كان الراحل باولو مانتوفاني رئيس سامبدوريا السابق يشعر بالانتعاش والبهجة بعد فوز فريقه بكأس إيطاليا عام 1988 للمرة الثانية في تاريخه ودعا مجموعة من المشجعين الأوفياء للفريق والصحافيين المقربين منه إلى مأدبة غداء في أحد مطاعم ميلان، أحدهم كان الصحفي إنزو دورسي صاحب فكرة إقامة كأس السوبر الإيطالية التي أصبحت إحدى أهم البطولات في كرة القدم الأوروبية.
ويلتقي نابولي مع ميلان في نصف نهائي النسخة الحالية التي تحتضنها الرياض، على أن يواجه الفائز منهما المنتصر من مباراة إنتر وبولونيا طرفي نصف النهائي الآخرين.
كان دورسي الذي فارق الحياة في 2024 يلف شوكته حول طبق الباستا أمامه وهو يفكر وسط حديث المشجعين مع الرئيس وفجأة نطق: لماذا لا يواجه سامبدوريا بطل الكأس نظيره ميلان بطل الدوري الإيطالي؟ لماذا يفعل الإنجليز ذلك في الدرع الخيرية ونحن لا نستطيع؟
أعجبت الفكرة مانتوفاني الذي بات يطمع بالمزيد من البطولات، مباشرة اتصل بلوتشيانو نيزولا رئيس الاتحاد الإيطالي وعندما سأله الأخير: أين ستذهب أموال النقل التلفزيوني؟ أجاب مباشرة: ندعم بها نادي جاري الذي يواجه خطر الإفلاس. فاستحسن الأول الفكرة وأعلن عن إقامتها بعد مشاورات مع الراحل سيلفيو بيرلسكوني رئيس ميلان ورئيس الوزراء السابق، وفاز بها فريق الأخير 3-1.
لم يكن دورسي صحافياً منتمياً لسامبدوريا بل يشجع نادي بيروجيا المدينة التي سكن فيها فترة قصيرة. صعد نجمه في الثمانينات الميلادية عندما كان يكتب في صحيفة "كورييري ديلو سبورت" مختصاً بأخبار يوفنتوس ومستفيداً من علاقته مع النجم الأسطوري ميشيل بلاتيني والمدرب جيوفاني تراباتوني، يُنسب له الفضل بأنه أول من ألقى الضوء على فضيحة "كالتشيو بولي" التي هزت كرة القدم الإيطالية عام 2006 وشهدت هبوط يوفنتوس إلى الدرجة الأدنى.
كان دورسي جزءاً مما يسمى "الدائرة الزرقاء" وهي مجموعة صغيرة من الصحافيين قرّبهم مانتوفاني استئناساً بآرائهم، كانوا يرتدون شارات صغيرة مستديرة زرقاء على طيات ستراتهم، الطريف في الأمر أنهم لم يكونوا يشجعون الفريق. أما دورسي فكانت ملابسه تثير الغرابة إذ يرتدي حذاءً من نوع "كلاركس" مع معطف صوفي في الشتاء ويستبدل الأخير بمعطف واقي من المطر خلال الربيع إضافة إلى القميص وربطة العنق، فهو بالنسبة له "مظهر الصحفي يعكس وقار الصحيفة".
كان دورسي يحظى باحترام في أوساط كرة القدم رغم أن زملائه الصحافيين يعتبرونه "فظاً" و"غريب الأطوار" لكن بالنسبة له الأمر بسيط فهو يقول: لا أريد إضاعة الوقت مع من لا يحب مهنته. والشواهد على دفاعه عن نفسه كثيرة فهو من فتح الباب للعديد من رؤساء ونواب رؤساء التحرير في صحف إيطاليا الكبرى حالياً.
فارق دورسي الحياة في مارس من العام الماضي عن عمر 71 عاماً، وخلف وراءه 3 أبناء أحدهم جاكوبو الصحافي في صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية، فمثلما يُقال "ابن الوز عوّام".
المصدر:
العربيّة