أعادت حادثة إنهاء مدرّس في تونس لحياته، بسبب حملة تنمّر تعرّض لها من تلاميذه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الواجهة مثيرة الجدل حول آثار وتداعيات استخدام الفضاء الرقمي من قبل الناشئة في ظل ما يعتبره البعض بـ"انشغال الأسر عن مراقبة أبنائهم".
الحادثة فجّرت موجة من ردود الفعل على حسابات النشطاء بـ"فيسبوك"، حيث وصفها البعض بالصادمة، وآخرون بـ"جريمة تؤشر على انهيار المنظومة التعليمية"، وسط تنديد المدرّسين وحسرتهم على النهاية المأساوية لزميلهم الذي كان سيحال على شرف المهنة قريبا، مطلقين صيحة فزع تجاه تزايد انتشار التنمر الإلكتروني لدى الأطفال والشباب.
وتوفي المدرس، أمس الخميس، متأثّرا بحروقه البليغة التي أصيب بها، بعد أن عمد إلى إضرام النار في جسده مستخدما مادة البنزين، على خلفية تدهور حالته النفسية جرّاء حملة تنمر استهدفته عبر"السوشيال ميديا".
وأكد الناطق باسم محاكم المهدية والمنستير، فريد بن جحا، أن الواقعة بدأت بمناوشة في منتصف شهر نوفمبر الجاري بين المعلم المذكور وعدد من التلاميذ، ما دفع أم أحد التلاميذ لتقديم شكوى ضد المعلم.
وأضاف، في تصريح إذاعي “تم الاستماع إلى الأطراف المعنية، بما في ذلك الأستاذ والتلميذ ووالدته، من قبل فرقة البحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل، كما تمت دعوة الأستاذ للمثول أمام المندوبية الجهوية للتربية. بعد ذلك، انتشر فيديو يوثق المناوشة على مواقع التواصل الاجتماعي، رافقته حملة من التنمر، ما يُعتقد أنه أثّر بشدة على الحالة النفسية للمعلم ودفعه لاتخاذ هذا القرار المأساوي”.
وأكدت أن النيابة العامة “فتحت تحقيقاً للوقوف على ملابسات الحادثة وللنظر في المسؤوليات، بما في ذلك أفعال التنمر والإساءة عبر الإنترنت”، مشيرا إلى أن “القانون يُحاسب كل من تجاوز 13 عاماً على أفعال التنمر أو الإساءة الرقمية، حيث تصل العقوبات إلى السجن لمدة سنتين، بينما أقصى عقوبة للأطفال في هذه القضايا قد تصل إلى خمس سنوات” .
يذكر أن وزارة العدل التونسية، وجهت النيابة العامة قبل شهر، باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لـ"مواجهة الممارسات المخالفة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تزايد شكاوى المواطنين من انتشار محتويات مسيئة وغير أخلاقية تؤثر على المجتمع وسلوكيات الشباب".
وكانت محكمة تونسية، قضت في هذا الصدد بسجن خمسة من صانعي المحتوى وناشطين على منصتي "إنستغرام" و"تيك توك"، وسط تباين الآراء حول هذه الخطوة، بين من رحب بها "لحماية المجتمع من محتويات خادشة للحياء"، ومن انتقدها على خلفية "تقييدها لحرية التعبير".
وهنا بعض من تعليقات النشطاء اليوم "ماناش عارفين نعزيوا أرواحنا كأساتذة و كمربين في عدم السيطرة على جيل "فاشل" و"عقيم" على جميع الأصعدة والا...". "رحم الله الأستاذ فاضل جلّولي النهاية كانت تعيسة بالضبط كيما تعاسة الواقع الاجتماعي و التربوي...". "نظام تربوي ساقط... حين ينتحر الأستاذ والمعلم فاعلم أن سقوط الاجتماع البشري وشيك، وأن الجرح غائر وعميق".