في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
القدس المحتلة- يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المراوغة والمماطلة في تنفيذ كافة استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويسعى لإقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدعم مطلبه تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق.
وتجلى نهج المماطلة الذي يعتمده نتنياهو، من خلال عدم التزامه باستحقاقات صفقة التبادل، وتأجيل الإفراج عن أكثر من 600 من الأسرى الفلسطينيين، بعد أن سلمت حركة حماس المحتجزين الإسرائيليين الستة، مهددا باستئناف القتال على جبهة غزة، في وقت شددت فيه حماس على موقفها الرافض لإجراء أي مفاوضات حول المرحلة الثانية قبل إفراج إسرائيل عن جميع أسرى الدفعة السابعة.
وشكلت توجهات نتنياهو تطمينات للشركاء في ائتلاف حكومته، وكذلك ورقة مساومة قبالة واشنطن من أجل الموافقة على طلبه لتمديد فترة المرحلة الأولى من الاتفاق، وهو ما عبر عنه مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيفن وتيكوف، الذي سيجري جولة للمنطقة هذا الأسبوع، لبحث سبل الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار.
ترجح قراءات المحللين والباحثين بالشأن الإسرائيلي أن تل أبيب ستذهب للمرحلة الثانية من الصفقة وإن كانت بعد تأخير، وأشاروا إلى أن المرحلة الثانية تعني إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي كليا من القطاع، وتوسيع البروتوكول الإنساني، والتحضير لمفاوضات إعادة الإعمار، وهي المرحلة التي يخشى نتنياهو أن تؤدي إلى تفكك حكومته.
وفي محاولة منه للحفاظ على الائتلاف، تجمع القراءات أن نتنياهو يناور ما بين الاعتبارات والتعقيدات الداخلية، وكذلك الضغوطات الأميركية التي تدفع -وبإيعاز من الرئيس دونالد ترامب- لاستكمال إطلاق سراح كافة المحتجزين الإسرائيليين وعددهم 63 ما بين أحياء وجثث، وتجنب عودة الحرب الشاملة في غزة.
ولترحيل سيناريو تفكك الحكومة على خلفية الاستمرار قدما باتفاق غزة، يدأب نتنياهو -وفقا لقراءات المحللين- إلى احتواء شركاء الائتلاف لتجنب انسحاب تيار "الصهيونية الدينية" من الحكومة، حيث تتجه أنظار هذا التيار حاليا إلى الضفة الغربية المحتلة، عبر توسيع الاستيطان والمضي في الضم بموجب خطة الحسم التي وضعها بتسلئيل سموتريتش عام 2017.
وفي قراءة للسعي الإسرائيلي لتمديد المراحل الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، يقول المحلل السياسي طه إغبارية، إن المماطلات الإسرائيلية عمليا بدأت منذ اللحظة الأولى لسريان الاتفاق، حيث تجاوزت الخروقات الإسرائيلية حوالي 300 خرق منذ التوصل لاتفاق صفقة التبادل.
وأوضح إغبارية للجزيرة نت أن الخروقات والمماطلات الإسرائيلية تعكس ديدنها في التهرب من الاستحقاقات، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى الحسابات الداخلية لنتنياهو بكل ما يتعلق في الحفاظ على حكومته وعدم تفككها، وكذلك بالفشل في عدم تحقيق أهداف الحرب المعلنة والمتعلقة بالقضاء على حركة حماس سياسيا وعسكريا، بعد 15 شهرا من الحرب.
وحيال التعقيدات الداخلية والإخفاقات بتحقيق أهداف الحرب، يعتقد المحلل السياسي أن نتنياهو يسعى للمناورة في مسألة تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق وعدم الوصول إلى المرحلة الثانية، التي تنص على إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور صلاح الدين ومختلف المناطق في القطاع والتحضير لليوم التالي للحرب والبدء بإعادة الإعمار.
ووسط هذه المراوغة والمماطلة الإسرائيلية، لا يستبعد إغبارية سيناريو استئناف القتال على جبهة غزة، لكنه قلل من احتمال سيناريو تجدد الحرب بالمفهوم الواسع رغم تهديدات نتنياهو، وذلك في محاولة منه لإرضاء الشركاء في الائتلاف الحكومي من تيار اليمين المتطرف، الذي يهدد بالانسحاب من الحكومة بحال الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وعليه، يعتقد المحلل السياسي أن لقاء المصالح بين نتنياهو وسموتريتش حول ما يتعلق بغزة والضفة، تحول دون القيام بإجراءات استفزازية من شأنها أن تؤدي إلى تفكيك الحكومة، التي تواجه تحديات داخلية بكل ما يتعلق بشبه الإجماع الإسرائيلي الداعي إلى ضرورة إعادة جميع المحتجزين، وهي محاور قد تبقي على حال القتال مع الفلسطينيين، لكن من دون أن تدفع إلى حرب شاملة على القطاع.
وبالعودة للاتفاق مع حماس، يرى المحلل السياسي أن نتنياهو يسعى لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق من أجل المناورة والحفاظ على الوضع القائم لدوافع وأسباب داخلية، وذلك في محاولة منه لتحقيق مكاسب يعتقد أنها قد تساعده بالمرحلة الثانية ومسألة اليوم التالي للحرب من دون تفكيك حكومته.
وأوضح أن نتنياهو يمسك العصا من الوسط ويناور في سياق خرقه للاتفاق من دون التحلل منه، حيث ذهب وبطلب من أميركا إلى إعادة تشكيل وفد التفاوض وتحضيره لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، وفي المقابل يبدو سلوك حماس واضحا بالتمسك ببنود الاتفاق، وتتصرف الحركة بذكاء سياسي تفوقت من خلاله على نتنياهو وحكومته.
ويرى الباحث في "مركز التقدم العربي للسياسات" والمختص بالشؤون الإسرائيلية أمير مخول، أن نتنياهو الذي يسعى بكل الطرق لتعطيل الاتفاق، عمد إلى عدم تنفيذ استحقاق الدفعة السابعة من تحرير الأسرى الفلسطينيين، وذلك ضمن مساعيه من أجل إطالة أمد المرحلة الأولى وترحيل المرحلة الثانية من الاتفاق أو إلغائها إن استطاع.
وأوضح مخول للجزيرة نت أن إرجاء إسرائيل لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من الدفعة السابعة، يعني عمليا إطالة أمد المرحلة الأولى من الاتفاق، وبالتالي فإن الانتقال إلى المرحلة الثانية لن يتم إلا بدفع تل أبيب لاستحقاق صفقة التبادل، علما أن نتنياهو يسعى لإلغاء المرحلة الثانية ويهدد باستئناف القتال.
وأشار المختص بالشأن الإسرائيلي إلى أن نتنياهو الذي يناور بالأساس لدوافع وأسباب داخلية بكل ما يتعلق في تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، لتجنب انهيار ائتلاف حكومته، لم ينجح بإقناع إدارة ترامب التي تدفع نحو بدء مفاوضات المرحلة الثانية.
ولفت إلى أن نتنياهو يسعى للتفرد بالقرار محاولا تجنب الاستناد إلى شبكة الأمان التي توفرها كتلة المعارضة، وهو ما يضعه أمام تحديات إنجاز صفقة التبادل وإنهاء الحرب، والأهم اليوم التالي المتمثل بإعادة الإعمار وكيفية إدارة القطاع مستقبلا.
وأوضح مخول أن لجوء حكومة نتنياهو إلى ذرائع وهمية للتنصل من الاتفاق يؤكد أن أفق هذه الحكومة مسدود ومأزوم، مشيرا إلى أنه في حال لم تحدث تطورات تدفع نحو استئناف الحرب الشاملة على غزة، فإن مراوغة ومماطلة نتنياهو ستفضي إلى إطالة أمد المرحلة الأولى بضوء أخضر أميركي، لكن لا يمكن له أن يعطل سير المفاوضات والصفقة بكافة مراحلها.