في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في مدينة بربر السودانية، البعيدة مئات الكيلومترات عن جبهة الحرب، يهتز ملعب متواضع تحت أقدام جماهير متحمسة أثناء مباراة في كرة القدم.
يقول المشجع أحمد تاج على هامش مباراة في المرحلة قبل الأخيرة من الدوري المحلي بين الهلال المتوج أخيرا وحي الوادي: "هذا إحساس جميل لا يوصف، بأن تعود الكرة السودانية ويأتي الهلال إلى مدينة بربر".
ويتابع "نحن سعداء بهذه العودة بعد عامين فقدنا فيهما ما فقدنا".
ومنذ أبريل/نيسان 2023، أودت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بحياة الآلاف، وجعلت السودان مسرحا لأكبر مجاعة ونزوح في العالم.
لكن لمدة ساعات قليلة كل أسبوع في شهر يوليو/تموز، توقف النزاع في موعد إقامة المباريات، في استراحة رحب بها شعب يصارع النزوح الجماعي والجوع والموت.
أقيم أول دوري في كرة القدم منذ عامين في ولاية نهر النيل، على بعد 300 كيلومترا شمال شرق العاصمة الخرطوم التي مزقتها الحرب.
في ملاعب صغيرة في مدن عطبرة وبربر والدامر، التقت الأندية على أرضيات غطتها بقع بنية كبيرة في حين كان عشرات المتفرجين يهتفون من المدرجات.
ورغم تعرض محطات الكهرباء والقواعد العسكرية في عطبرة لغارات من طائرات مسيّرة، آخرها الشهر الماضي، لا تزال المنطقة أكثر أمانا من الخرطوم.
بلغ الموسم ذروته الثلاثاء، عندما تواجه الهلال والمريخ، الفريقان الأكثر شعبية في البلاد، في مباراة حاسمة على اللقب. تفوق الهلال 4-0 محرزا اللقب 31 في تاريخه.
برأي قائد الهلال ونجم الهجوم الدولي محمد عبد الرحمن، فإن اللعب على أرض سودانية، حتى إن لم يكن في العاصمة، هو تجربة مثيرة.
فقد قال اللاعب البالغ 32 عاما لفرانس برس في أرض الملعب قبل ضربة البداية في حي الوادي الأربعاء الماضي "نحن سعداء بالعودة إلى الوطن واللعب أمام جماهيرنا".
فقد اضطر الهلال والمريخ إلى اللعب خارج قواعدهما، إذ شاركا في الدوري الموريتاني الموسم الماضي. وبلغ الهلال في الموسم المنصرم ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا بعيدا عن تشجيع جماهيره المحلية.
وتابع المهاجم "لم تكن عودتنا في توقيت مناسب، ولم نكن مستعدين للعب، لكن سنحاول قدر الإمكان تقديم أفضل ما لدينا وإسعاد جماهيرنا في ظل الظروف الصعبة في السودان حاليا".
لكن العودة إلى الديار ليست متاحة للجميع. فريق واحد من أصل 8 مشاركين (24 فريقا في الأصل) يقع في مدينة لا تخضع لسيطرة الجيش.
ينحدر حي الوادي من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور (غرب) والخاضعة لسيطرة مليشيات شبه عسكرية وتتعرض بانتظام لغارات جوية عسكرية.
وقد شهدت منطقة دارفور الغربية في الحرب أعمال عنف إذ حوصرت مخيمات نازحين بأكملها، وتعرضت للقصف وأحرقت بالكامل.
بالنسبة للاعب جبريل محمد نور كانت تجربة الدوري متضاربة، وقال قائد حي الوادي "لا أصدق أننا نلعب مجددا. أتمنى أن يعود البلد أكثر أمانا. اشتقنا لجمهورنا واشتقنا لبلدنا، ونأمل العودة قريبا".
منذ بداية الحرب، تدرب فريقه في السعودية وعاد قبل أسابيع قليلة من انطلاق الأدوار الحاسمة.
ورغم ابتعاد بعض اللاعبين عن إيقاع اللعب والمرافق المتواضعة، تعيش الكرة السودانية ازدهارا، بحسب المصري شوقي غريب، المدرب الأجنبي الوحيد في الدوري على رأس نادي المريخ.
ويخوض السودان كأس أمم أفريقيا المقبلة في المغرب في مجموعة واحدة مع الجزائر وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية.
وقال غريب "الجماهير هنا، اللاعبون هنا.. ما دمنا قادرين على اللعب تحت نظام والبنية التحتية قائمة فكل شيء قابل للإصلاح".
من جانبه، أعرب محمد عبد السميع، عضو الاتحاد السوداني لكرة القدم، عن فخره "بإصرار (الاتحاد) على إقامة البطولة".
وتابع "الآن وبعد المنافسة، سنتحرك في وضع اللائحة للموسم المقبل، ونأمل أن يشارك كل فريق في مدينته ونتمنى أن تنتهي الحرب قريبا".
مع ذلك، لا تلوح في الأفق نهاية الحرب، وحتى في المناطق التي يسيطر عليها الجيش يعاني الملايين من الجوع ونقص الخدمات.