آخر الأخبار

بين المال والسياسة.. رؤساء أميركيون سابقون "يتذكرون"

شارك

يعكف الرئيس الأميركي السابق جو بايدن على "كتابة" مذكراته بعد أن حصل على ملايين الدولارات من الجهة الناشرة، وذلك في تقليد "أدبي" يتيح للرؤساء السابقين فرصة ليرووا تجاربتهم في الحكم من منظور شخصي وفي إطار صفقات مالية تختلف قيمتها من رئيس إلى آخر، كما يختلف أيضا أثرها السياسي حسب كل رئيس.

وحسب المعلومات المتداولة منذ أكثر من شهرين، فإن دار نشر هاشيت قد دفعت نحو 10 ملايين دولار للاستحواذ على حقوق نشر مذكرات الرئيس بايدن، الذي قال في أكثر من مناسبة إنه يسابق الزمن لإنهاء تدوين مذكراته وإصدارها دون الإعلان عن موعد محدد، وذلك وسط تباين التكهنات حول فحوى تلك المذكرات وقيمتها السياسية والتاريخية.

مصدر الصورة المذكرات المنتظرة لبايدن قد تتيح له فرصة ليروي "سيرته" الرئاسية من منظوره الشخصي وربما للرد على التساؤلات التي أثيرت بشأن قدراته العقلية ولياقته الجسدية (أسوشيتد برس)

وينبع ذلك التباين من طبيعة الظروف المضطربة التي غادر فيها بايدن (82 عاما) البيت الأبيض، وتحديدا ما يتعلق بحالته الصحية بعد أن ظل إلى آخر لحظة يحلم بولاية ثانية، قبل أن ينسحب على مضض من السباق وسط سيل من الانتقادات من داخل الحزب الديمقراطي.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 هل يخدم العلاج النفسي الأنظمة القمعية بدلًا من معالجة أسباب الاكتئاب؟
* list 2 of 2 هل يمكن اعتبار سرقة مجوهرات اللوفر احتجاجاً على الظلم التاريخي؟ end of list

لكن بغض النظر عن ذلك التباين، فإن الرئيس بايدن لن يخرج عن منوال سابقيه في البيت الأبيض؛ إذ إن هذه المذكرات المنتظرة قد تتيح له فرصة ليروي "سيرته" الرئاسية من منظوره الشخصي وربما للرد على التساؤلات التي أثيرت بشأن قدراته العقلية ولياقته الجسدية عندما بدأ العد التنازلي لنهاية ولايته الأولى والأخيرة.

المال وتلميع الصورة

وعادة ما كانت المذكرات الرئاسية في الولايات المتحدة وسيلة لتحقيق مكسب مالي مهم ومناسبة للرئيس المعني للدفاع عن إرثه السياسي وعن بعض القرارات المثيرة للجدل، وهو ما يعني في نهاية المطاف أن ذلك البوح نادرا ما يكون فرصة للنقد الذاتي بقدر ما هو مناسبة لتلميع الذات وتقديمها في أحسن صورة.

إعلان

ورغم ذلك، فإن تلك المذكرات تحظى بإقبال عالٍ من القراء الذين يرون فيها عادة نافذة للاطلاع على أجواء وطرائف وبعض أسرار وأجواء السنوات التي أمضاها الرئيس في دهاليز السلطة وصناعة قرارات تهم شؤون دولة عظمى وباقي دول العالم.

ومع تطور صناعة الكتاب، أصبحت دور النشر تتهافت على نشر مذكرات الرؤساء الأميركيين السابقين، لدرجة أن الأمر أصبح مع مرور الزمن تقليدا راسخا في قطاع الطباعة والنشر، ويكتسي طبيعة تجارية بالنظر إلى الحجم المالي لصفقات حقوق التأليف، لكن طابعه السياسي يبقى نسبيا ويختلف من رئيس إلى آخر، حسب السياق التاريخي.

مصدر الصورة (الجزيرة)

من ترومان إلى كلينتون

وبدأ تقليد نشر المذكرات الرئاسية يتبلور في خمسينيات القرن الماضي مع الرئيس هاري ترومان (1945-1953) الذي شهد بداية تشكل نظام عالمي جديد في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وعاش أولى فصول الحرب الباردة بين الغرب والمعسكر الاشتراكي.

وفي سبعينيات القرن العشرين ترسخ ذلك التقليد مع الرئيس ريتشارد نيكسون (1969-1974) الذي لم يكمل ولايته الثانية على خلفية فضيحة ووترغيت، وشكلت المذكرات بالنسبة له فرصة ليقدم روايته للأحداث وليدافع عن نفسه وعن تركته السياسية.

واكتسبت المذكرات الرئاسية زخما أقوى في الثمانينيات مع الرئيس جيمي كارتر (1977-1981) الذي هندس اتفاقيات كامب ديفيد للسلام بين إسرائيل ومصر، قبل أن تعصف به أزمة احتجاز الرهائن الأميركيين في طهران.

ولم يكتفِ كارتر بالتدوين عن السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض، بل ظل حريصا على الكتابة والتأليف عن حياته الخاصة وتجربته السياسية وعن شؤون العالم، إذ ظل ملتحما بالشأن العام أميركيا ودوليا إلى أن وافته المنية عام 2024.

وبعد نحو عقدين عن عهدة كارتر، حققت مذكرات الرئيس بيل كلينتون بعنوان "حياتي" (2004) رقما قياسيا من حيث قيمة حقوق النشر (15 مليون دولار) ومن حيث المبيعات (أكثر من 2.3 مليون نسخة، منها 400 ألف نسخة بيعت في اليوم الأول)، خاصة أن القراء كانوا يتلهفون لما قد يكشفه الرئيس كلينتون عن الفضيحة الأخلاقية التي كادت أن تطيح به في السنوات الأخيرة من حكمه (1993-2001).

لكن مذكرات خلفه جورج دبليو بوش (2001-2009) التي حملت عنوان "نقاط القرار" لم يرافقها الزخم نفسه (حقوق النشر بلغت قيمتها حوالي 7 ملايين دولار والمبيعات حوالي مليوني نسخة) رغم أن فترته شهدت أحداثا فارقة لا تزال تداعياتها قائمة حتى الآن: هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2011 وغزو أفغانستان عام 2001 وغزو العراق عام 2003.

مصدر الصورة مذكرات بوش وكلينتون وأوباما (الجزيرة)

طفرة أوباما

وشهد الاهتمام بالمذكرات الرئاسية طفرة كبيرة مع الرئيس باراك أوباما (2009-2017)، الذي كان أول أميركي من أصول أفريقية يدخل البيت الأبيض، وحققت مذكراته هو وزوجته ميشيل أوباما رقما قياسيا من حيث القيمة المالية وعدد المبيعات.

ونشر باراك وميشيل أوباما مذكراتهما عام 2020 مقابل صفقة مالية ضخمة بلغت حوالي 60 مليون دولار، وحققا أرقاما قياسية من حيث المبيعات: مذكرات أوباما، "أرض الميعاد"، بيعت منها أكثر من 5 ملايين نسخة داخل أميركا وخارجها، وهو الحجم نفسه من المبيعات الذي حققته تقريبا مذكرات ميشيل أوباما بعنوان "التحول".

إعلان

واستمدت "أرض الميعاد" أهميتها من كون أوباما كان تجربة فريدة في تاريخ البلاد وتجسيدا بشكل من الأشكال لمعنى الحلم الأميركي، كما أنها كانت بمثابة تتمة لكتابيه السابقين وما حققاه من مبيعات قياسية، وهما "جرأة الأمل: أفكار لاستعادة الحلم الأميركي" (2006) الذي ألفه وهو يستعد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية، وكتاب "أحلام من أبي" (1995) الذي روى فيه رحلة بحثه عن ذاته وهويته.

مصدر الصورة ترامب لم يحتج إلى نشر مذكراته للبقاء تحت الأضواء بل ظل في واجهة الأحداث (أسوشيتد برس)

صمت ترامب

ويمكن القول إن زخم المذكرات الرئاسية لا يزال حبيس قصة أوباما وزوجته، لأن خلفه دونالد ترامب (2017-2021) لم يخضع لتقليد البوح، إذ غادر السلطة على وقع سجال حاد بشأن نتيجة الانتخابات، وظل يشكك في نزاهتها، إلى درجة أنه لم يحضر مراسم تسليم السلطة لخلفه جو بايدن.

وفي الأيام الأولى التي تلت هزيمته في انتخابات 2020 سرت تكهنات بأن ترامب قد ينشر مذكراته مقابل حقوق قد تبلغ قيمتها 60 مليون دولار، وهو المبلغ الذي حصل عليه سلفه باراك أوباما وزوجته ميشيل.

لكن ذلك لم يحصل ولم يحتج ترامب إلى نشر مذكراته للبقاء تحت الأضواء، بل ظل في واجهة الأحداث، خاصة المتصلة بشؤون القضاء، طيلة أربعة سنوات، قبل أن يخوض سباق الرئاسة مجددا عام 2024 ويعود للبيت الأبيض لولاية ثانية.

وربما سيكون من المبكر التكهن بشأن احتمال أن ينشر ترامب (79 عاما) مذكراته في يوم من الأيام بعد أن بدأت أصوات قوية مقربة منه، بينها ستيف بانون، الحديث عن سعيه لولاية رئاسية ثالثة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار