آخر الأخبار

السم الأبيض؟ أسباب تجعل السكر خطرا على صحتك

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

لا عجب أن العالم مدمن على السكر، إذ يُضاف إلى الكثير من طعامنا وشرابنا. كيف يُمكننا الاستغناء عنه؟صورة من: Anthony Devlin/empics/picture alliance

ندين بحبنا للحلويات للعرب في القرنين السابع والثامن الميلاديين، ففي بغداد التي كانت حينئذٍ مدينة جديدة، بدأ الناس يتعلقون بالحلوى، فكانوا يستمتعون بشراب السكر والعصيدة بالعسل والمعجنات المقلية المحلاة، وأنواع أخرى من الحلويات.

حتى كلمة "سكر" أصلها عربي، وانتقلت إلى أوروبا بعد الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر، ومعها انتشرت شهية الناس للسكر. في ذلك الوقت، لم تكن الحلويات نوعا من الترف، بل كانت وسيلة لإنعاش الجسم أو لطرد النعاس بعد الظهيرة.

واليوم أصبح السكر أصبح موجودا في كل مكان وعلى كل مائدة تقريبا. أكثر من 60% من منتجات الطعام والشراب في المتاجر الأمريكية تحتوي على سكر مضاف، حتى في الأطعمة التي يُفترض أنها صحية، مثل أنواع السلطة والحساء والجرانولا.

قراءة ملصقات الطعام قد تكون مفاجئة، وناهيك عن الكوكا كولا، مثلاً تحتوي معلبة حساء الطماطم تحتوي على 7-8 ملاعق صغيرة من السكر. 17 ملعقة صغيرة من السكر المضاف يوميا.

ويُعد انتشار السكر في كل مكان من أكبر التغييرات في الأنظمة الغذائية الحديثة حول العالم، وقد حمّل خبراء الصحة السكر المسؤولية عن مشاكل صحية مثل داء السكري والأمراض المرتبطة بالسمنة.

الإفراط في تناول السكر: عادة أم إدمان؟

قد يبدو أن السكر يسبب الإدمان، فالإفراط في تناول الحلويات، والرغبة الشديدة في تناول السكر، والشعور بالتعب والانزعاج عند عدم الحصول عليه، هي كلها علامات تدل على الإدمان. أظهرت دراسات علم الأعصاب أن الإفراط المستمر في تناول السكر يمكن أن يغير طريقة عمل الدماغ، بما في ذلك تأثيره على إشارات الدوبامين والمستويات المرتبطة بالتوتر.

وذكرت نيكول أفينا، أخصائية إدمان الطعام في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك ، أن "هذه التغيرات مشابهة لتلك التي تحدث مع إدمان المخدرات ، وقد تساهم في استمرار الرغبة المفرطة والإفراط في تناول السكر".

ومن جهه اخري لا يزال غير واضح ما إذا كان السكر يسبب الإدمان بالفعل، فالسكر لا يؤثر على مسارات المكافأة في الدماغ بنفس الطريقة التي يؤثر بها النيكوتين أو الكوكايين. مع ذلك، يعتقد بعض العلماء أن الإفراط في تناول السكر قد يؤدي إلى إدمان الطعام من خلال تأثيره على نظام المكافأة في الدماغ.

وفي الوقت نفسه قد لا يكون السكر نفسه هو المسؤول عن الإدمان، بل الشعور بالمكافأة الذي يمنحنا إياه عند تناوله، وهو يختلف عن المواد التي تؤثر مباشرة على مراكز المكافأة في الدماغ. لذلك، يُعتبر الإفراط في تناول السكر، مثل إدمان الطعام بشكل عام، إدمانًا سلوكيًا وليس إدمانًا على مواد أخرى.

ما سبب الإدمان على السكر؟

قالت سيلينا بارتليت وكيري جيليسبي، عالمتا الأعصاب في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا، إن "السكر يؤثر على الدماغ بطرق قد تساهم في تكوين عادات غير صحية، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من التوتر أو مروا بتجارب صعبة في مراحل مبكرة من حياتهم".

وأوضحت بارتليت وجيليسبي لـ DW عبر البريد الإلكتروني أن "فهم سبب الوقوع في فخ الإفراط في تناول السكر والإدمان عليه أمر بالغ الأهمية، لأن استهلاك السكر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتنظيم العواطف".

من المعروف أن التوتر النفسي قد يدفع الجسم إلى الرغبة في تناول الحلويات كوسيلة لتهدئة مشاعر الاكتئاب. على المدى الطويل، يمكن أن يسهم الاكتئاب والقلق في زيادة هذه الرغبة، مما يؤدي في النهاية إلى الإدمان على السكر.

وأشار بارتليت وجيليسبي إلى أن "الأبحاث تشير أيضًا إلى أن التوتر في مراحل مبكرة من الحياة قد يحفز الدماغ على البحث عن أطعمة لذيذة مثل السكر"

أخطار السكر لا تقتصر على المدمنين

الإدمان ليس دائمًا أمرًا سلبيًا، لكنه يصبح مشكلة عندما يكون ما يُسبب الإدمان ضارًا بالصحة. وهذا ينطبق بشكل كبير على السكر، حيث إن الإفراط في تناوله على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى أضرار جسيمة.

بدوره يقول الدكتور أوكتافيان فاسيليو: "الأدلة واضحة تمامًا، فالإفراط في استهلاك السكر يُعدّ خطرًا على الصحة، سواء أدى ذلك إلى زيادة الوزن أم لا."



على مدار سنوات، راقب العلماء تأثير تناول كميات كبيرة من السكر على الجسم. وتعتبر الكميات الزائدة - أكثر من ست ملاعق صغيرة في اليوم للنساء وتسع للرجال - ضارة بشكل خاص، إذ يمكن أن تؤدي إلى تسوس الأسنان، والشعور بالتعب المستمر، والإصابة بالسكري، والسمنة، وأمراض القلب.

ولكن الأضرار لا تتوقف هنا، فقد أظهرت الدراسات أن الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر ترتبط أيضًا بزيادة خطر الإصابة بالسرطان، ومشاكل في الدماغ، واضطرابات مثل مرض الزهايمر .

وفي هذا السياق، أشارت الباحثتان كيري جيليسبي وسيلينا بارتليت إلى دراسة أفادت بأن الأشخاص الذين يستهلكون أربعة مشروبات غازية أو أكثر في الأسبوع كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل الضعف مقارنةً بمن يشربون أقل من مشروب واحد في الأسبوع.

كيف تتغلب على إدمان السكر

توجد طرق مثبتة للتغلب على إدمان السكر، ولكن الإقلاع عنه يتطلب نهجًا شاملاً. من أبرز هذه الأساليب العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يساعد الأفراد على تحديد سلوكياتهم القهرية وتعديلها، مثل الإفراط في تناول السكر.

وتشير أفينا إلى أن الاستراتيجيات الغذائية يمكن أن تكون فعّالة أيضًا، مثل تقليل السكر تدريجيًا لتجنب أعراض الانسحاب، وزيادة تناول البروتين والألياف لتنظيم مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى تخطيط الوجبات.

ومع ذلك، قليلون هم من يتمكنون من الإقلاع عن السكر بمفردهم، حيث يُشار إلى السكر حاليًا باعتباره "التبغ الجديد". وفي هذا السياق، قال فاسيليو إنه من الضروري أن تتدخل الحكومات لزيادة توفر الغذاء الصحي وتقليل الدعاية للأطعمة المعالجة.

تعتبر ضرائب السكر وسيلة فعّالة للحد من استهلاك الأطعمة والمشروبات السكرية. على سبيل المثال، أدى رفع ضريبة المشروبات السكرية بنسبة 33% في أربع ولايات أمريكية إلى انخفاض مبيعات المشروبات الغازية بنفس النسبة. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يجد الناس طرقًا للتهرب من هذه الضرائب. ففي المكسيك، على سبيل المثال، فرضت ضريبة على المشروبات الغازية، لكن الناس بدأوا في التحول إلى عصائر الفاكهة التي تحتوي على سكر أيضًا، ولكنها لم تكن خاضعة للضريبة.

في المملكة المتحدة، فرضت الحكومة ضريبة سكر في عام 2018 بناءً على كمية السكر في المنتجات، مما دفع الشركات إلى تقليل كمية السكر في مشروباتها الغازية وبالتالي خفض الاستهلاك. ومع ذلك، يرى خبراء الصحة أن تأثير هذه الضرائب سيكون أكبر إذا كانت الضرائب أعلى وشملت جميع المنتجات الغنية بالسكر، وليس فقط المشروبات الغازية.

أعدته للعربية: ندى فاروق

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار