باستخدام أحد أسرع الحواسيب الفائقة.. بناء أكبر نموذج محاكاة للدماغ في التاريخ

باستخدام القدرات غير المسبوقة لأحد أسرع الحواسيب الفائقة في العالم، تمكن باحثون من بناء نموذج محاكاة بيولوجي متكامل للقشرة الدماغية لفأر، يعد الأكثر ضخامة وتعقيدا في تاريخ العلوم.

وتتيح هذه النسخة الافتراضية من القشرة الدماغية للفأر للباحثين دراسة الدماغ بطريقة غير مسبوقة، حيث توفر إمكانية محاكاة أمراض مثل ألزهايمر والصرع في العالم الافتراضي ومراقبة كيفية انتشار الضرر في الشبكات العصبية، أو فهم الوعي والإدراك.

ويحاكي النموذج كلا من الشكل والوظيفة، بما يقارب 10 ملايين خلية عصبية و26 مليار مشبك عصبي و86 منطقة دماغية مترابطة.

وهذا الإنجاز المذهل هو نتاج عمل الحاسوب الفائق "فوجاكو" الياباني الذي طوره معهد "ريكين" (RIKEN) وشركة "فوجيتسو"، والذي يمكنه معالجة البيانات أسرع من طرفة عين، حيث ينفذ كوادريليونات (عدد يساوي مليون مليار) العمليات الحسابية في الثانية الواحدة.

ويتميز حاسوب "فوجاكو" بقدرة هائلة على معالجة البيانات تصل إلى أكثر من 400 كوادريليون عملية في الثانية. ويستخدم هذا الحاسوب العملاق في مجالات بحثية متنوعة تشمل علم الفلك والأرصاد الجوية وتصميم الأدوية، ما يساهم في معالجة العديد من التحديات المجتمعية.

وقاد المشروع علماء من معهد ألين وتاداشي يامازاكي من جامعة الاتصالات الكهربائية اليابانية، بالتعاون مع ثلاث مؤسسات يابانية أخرى. ومن المقرر الإعلان عن التفاصيل الكاملة لهذا الإنجاز في مؤتمر SC25 المزمع عقده في قريبا.

وتظهر المحاكاة التفاعلية ديناميكية حيوية في الزمن الفعلي، حيث تجسد البنية التشريحية الدقيقة للخلايا العصبية مع تفاصيل التشعبات العصبية، ونشاط المشابك العصبية - وهي الوصلات الدقيقة التي تنقل الإشارات بين الخلايا - وتدفق الإشارات الكهربائية عبر الأغشية الخلوية.

ويفتح هذا النموذج المتقدم لقشرة دماغ الفأر آفاقا جديدة للبحث العلمي، حيث يمكن الباحثين من دراسة الظواهر الدماغية بدقة غير مسبوقة، بدءا من آليات تشكل موجات الدماغ أثناء التركيز، وصولا إلى أنماط انتشار النوبات الصرعية.

كما يتيح إمكانية اختبار الفرضيات العلمية في بيئة افتراضية، بعد أن كان ذلك مقتصرا على التجارب المباشرة على الأنسجة الدماغية الحية بطرق محدودة.

وتمثل هذه المحاكاة المتطورة أداة واعدة للكشف عن آليات الأمراض العصبية في مراحلها المبكرة، قبل ظهور الأعراض السريرية، كما تتيح اختبار العلاجات الجديدة في بيئة رقمية آمنة.

المصدر: ميديكال إكسبريس