البطاقة الجديدة التي تصدرها وزارة الداخلية في عدن، تسمى البطاقة البيومترية، وهي بطاقة شخصية مزودة بشريحة إلكترونية تُحفظ بداخلها البيانات السرية للمواطن، مثل صورة الوجه وبصمات الأصابع وقزحية العين، والكارثة هنا تتمثل في أن هذه البيانات السرية سوف تُحفظ في سيرفرات خارج اليمن، وهو ما يعني أن المواطن سيحمل في جيبه طيلة الوقت جهاز تعقّب يجعله متاحاً لأي جهة تحصل على بياناته.
ناشطون إعلاميون، قالوا إن حكومة الشرعية ستكون بهذه الخطوة أول حكومة في العالم تجازف ببيانات المواطنين ومعلوماتهم السرية البيومترية، بحفظها في سيرفرات دولة أجنبية، معتبرين ذلك انتهاكاً لخصوصية المواطنين وتعريض أمنهم وسلامتهم للخطر، ويضاف إلى انتهاكات السيادة على يد الحكومة التي لم يتم الاعتراف بها دولياً- كما يبدو- إلا لهذه الأغراض، ولولا قيامها بذلك على أكمل وجه لتم تجريدها من صفة الشرعية، والشواهد كثيرة.
وأوضح مختصون أن ما تسمى البيانات البيومترية تعتبر توقيعات بشرية شديدة الخصوصية، كونها تتضمن صورة الوجه وبصمات الأصابع وقزحية العين، وهي البيانات السرية للمواطنين والتي يتم حفظها بداخل البطاقة الجديدة الذكية، التي قررت داخلية الشرعية ربطها بسيرفرات دولة أجنبية، ويبدو أن السبب واضح لاستبعادها جلب سيرفرات إلى عدن.
ولخطورة هذه الخطوة ترفض المصارف الرئيسية في عدن إجراء أي معاملات بنكية بهذه البطائق، كما رفضت شركات الاتصالات منح شرائح الاتصال لحامليها، فالكل يدرك أن البيانات المحفوظة في سيرفرات دولة أجنبية قد تكون في متناول جهات خارجية ربما تستخدمها لارتكاب جرائم جنائية أو إرهابية، حيث تستطيع بواسطتها تتبع تحركات الأهداف وتحديد هوياتهم، في وقت لا تملك الدولة أي قدرة على التعامل مع ذلك وحفظ أمن الأفراد، وهذا بالتالي يقوض استقلاليتها وسيادتها الوطنية، وهو ما فعلته حكومة الشرعية ولم تتوقف عند أي اعتبار لأمن البلد وسلامة المواطنين.
وفي انتهاك مماثل ليس ببعيد، فقد وافقت حكومة الشرعية، في سبتمبر الماضي، على تفعيل خدمات شركة ستارلينك للإنترنت الفضائي في اليمن، وهي الخطوة التي اعتبرها مراقبون انتهاكاً للسيادة الوطنية، كون الشركة أولاً تسخّر خدماتها لأغراض عسكرية واستخباراتية، وثانياً وهو الأهم أن التحكم بتقنياتها سيكون بيد أطراف خارجية.
وحينها رفضت وزارة الاتصالات بحكومة صنعاء، تفعيل خدمة ستارلينك في اليمن، وأبدت استهجانها ورفضها لسماح حكومة الشرعية بتفعيل الخدمة في مناطق سيطرتها، معتبرةً ذلك انتهاكاً صارخاً لسيادة اليمن وتهديداً كبيراً لأمنه القومي وإضراراً بنسيجه الاجتماعي، لكن حكومة الشرعية لا تتوقف عند أيٍّ من هذه الخطوط الحمراء، بل تمضي في تنفيذ أي إجراء تمليه عليها قوى خارجية تمولها وتديرها وتمنحها الألقاب والصفات مقابل أن ترعى مصالحها، وفق مراقبين.