قال تقرير لوكالة الأناضول إن الولايات المتحدة لم تكتفِ بدعم إسرائيل عسكريا وسياسيا رسميا فقط بل تغض الطرف كذلك عن الدعم المالي الكبير الذي تقدمه جهات غير حكومية أميركية للبناء الاستيطاني بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية .
وثمة ندرة في تحديد أسماء الجهات والشخصيات الأميركية الرئيسية، التي تُموّل الاستيطان بمبالغ مالية هائلة عبر منظمات أميركية غير ربحية.
ولا تعلن أغلب جمعيات الاستيطان في إسرائيل ميزانيتها ولا مصادر تمويلها الخارجية، لكن معظم تمويلها يصل من اليهود بالولايات المتحدة عبر منظمات أميركية، بحسب إعلام إسرائيلي.
وعلى رأس هذه المنظمات الأميركية الممولة للاستيطان يأتي "الصندوق المركزي الإسرائيلي".
واستعرضت وكالة الأناضول في تقريرها ما يلي:
على يد الزوجين هداسا وآرثر ماركوس، تم تدشين الصندوق المركزي الإسرائيلي في حي مانهاتن بمدينة نيويورك الأميركية عام 1979، عبر شركة نسيج كـ"منظمة غير ربحية".
ومنذ وفاة الزوجين يتولى ابنهما غاي رئاسة الصندوق، وشقيقه إيتمار منصب نائب الرئيس، بحسب الموقع الإلكتروني للصندوق.
ويدير غاي الصندوق من مكتبه في مانهاتن أو منزله في مستوطنة إفرات بالضفة الغربية المحتلة.
وسنويا، ينقل غاي ملايين الدولارات إلى إسرائيل لتمويل بناء المستوطنات، وفقا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 5 يونيو/حزيران 2025.
وحسب ادعاء الموقع، يقدم غاي تبرعات ومساعدات لـ"الأعمال الخيرية في إسرائيل"، ويتيح وصول كل أموال المتبرع الأميركي إلى إسرائيل كما هي دون المرور بالإجراءات البيروقراطية أو الضرائب.
ويرفع الصندوق شعار "كل ما تقدمه (المتبرع) هو ما يحصلون عليه (في إسرائيل) دون أي خصومات"، ويفتخر بأنه يدعم ماليا أكثر من 504 جمعيات ومنظمات في إسرائيل.
بخصوص أهدافه، يتفاخر الصندوق بأنه "منذ بداياته المتواضعة، التزم ببناء مجتمع إسرائيلي قوي وحيوي من خلال التبرعات الخيرية المباشرة"، وفقا لموقعه.
ويقول إن "الدعم المالي يجب أن يستمر ويتواصل من أجل شعب إسرائيل، للسكن في أرض أجداده، ويجب أن يكون مباشرا ومؤثرا"، على حد زعمه.
وفي مايو/أيار 1948، أُقيمت إسرائيل على أراضٍ فلسطينية احتلتها عصابات صهيونية مسلحة ارتكبت مجازر وهجّرت مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين قسرا من منازلهم.
ولدعمه الاستيطان، حصل الصندوق على جائزة "عمدة القدس للمنظمات التطوعية البارزة" عام 1994، مع "إشادة كبار الحاخامات نتيجة لتفانيه في العمل التطوعي"، وفقا للموقع.
ولا تقتصر مصاريف أموال الصندوق على البناء الاستيطاني، إذ تُستخدم في دعم التعليم الديني اليهودي المتطرف، ومساعدة عائلات مستوطنين مدانين بارتكاب جرائم إرهابية بحق فلسطينيين.
ويشدد "الصندوق المركزي الإسرائيلي" على أن "معلومات المتبرعين سرية تماما، ولا يمكن مشاركتها مع أي جهات خارجية".
ويحيط الصندوق نفسه بغموض شديد، وعادة ما يرفض غاي الإدلاء بأي تصريحات بشأن مصادر تمويله.
وفي 7 ديسمبر/كانون الأول 2015، قال الكاتب في هآرتس أوري بلاو إنه حاول مرارا التواصل مع غاي للاستفسار عن مصادر تمويل الصندوق، لكنه كان يعتذر أو يتهرب.
ومن بين المستوطنات الإسرائيلية التي وصل إليها دعم "الصندوق المركزي الإسرائيلي": غوش عتصيون وإفرات وإيتمار وبيت إيل وكريات أربع.
وفي 7 ديسمبر/كانون الأول 2015، ذكرت هآرتس أن إحدى المؤسسات التي يدعمها الصندوق هي مدرسة "يوسف ما يزال حيا" في مستوطنة يتسهار بالضفة الغربية المحتلة.
كما أفاد موقع "العين السابعة" الإسرائيلي، في 26 سبتمبر/أيلول 2018، بأن الصندوق أحد الممولين الرئيسيين لمنظمة "إم ترتسو".
وهذه المنظمة تأسست في 2006، وتنشط بين الشباب، وتدعو لطرد العرب من الجامعات الإسرائيلية، وحصلت على 5.5 ملايين شيكل (نحو 1.6 مليون دولار) من الصندوق خلال العقد الماضي.
كما يرسل الصندوق تبرعات إلى حركة "نساء بالأخضر"، وهي حركة نسائية يمينية متطرفة مؤيدة للاستيطان ورافضة لاتفاقيات أوسلو للسلام في تسعينيات القرن الماضي.
وكذلك منظمة "هانونو"، التي تقدم الدعم القانوني والمالي للمتطرفين اليهود والمشتبه في ارتكابهم جرائم كراهية ضد العرب، بحسب موقع "العين السابعة".
أنشأت إسرائيل مئات المستوطنات بالضفة الغربية، ويقيم فيها أكثر من 700 ألف مستوطن يرتكبون اعتداءات يومية بحق المواطنين الفلسطينيين بهدف تهجيرهم قسريا.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وتدعو إلى وقفه منذ عقود دون جدوى.
وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، كثفت إسرائيل جرائمها في الضفة الغربية المحتلة، وبينها التوسع الاستيطاني، تمهيدا لضم الضفة إليها رسميا.
ومنذ بداية الإبادة، قتل الجيش الإسرائيلي ومستوطنون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1085 فلسطينيا، وأصابوا نحو 11 ألفا، إضافة لاعتقال ما يزيد على 20 ألفا و500، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية.
ومن شأن ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل أن ينهي إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية ، المنصوص عليها في قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967 .
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة