آخر الأخبار

مع اقتراب "عام الانتخابات" في إسرائيل.. حكومة نتنياهو تستهدف الصحافة "الحرة"

شارك

(CNN) -- تحول تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوسائل الإعلام الرئيسية، إلى هجوم واسع النطاق على حرية الصحافة في بلاده.

فنتنياهو الذي لم يُجرِ مقابلة مع 3 من أبرز محطات البث التلفزيوني في إسرائيل منذ أكثر من 4 سنوات، يتهمها بـ"غسل الأدمغة"، وزعم أنها "تساعد أعداء إسرائيل"، ولاحق شخصيًا الصحفيين الذين ينتقدونه .

والآن، يتطور هذا التوتر القائم منذ فترة طويلة إلى شيء أكثر عدوانية.

ويُشكل ائتلاف نتنياهو لجنة برلمانية خاصة لدفع تشريع من شأنه استبدال هيئات تنظيم الإعلام المستقلة بأشخاص معينين سياسيًا، وسيمنح هذا التغيير الحكومة سلطة واسعة لتغريم ومعاقبة وسائل الإعلام- وهي خطوة يحذر النقاد من أنها قد تُعيد تشكيل البيئة الإعلامية في البلاد بشكل دائم .

وأُقرّ مشروع القانون، الذي رعاه وزير الاتصالات شلومو كرعي، الموالي لنتنياهو، في قراءته الأولى الشهر الماضي بعد طرحه في مايو/ أيار.

وتقول الحكومة إن هدفها هو فتح السوق، وتعزيز المنافسة، وإزالة الحواجز التنظيمية القديمة، وتحديث قوانين الإعلام الإسرائيلية لمواكبة العصر الرقمي .

مع ذلك، حذّرت الشبكات الإعلامية من أن الإصلاح المقترح سيوسّع النفوذ السياسي ويُقوّض استقلالية التحرير.

وفي خطوة غير مسبوقة، أنشأت الشبكات المتنافسة منتدى طوارئ مشتركًا في أغسطس/آب 2023 لمعارضة خطط الحكومة، التي وصفتها بـ"الاستيلاء العدائي" على سوق الإعلام .

وقال مسؤول في المنتدى لشبكة CNN: " ما نشهده هو محاولة للاستيلاء على السلطة عشية الانتخابات. الهدف الواضح هو قمع الصحافة الحرة وإسكات الانتقادات قبل ذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع ".

" حرية تعبير حقيقية "

يُعدّ مشروع قانون تنظيم الإعلام جزءًا من مجموعة أوسع من القيود والتدابير المتخذة ضد حرية الصحافة في إسرائيل.

وفي وقت سابق من هذا العام، خفضت منظمة "مراسلون بلا حدود" تصنيف إسرائيل إلى المرتبة 112 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي.

وقالت المنظمة: "تضاعفت حملات التضليل والقوانين القمعية في إسرائيل، واشتدت الضغوط على الصحفيين الإسرائيليين ".

ويجري حاليًا توسيع نطاق مشروع قانون كان يهدف في الأصل إلى حظر قناة "الجزيرة" القطرية، لتمكين الحكومة من إغلاق بعض وسائل الإعلام الأجنبية دون رقابة قضائية باسم "الأمن القومي"، كما يهدف مشروع قانون آخر إلى خصخصة هيئة البث الإسرائيلية العامة (كان)، وأعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس مؤخرًا أنه سيغلق إذاعة الجيش (جالي تساهال) العام المقبل.

وبينما شكك البعض في وجود هيئة بث يديرها الجيش في دولة ديمقراطية، فإن توقيت هذا القرار يتماشى مع تحركات الحكومة الأوسع نطاقًا لتعزيز سيطرتها على المجال الإعلامي .

ويتكشف كل هذا في الوقت الذي منعت فيه إسرائيل الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة بشكل مستقل منذ بدء الحرب قبل أكثر من عامين.

وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن هذا الحظر يُمثل "انتهاكًا غير مسبوق لحرية الصحافة وحق الجمهور في الحصول على تقارير إعلامية موثوقة ومستقلة وتعددية ".

وواجه مشروع قانون تنظيم الإعلام انتقادات من الهيئة التنظيمية الوطنية، ووزارتي المالية والعدل، والمستشارين القانونيين للكنيست (البرلمان)، والنائب العام.

وكتبت المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية (النائب العام) غالي بهاراف ميارا، في رأي قانوني قُدّم إلى الحكومة في سبتمبر/أيلول: "يُشكّل هذا الاقتراح مخاطر متزايدة على حرية الإعلام في إسرائيل، ويثير قلقًا حقيقيًا بشأن النفوذ التجاري والسياسي والتدخل في عمل المؤسسات الإعلامية عمومًا، وفي نشرات الأخبار خصوصًا ".

ورغم الاعتراضات القانونية من المستشار القانوني للحكومة والمستشار القانوني للكنيست، يُواصل وزير الاتصالات المضي قدمًا، ويقول الوزير، الذي اتهم الصحافة بـ"إضعاف إسرائيل داخليًا" في خطاب ألقاه في الكنيست في نوفمبر/تشرين الثاني، وادّعى أنها مكّنت حركة "حماس" من شنّ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، بأن هذا "الإصلاح سيُرسّخ حرية تعبير حقيقية، لا حرية تعبير الساخطين الذين يحملون الميكروفونات " .

وبينما تسعى حكومة نتنياهو جاهدةً لتقييد ومقاطعة التقارير النقدية، فقد روجت في الوقت نفسه للقناة 14 المؤيدة لنتنياهو - والتي تُعرف غالبًا باسم "فوكس نيوز إسرائيل"- بمزايا تنظيمية، بما في ذلك رسوم توزيع مخفضة، وإعفاءات متنوعة تسمح لها بالعمل بقيود أقل من القنوات التجارية الأخرى .

وقالت تهيلا شوارتز ألتشولر، الزميلة البارزة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي: "في العامين الماضيين، شنت الحكومة الإسرائيلية حملة سياسية وتنظيمية وخطابية منسقة لإضعاف وسائل الإعلام " .

وأضافت: " يشن وزراء الائتلاف وكبار السياسيين بشكل روتيني هجمات علنية على الصحفيين، ويلومون وسائل الإعلام على الإخفاقات الوطنية مثل أحداث 7 أكتوبر، بينما تصاعدت المضايقات العنيفة للصحفيين ".

" يريدوننا أن نخاف "

لا يقتصر الضغط على المؤسسات فحسب، فالصحفيون الأفراد المعروفون بتغطيتهم النقدية لنتنياهو وحكومته يتعرضون لتهديدات وترهيب متصاعدين، معظمها مع

دعم ضمني أو صريح من أعضاء حزب نتنياهو وشركاء الائتلاف اليميني المتشدد، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير .

وواجه غاي بيليغ، كبير مراسلي الشؤون القانونية في القناة 12، احتجاجات خارج منزله، ورسائل تهديد، وحملات إعلانية تدعو إلى سجنه .

وهذه الحملة ضد بيليغ، الذي يغطي بانتظام محاكمة نتنياهو الجارية بتهم الفساد، ليست جديدة، فخلال انتخابات 2019، ظهر وجهه على إعلانات الليكود إلى جانب 3 صحفيين معارضين آخرين تحت شعار "لن يقرروا " .

واشتدّت الهجمات بعد أن كشف بيليغ عن مزاعم إساءة معاملة معتقل فلسطيني في مركز احتجاز سدي تيمان، وهي قضية أدت مؤخرًا إلى استقالة المدعية العسكرية يفعات تومر يروشالمي.

وقال بيليغ في برنامج "أولبان شيشي" على القناة 12: "يريدوننا أن نخاف، يريدوننا أن نرافق حراس الأمن، ما نقوله هو أننا لن نستسلم ولن نخاف، وسنواصل عملنا".

وقام الناشط اليميني مردخاي ديفيد، المعروف بمواجهته للصحفيين وشخصيات المعارضة، بمضايقة بيليغ مرارًا وتكرارًا، الذي حصل في النهاية على أمر قضائي يمنع ديفيد من الاقتراب منه مسافة مترين على الأقل .

ومع ذلك، لاقى ديفيد ترحيبًا حارًا من شخصيات بارزة في الائتلاف، واستضافه بن غفير في مكتبه في الكنيست، وأشاد باحتجاجاته ووصفها بأنها "ممتازة" و"مهمة ديمقراطية".

ودعاه تسفيكا فوغل، من حزب "عوتسما يهوديت" اليميني المتشدد الذي ينتمي إليه بن غفير، إلى جلسة استماع في لجنة بالكنيست حول مضايقة الصحفيين، على الرغم من صدور أمر قضائي آخر- من النائب المعارض جلعاد كاريف .

وقال بيليغ لشبكة CNN: " الحكومة تحتضن هؤلاء الأشخاص، إنهم ضيوف شرف في لجان الكنيست، نحن لا نتحدث عن بضعة أشخاص مجانين كتبوا تعليقًا أو أرسلوا رسالة كراهية، نحن نتحدث عن مجموعة تحتضنها الحكومة، وتدعمها بطرق عديدة، وتشكرها، وتحثها على الاستمرار ".

وأضاف: "للحرب على الإعلام أذرعًا متعددة، أحدها من خلال التشريعات في البرلمان، وآخر من خلال وزير الدفاع وإذاعة الجيش، وذراع ثالثة تُرسل شخصيات هامشية مختلفة لإدارة حملة - سواءً عبر الإنترنت أو من خلال المضايقات - وهو في جوهره نوع من الإرهاب، كل هذا جزء من نظام موحد ".

ويتشابك الموقف السياسي الحالي لنتنياهو بالفعل مع الإعلام، وأدت مناوراته الإعلامية في النهاية إلى تحقيقات جنائية ولوائح اتهام، حيث يزعم الادعاء أنه استبدل المزايا التنظيمية بتغطية إخبارية إيجابية.

ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي الآن رسميًا للحصول على عفو من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في محاكمته الطويلة بتهم الفساد، رافضًا الاعتراف بأي مخالفات .

وستُضفي الآلية الجديدة التي تسعى حكومة نتنياهو الآن إلى تشريعها طابعًا رسميًا على ترتيبات مماثلة، والتي يقول النقاد إنها ستسمح لوزراء الحكومة بمكافأة وسائل الإعلام الصديقة ومعاقبة المنتقدة .

ويُعد توقيت الدفع التشريعي ذا أهمية، فمن المقرر إجراء الانتخابات القادمة في إسرائيل في أكتوبر 2026، ما لم ينهار ائتلاف نتنياهو قبل ذلك.

وفي كلتا الحالتين، تشهد إسرائيل عامًا انتخابيًا، حيث تُعدّ الصحافة المستقلة أمرًا بالغ الأهمية للمساءلة الديمقراطية .

وقالت ألتشولر لشبكة CNN: " مع دخول إسرائيل عام الانتخابات، تواجه مؤسساتها الإخبارية ضغوطًا سياسية غير مسبوقة، وتهديدات تنظيمية، وترهيبًا جسديًا، مما يجعل المجال العام أكثر عرضة من أي وقت مضى للتأثير والاستيلاء، وتآكل الرقابة الديمقراطية ".

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا