ما بين عامي 1821 و1829، عاشت القارة الأوروبية على وقع أحداث حرب الاستقلال اليونانية، وخلال هذه الحرب، اتجهت العديد من القوى الأوروبية للتدخل عسكريا ضد العثمانيين.
فعقب توقيع معاهدة لندن يوم 6 تموز(يوليو) 1827، وافقت كل بريطانيا وفرنسا وروسيا على التدخل عسكريا لمساندة اليونانيين ضد العثمانيين، وعبر هذا التدخل العسكري اتجهت هذه القوى الأوروبية لإجبار العثمانيين على القبول والاعتراف بدولة يونانية مستقلة.
وقد تجسد هذا التدخل الأوروبي بالأساس من خلال معركة نافارين البحرية حيث تعرض الأسطول البحري العثماني لانتكاسة عقب تدمير 55 من سفنه على يد سفن التحالف الأوروبي.
وكرد على ذلك، اتجهت الدولة العثمانية لاتخاذ جملة من الإجراءات ضد الروس متسببة بذلك في توسع العمليات القتالية واندلاع الحرب الروسية العثمانية ما بين عامي 1828 و1829.
عقب معركة نافارين، اتجه السلطان العثماني محمود الثاني لاعتماد إجراءات انتقامية ضد الروس، فبعد اتهامهم بالمشاركة بهذه المعركة، انسحب محمود الثاني من المعاهدات السابقة حول الدردنيل واتجه لإغلاق هذا المضيق، بداية من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1827، أمام السفن الروسية.
وعلى إثر ذلك، اندلعت خلال شهر نيسان (أبريل) 1828 الحرب الروسية العثمانية التي استمرت لأكثر من سنة وانتهت بحلول أيلول/سبتمبر 1829.
وخلال هذه الحرب، تلقى العثمانيون خسائر فادحة بالمعارك التي دارت بمناطق القوقاز والبلقان. فضلا عن ذلك، تحدثت تقارير عن سقوط ما يزيد عن 80 ألف قتيل عثماني بهذه المعارك ضد الروس الذين نجحوا في انتزاع مزيد من الأراضي التي احتلها العثمانيون سابقا بالبلقان.
ومع ارتفاع عدد ضحاياه وتراجع قواته على ساحة المعركة، مال السلطان العثماني محمود الثاني للسلام واتجه لقبول شروط الروس لإنهاء الحرب.
يوم 14 أيلول (سبتمبر) 1829 بأدرنة، وقع العثمانيون والروس على المعاهدة التي أنهت الحرب بين الطرفين، وبموجب هذه المعاهدة، حصل الروس على امتيازات ملاحية بالأنهار المطلة على البحر الأسود. فضلا عن ذلك، تعهد العثمانيون بفتح الدردنيل لجميع السفن التجارية وقبلوا في الآن ذاته بالاعتراف بسيادة روسيا على مناطق جورجيا ويريفان.
واستكمالا لما جاء بمعاهدة لندن للعام 1827، وافق العثمانيون على الاعتراف باستقلال اليونان أو السماح بظهور دولة يونانية ذات حكم ذاتي تظل تابعة إداريا لسلطة الباب العالي.
ومن ناحية أخرى، أجبرت المعاهدة العثمانيين على تقليص سلطتهم على مناطق مولدوفيا وفالاشيا. أيضا، سمح العثمانيون للروس بالاحتفاظ بالمناطق التي سيطروا عليها بالقوقاز ووافقوا على منح التجار الروس المتواجدين على الأراضي العثمانية امتيازات عديدة.