بعد ما يقارب عامين من الهجمات المتواصلة على السفن في البحر الأحمر ، أعلن الحوثيون استعدادهم لوقف عملياتهم البحرية شريطة "استمرار وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".
لكن هذا الإعلان لم يكن كافياً لطمأنة شركات الشحن العالمية، التي ما تزال مترددة في العودة إلى مسار البحر الأحمر الذي كان يشكل أحد أهم خطوط التجارة البحرية في العالم.
وذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن المكاتب الإعلامية لأكبر 3 شركات شحن في العالم -والتي تمثل معاً نحو نصف القدرة التشغيلية العالمية- أكدت تمسكها بسياساتها الراهنة لتجنّب المرور عبر البحر الأحمر مؤقتاً.
وقال بيتر ساند كبير محللي شركة "زينيتا" للنقل البحري إن بعض الشركات "بدأت تختبر المياه بحذر" موضحاً أن شركة "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية أرسلت سفينتين كبيرتين عبر قناة السويس هذا الشهر، لكنه أضاف "حتى مع انخفاض مستوى الخطر، من غير المرجّح أن نرى عودة وشيكة إلى مستويات 2023".
وأشار أيضا إلى أن شركات النقل تواجه معضلة مالية خطيرة، إذ إن أسعار الشحن الفوري انخفضت بأكثر من 50% هذا العام. وأوضح ساند أن أي عودة مفاجئة للمسار القصير عبر البحر الأحمر ستؤدي إلى "إغراق السوق بالسعة الفائضة وانهيار الأسعار إلى مستويات أدنى".
وبحسب تقديرات "زينيتا" فإن التحويلات حول رأس الرجاء الصالح امتصت نحو مليونيْ وحدة حاوية مكافئة، أي ما يعادل بين 6 و7% من إجمالي القدرة العالمية، مما ساعد في إبقاء الأسعار مستقرة نسبياً رغم تراجع الطلب.
وتُظهر بيانات صندوق النقد الدولي وموقع "بورت ووتش" التابع لجامعة أكسفورد أن متوسط عدد السفن المارة عبر مضيق باب المندب بلغ 31 سفينة يومياً حتى الأحد الماضي، وهو المستوى نفسه المسجل منذ يناير/كانون الثاني 2024، وأقل من نصف حجم الحركة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أي قبل بدء التحويلات الواسعة لمسارات الشحن.
وفي هذا السياق، حذّر لارس ينسن الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات البحرية "فيسبوتشي مارايتايم" من التسرّع في الحديث عن عودة قريبة للملاحة عبر البحر الأحمر، قائلاً إن "الهدنة بين إسرائيل وحماس ما تزال هشة للغاية".
وأضاف في منشور عبر "لينكدإن" أن من السابق لأوانه تفسير وقف الحوثيين لهجماتهم كإشارة إلى عودة قريبة لشركات الشحن "فذلك يتطلب تغيّراً جذرياً في مستوى تقبّل المخاطر لديها مقارنة بما كان عليه قبل 8 أشهر".
ومن جانبه، قال ياكوب لارسن مدير الأمن والسلامة في منظمة "بيمكو" الدولية إن استقرار الهدنة في غزة سيكون العامل الحاسم في قرار العودة إلى البحر الأحمر.
وأوضح لارسن -في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني- أن "انهيار الهدنة قد يؤدي إلى استئناف الهجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل، أما إذا استقرت الهدنة واستمر وقف النار فسنشهد عودة تدريجية إلى طرق البحر الأحمر".
وبينما يراقب قطاع الشحن الدولي الموقف بحذر، توقعت "بلومبيرغ" أن أسعار الشحن العالمية قد تنخفض بنسبة تصل 25% عام 2026 حتى إذا استمر الوضع الحالي دون تغيير.
ويرى محللون أن "التوازن بين الأمن البحري والضغوط الاقتصادية" سيبقى محدداً رئيسياً لمستقبل حركة التجارة عبر البحر الأحمر الذي كان يمرّ عبره قبل الأزمة ما يزيد على 12% من التجارة العالمية.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة