسانية تحفظ للغزيين كرامتهم في واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية المعاصرة.

ويقول رئيس جمعية "غزي دستك" جانير كوكتاش للجزيرة نت "ركزنا بشكل رئيسي على برنامج الإيواء، نظراً لحجم الدمار الهائل، والحاجة الماسة إلى حلول سريعة تحفظ كرامة الناس وتليق بتضحياتهم الكبيرة" موضحًا أن برامجهم تستند إلى مبادئ إنسانية وأهداف تنموية تسعى إلى إيجاد بيئة آمنة ومستقرة للنازحين.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 50 ألف غزي سيكونون بلا مأوى خلال أقل من أسبوع
* list 2 of 2 شاهد.. مبادرة خيرية لترميم مركز "هند الدغمة" لغسيل الكلى بخان يونس end of list

ويضيف للجزيرة نت: رغم أن الجمعية تنشط في أكثر من 22 دولة حول العالم، فإن غزة تبقى بوصلة العمل "وقد تحركت طواقمها منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرب لإغاثة المتضررين".

ويؤكد أن فرق الجمعية نفذت منذ بداية الحرب على غزة أكثر من 3500 مشروع، توزعت بين الأمن الغذائي، والإيواء، والتعليم، والصحة، والمساعدات النقدية. وفي الخارج، جهزت الجمعية مئات الشاحنات المحملة بالإغاثة عبر مصر، وأرسلت خيامًا من باكستان، ومعلبات غذائية من الهند، كما أطلقت من الصين مشروعا طموحا لتصنيع "المدن الخضراء "من الكرفانات المتكاملة.

مصدر الصورة خيام النازحين في غزة تفتقر للخصوصية والأمان وأبسط مقومات الحياة (الجزيرة)

مدينة مؤقتة

وأردف كوكتاش قائلا "وصلت أول مدينة من الخيام والكرفانات المؤقتة إلى مصر وهي بانتظار فتح المعبر، وبدأ العمل على المدينة الثانية والثالثة" مشيرًا إلى أن هذه المشاريع تمثل نقلة نوعية في توفير المأوى لمئات العائلات النازحة بسبب الحرب.

وفي قلب الخيام المتناثرة التي لا تقي برد الليل ولا حرّ النهار، يعيش مئات الآلاف من النازحين في غزة أزمة تتجاوز نقص الطعام والدواء لتصل إلى أبسط مقومات الحياة وهي الخصوصية، فالعائلات الكبيرة تجد نفسها مجبرة على التكدس داخل خيام هشة، حيث لا جدران تفصل بين الأسر ولا أبواب تحفظ ما تبقى من أسرار البيوت.

إعلان

ويقول كوكتاش إن أحد أبرز التحديات التي تواجه النازحين هو غياب الخصوصية والأمان داخل الخيام، موضحًا أن الجمعية ابتكرت حلولًا بديلة عبر وحدات سكنية متنقلة صُممت لتكون أكثر إنسانية، وهي ليست مجرد جدران من حديد، بل فضاءات تمنح الحد الأدنى من الاستقرار، وقد جرى تزويدها بالمفروشات والأغطية وحقائب النظافة الأساسية، بما يحاكي بيئة سكنية تحترم كرامة الإنسان.

ولم تقتصر التصاميم على شكل واحد، بل تنوعت لتتناسب مع واقع غزة المكتظ بالسكان، حيث جرى تصميم وحدات صغيرة بطابق واحد، وأخرى على شكل "دوبلكس" من طابقين خصصت للعائلات الكبيرة، إضافة إلى نماذج من 3 طوابق قادرة على استيعاب أكبر عدد من المتضررين في مساحة محدودة.

ويؤكد كوكتاش أن الهدف لم يكن مجرد بناء مأوى بديل، بل إيجاد بيئة يمكن أن تمنح العائلات شعورًا بالخصوصية والأمان وسط الفوضى التي فرضتها الحرب، وقد تم تصميم نظام الطابقين والثلاثة طوابق لقلة الأراضي المتاحة في قطاع غزة.

ويسترسل "الإيواء ليس سقفًا فقط، بل هو حق أساسي في حياة آمنة وكريمة، ونحن نحاول أن نمنح الناس حلولًا تحفظ كرامتهم إلى أن تعود الحياة إلى بيوتهم".

حلول مبتكرة

كما أطلقت "غزي دستك" أحد أكثر أعمالها طموحًا وهو مشروع "المدن الخضراء" التي تستجيب لانقطاع الكهرباء والماء والغاز داخل غزة، حيث كل مدينة تضم ألف وحدة سكنية مزودة بالطاقة الشمسية، وآبار ومحطات تحلية مياه، ومنظومات لإنتاج الغاز الطبيعي من الصرف الصحي، ومرافق لتدوير النفايات.

و"هذه المدن لا تحتاج إلى كهرباء أو غاز، بل تنتج كل ما يلزمها ذاتيًا لتأمين حياة كريمة إلى حين إعادة إعمار البيوت" كما يوضح كوكتاش.

وتُبنى هذه المدن على أراضٍ حكومية أو وقفية، وتُخصص أولاً للعائلات المدمرة بيوتها كليًا، ثم الأكبر عددًا، والأسر التي تضم حالات خاصة كالأرامل وذوي الإعاقة.

ويبقى التحدي الأكبر أمام الجمعية -كما يشير مديرها- هو منع الاحتلال إدخال مشاريع الإيواء والمدن الخضراء والمساعدات بسبب إغلاق معبر رفح والحصار المستمر، مما أدى إلى التفكير مستقبلا في قيام الفرق المحلية بمحاولة تصنيع وتركيب بعض الوحدات داخل غزة.



احتياجات تفوق الإمكانات

بالتوازي، تستمر مشاريع الأمن الغذائي بتوزيع أكثر من 20 ألف وجبة يوميًا وسلال خضار ومواد غذائية، كما تعمل الجمعية على تعزيز المنظومة الزراعية عبر دعم الزراعة المنزلية والمزارعين.

ووسط كل هذا الخراب، لم تنس "غزي دستك" فئة الشباب، حيث دعمت مشاريع التشغيل عن بعد عبر الإنترنت لتوفير مصدر دخل كريم للأسر، مؤكدة أن التنمية الاقتصادية ركيزة لا تقل أهمية عن الغذاء والإيواء.

ومع كل هذه الجهود، يبقى حجم الكارثة أضخم بكثير من قدرة أي مؤسسة، حيث قدرت "غزي دستك" كلفة الإغاثة وإعادة الإعمار في غزة بنحو 80 مليار دولار، لتعيد الحياة إلى مدنٍ تحوّلت إلى ركام.

إعلان

وتضيف الجمعية أنها أعدت خطة لإعادة الإعمار "تقوم على 4 مراحل مترابطة تبدأ بالإغاثة العاجلة لتضميد الجراح، ثم التعافي واستعادة الخدمات الأساسية، يليها استكمال مسار التنمية، وصولًا إلى بناء جاهزية قادرة على مواجهة الكوارث المقبلة".

ولكن كوكتاش يقرّ بأن ما يُنجز اليوم يبقى في إطار الإغاثة العاجلة، لا الحلول الجذرية قائلا "نحن نحاول أن نسد بعض الفجوات، لكن احتياجات غزة أكبر بكثير، ولا يمكن تلبيتها إلا بتكاتف الجهود الدولية وفتح المعابر وإطلاق عملية إعادة الإعمار".

ويضيف المدير أن عمل الجمعية يتسع ليشمل برامج متعددة تغطي الجوانب الأساسية لحياة الناس، ففي جانب الأمن الغذائي تعمل الفرق على صيانة الآبار ومحطات التحلية والمخابز، وتوزع الوجبات الساخنة والسلال الغذائية وحليب الأطفال والخبز، إلى جانب تشجيع الزراعة المنزلية كخطوة لتقليل مستويات الجوع. أما في مجال الرعاية الصحية، فتشمل الجهود توفير الأدوية وسيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة، إلى جانب مشاريع مستشفيات ميدانية يجري التحضير لها.

وفي ميدان التعليم، أنشأت الجمعية خيامًا تعليمية وزودت الأطفال بالحقائب المدرسية، كما أعدت مدارس خضراء جاهزة من الكرفانات بانتظار إدخالها عبر المعابر. وفي الوقت نفسه، جرى تخصيص برامج خاصة للأطفال والنساء وكبار السن لتوفير احتياجاتهم اليومية الأساسية، في حين تقدم المساعدات النقدية بشكل مباشر للأيتام والجرحى والمرضى والنازحين، فضلًا عن دعم الطلبة والعالقين في الخارج.

ورغم القيود التي يفرضها الحصار وإغلاق المعابر، يؤكد كوكتاش أن العمل مستمر داخل القطاع بما تتيحه الموارد المحلية، مشددًا على أن الهدف من هذه البرامج ليس فقط سد الثغرات العاجلة بل تمهيد الطريق لمرحلة أكثر استقرارًا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا