آخر الأخبار

ارتفاع تصنيف الأسواق الناشئة يقلب قواعد الاستثمار العالمية

شارك

في تطور يعكس تغيرًا عميقًا في معايير تقييم المخاطر في أسواق الديون الدولية، تشير وكالة بلومبيرغ إلى أن شريحة واسعة من المستثمرين العالميين باتت تتعامل مع مجموعة مختارة من الأسواق الناشئة بوصفها أكثر استقرارًا وأمانًا من اقتصادات متقدمة لطالما احتفظت بصفة "الملاذات الآمنة".

وتصف الوكالة هذا التحول بأنه لحظة فارقة في المشهد الاستثماري، إذ يُعيد رسم علاقة المستثمرين بمخاطر الديون السيادية والشركات حول العالم، ويمهّد لمرحلة جديدة من تفوق الأداء المستدام لصناديق السندات في الأسواق الناشئة.

أسواق ناشئة ذات تصنيف مرتفع

وبحسب بلومبيرغ، يتجلى هذا التحول بأوضح صورة في أداء السندات الصادرة عن دول تحمل تصنيفا ائتمانيا عند مستوى "إيه إيه"، مثل الإمارات وقطر وتايوان وكوريا الجنوبية والتشيك.

مصدر الصورة تقارب تكاليف الاقتراض بين بعض الاقتصادات الناشئة والولايات المتحدة يعكس تغيرًا غير مسبوق في خريطة الثقة العالمية (رويترز)

وقد حققت هذه الدول عوائد إجمالية أقوى خلال عام 2025 مقارنة بالسندات الصادرة عن دول متقدمة تحمل التصنيف نفسه، وذلك سواء عند احتساب العائد بالدولار أو بالعُملات المحلية.

وتذكر الوكالة أن تكلفة الاقتراض بالدولار بالنسبة لبعض هذه الدول أصبحت تقترب من تكلفة الاقتراض في السوق الأميركية، وهي سوق تُعتبر تقليديا الأكثر أمانا على مستوى العالم.

كما تشير إلى وجود علامات متزايدة على تقارب مستويات المخاطر بين الاقتصادات الناشئة وبعض الاقتصادات المتقدمة، في حركة تعكس إعادة تقييم واسعة لمصادر الانضباط المالي حول العالم.

انضباط مالي ملاحظ في الدول النامية

وتوضح بلومبيرغ أن عددًا كبيرًا من الاقتصادات النامية استطاع خلال السنوات الأخيرة خفض مستويات الدَّين العام، والسيطرة على التضخم ، وتحسين مراكز الحساب الجاري.

في المقابل، تركت اقتصادات مجموعة السبع العنان لارتفاع كبير في نسب الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي ، مما أدى إلى تآكل مكانتها كوجهات مضمونة للمستثمرين الباحثين عن الأمان.

إعلان

وفي هذا السياق، تنقل الوكالة عن جيمس آثي، مدير المحافظ الاستثمارية في مارلبورو لإدارة الاستثمار، قوله: "إذا أردتُ سياسات مالية منضبطة وأطرًا أرثوذكسية واضحة، فإنني أتجه في الوقت الحالي إلى الأسواق الناشئة لا إلى الاقتصادات المتقدمة".

ويضيف أنه عزز استثماراته مؤخرًا في البيزو المكسيكي والسندات المحلية التشيلية وسندات جنوب أفريقيا المقومة بالدولار، مما يعكس ثقة متزايدة في الأساسيات الاقتصادية لهذه الأسواق.

عام 2025 أفضل عام للسندات الناشئة

وتؤكد بلومبيرغ أن البيانات المتاحة تظهر أن عام 2025 يسير ليكون أفضل عام في أداء السندات الناشئة منذ فترة ما قبل الجائحة، ففي سوق السندات السيادية المقوَّمة بالدولار، انخفض الفارق الذي يطلبه المستثمرون فوق عائد سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوى له منذ 7 أعوام. أما بالنسبة للمُصدِّرين من فئة "إيه إيه"، فقد انكمش الفارق إلى 31 نقطة أساس فقط، وهو مستوى قياسي غير مسبوق.

مصدر الصورة قدرة الاقتصادات النامية على كبح التضخم وخفض الديون تمثل عنصرًا حاسمًا في إعادة تشكيل مزاج المستثمرين العالميين (رويترز)

كما توضّح البيانات أن عوائد السندات المقوَّمة بالعُملات المحلية في الأسواق الناشئة باتت أدنى من عوائد سندات الخزانة الأميركية منذ أواخر 2024، وأن هذا الخصم اتسع ليبلغ مستوى قياسيا خلال أغسطس/آب 2025، مما يعزز اتجاه المستثمرين نحو هذه الفئة.

ليست كل الأسواق الناشئة متماثلة

ورغم الاتجاه التصاعدي، تشدد بلومبيرغ على أن الأسواق الناشئة ليست كتلة واحدة متجانسة، فهناك دول، خصوصًا في أفريقيا وأميركا اللاتينية، لا تزال تعاني مستويات عالية من الهشاشة السياسية والمالية، إضافة إلى أزمات ديون متكررة.

كما تدعو الوكالة إلى عدم إغفال أن عدد الدول الناشئة الحاصلة على تصنيف "إيه إيه" محدود للغاية، وأن جزءًا معتبرًا من الأداء المتميز هذا العام يعود إلى ضعف الدولار وتراجع أسعار الفائدة في أميركا.

ومع ذلك، تسجّل بلومبيرغ ما تصفه بـ"تحول ملموس في دوافع المستثمرين"، إذ لم يعد التركيز منصبًا فقط على العوائد العالية، بل باتت الأساسيات الاقتصادية الكلية في صالح العديد من الأسواق الناشئة، مما يجعل الالتزام طويل الأجل بها خيارًا أقل مخاطرة مما كان عليه في السابق.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار