آخر الأخبار

الاقتصاد الإسرائيلي بين وهم الانتعاش وحقيقة الانكماش

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بينما تحاول إسرائيل إقناع نفسها بأن نهاية الحرب باتت قريبة وأن الاقتصاد بدأ يتعافى، يكشف بودكاست "محرك المال" الصادر عن صحيفة "كالكاليست" أن الصورة الميدانية والمالية أكثر قتامة مما يحاول صانعو القرار تصويره.

فبعد مرور عامين على عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا تزال المؤشرات تشير إلى اقتصاد متضخم بالديون، هش في مقوماته، ومعتمد بشكل مفرط على التفاؤل الافتراضي للأسواق.

الأسواق تتجاهل الواقع وتراهن على الوهم

ويقول الاقتصادي أوري غرينفلد، كبير المحللين في مجموعة "ليدرز" الإسرائيلية، إن السوق الإسرائيلية "تتصرف وكأن الاتفاق السياسي بات محسوما، وكأن الاستقرار المالي في الطريق"، لكنه يحذر من أن "الأسواق تميل دائما إلى شراء الشائعة وبيع الخبر".

ووفقا للبيانات التي عرضها غرينفلد، ارتفع مؤشر " تل أبيب 125″ بنسبة تقارب 35% منذ بداية العام، في وقت صعد فيه الشيكل بنحو 10% مقابل الدولار، لتستقر العوائد على السندات الحكومية عند نحو 4.1%.

لكن هذه القفزة، كما يرى الخبير، "لا تعكس تعافيا اقتصاديا حقيقيا، بل موجة تفاؤل مفرطة لا تستند إلى أساسات مالية متينة". ويضيف: "حين يتم توقيع الاتفاق المنتظر، قد تبدأ الأسواق بالتصحيح الحاد لأن كل التفاؤل سُعّر مسبقا".

البنك المركزي في مأزق والفائدة على المحك

ويشرح غرينفلد أن "بنك إسرائيل" ( البنك المركزي ) قرر إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، بسبب "تصاعد القتال في غزة وتدهور المزاج الدولي تجاه إسرائيل"، وهي الجملة الافتتاحية في بيان البنك، مما يعني -بحسب قوله- أن البنك "لن يجرؤ على خفض الفائدة إلا إذا هدأت الساحة الأمنية والسياسية".

ويشير إلى أن خفض الفائدة قد يبدأ في نوفمبر/تشرين الثاني أو ديسمبر/كانون الأول، "إذا تبين أن الحرب انتهت وأن الضغوط على إسرائيل تراجعت نسبيا".

لكن رغم ذلك، ألمح محافظ البنك أمير يارون إلى خلاف حاد مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي لوّح بخفض الضرائب إذا لم يخفض البنك الفائدة، قائلا: "خفض الضرائب الآن يشبه شرب قهوة إسبريسو بعد تناول حبة منوّم"، في تعبير ساخر يعكس فقدان التنسيق بين السياسة المالية والنقدية.

ديون متفاقمة وانتخابات قريبة

وبحسب ما نقلته "كالكاليست"، فإن الحكومة الإسرائيلية تراهن على إيرادات محتملة في عام 2026 من صفقات بيع أصول قد تصل قيمتها إلى نحو 30 مليار شيكل (8.5 مليارات دولار)، مما قد يتيح خفضا رمزيا للضرائب في عام انتخابي حساس.

إعلان

بيد أن غرينفلد حذر من أن "النفقات الدفاعية لن تنخفض بسرعة"، مؤكدا أن "كل من يلوّح بخطر أمني سيحصل على ميزانية إضافية، لأن أحدا لن يعارض ذلك بعد 7 أكتوبر".

وأضاف أن "أي إصلاح بنيوي حقيقي سيحتاج إلى سنوات، ولا يمكن التحدث عن تعافٍ مستدام في ظل اعتماد الاقتصاد على الإنفاق العسكري والتمويل بالعجز".

"ثمار السلام" سراب جديد

وينتقد غرينفلد الرواية الإسرائيلية عن "ثمار السلام"، موضحا أن "إسرائيل لم تعانِ قبل الحرب من قيود اقتصادية بسبب حماس أو حزب الله ، كما أن شركات التكنولوجيا كانت تبيع منتجاتها عالميا دون عراقيل".

ويضيف: "حتى لو تحققت اتفاقات مع لبنان أو سوريا أو توسعت اتفاقات أبراهام، فلن يؤدي ذلك إلى قفزة كبيرة في الناتج المحلي "، مبررا ذلك بأن الاقتصاد الإسرائيلي "ينمو منذ عقدين بمعدل سنوي يقارب 3.5%، ولن يتغير هذا الاتجاه بشكل جوهري إلا إذا أُعيد توجيه جزء كبير من الميزانية العسكرية إلى قطاعات مدنية منتجة".

ويبلغ حجم الإنفاق العسكري في الموازنة نحو 110 مليارات شيكل (33 مليار دولار)، نصفها تقريبا يذهب إلى الرواتب، مما يعني أن أي خفض مستقبلي محدود "لن يغير الهيكل الاقتصادي ما لم يُعَد تصميم الجيش نفسه"، كما قال.

فقاعة مالية تهدد بالانفجار

وربط غرينفلد الوضع المحلي بما يجري في الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن "المؤشرات الأميركية مثل إس آند بي 500 تتداول عند مضاعفات ربحية تاريخية، هي الأعلى منذ فقاعة الدوت-كوم أواخر تسعينيات القرن الماضي".

وقال إن "المستثمرين يبنون توقعاتهم على أرباح مستقبلية غير مؤكدة للشركات التكنولوجية الكبرى مثل إنفيديا وإيه إم دي، مما يجعل السوق عُرضة لانفجار فقاعة مشابهة"، مضيفا أن "الفقاعة دائما تنفجر، فقط لا أحد يعرف متى".

ويرى أن "الأسواق الإسرائيلية تسير في الاتجاه ذاته، إذ ارتفعت تقييمات البنوك وشركات التأمين إلى مستويات لا تبررها معطيات النمو الحقيقي".

تضخم الاستهلاك وتآكل القدرة الشرائية

وبينما يروّج بعض المسؤولين لـ"تعافي الطلب المحلي"، أشار البودكاست إلى أن ارتفاع الإنفاق عبر بطاقات الائتمان في سبتمبر/أيلول الماضي يعكس "اندفاعا استهلاكيا مؤقتا"، وليس تحسنا في القوة الشرائية. وقال غرينفلد: "قد نرى ربعين قويين في الاستهلاك، لكن من الخطأ تفسير ذلك كعلامة على ازدهار مستدام".

وأضاف أن القطاع العقاري "قد يشهد انتعاشا طفيفا إذا بدأت الفائدة بالانخفاض، لكنه سيظل رهينة ضعف الدخل الحقيقي للأسر وارتفاع تكاليف المعيشة".

صورة قاتمة خلف واجهة التفاؤل

وفي ختام الحلقة، لخص مقدّم البرنامج شاي سلينس الموقف قائلا: "الاقتصاد الإسرائيلي يبدو متماسكا ظاهريا، لكنه هشّ في العمق. الأسواق تبتسم، لكن الميزانية تئنّ".

وأكد أن "التحدي الأكبر ليس في إنهاء الحرب، بل في إعادة بناء اقتصاد فقد توازنه بين الأمن والرفاه".

أما غرينفلد فأنهى بملاحظة متشائمة: "حتى لو تحقق السلام، لن يأتي معه الازدهار تلقائيا. من دون إصلاح مالي وهيكلي حقيقي، ستبقى إسرائيل في دوامة النمو البطيء والعجز المتكرر".

يشار إلى أن الحلقة بثت قبل الإعلان عن الاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس بساعات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار