آخر الأخبار

هوية لم تخدع العدالة

شارك

دخل رجل إلى مكتب الكاتب العدل بخطى واثقة وابتسامة لا توحي بالريبة، حاملاً طلباً بسيطاً ظاهرياً: تحرير توكيل عام، لكن خلف هذا الطلب البريء، كانت هناك محاولة جريئة لانتحال شخصية لا تخصه، قدّم بطاقة الهوية، التي بدت سليمة في ظاهرها، وبدأ يجيب عن الأسئلة بروح مرحة وبثقة زائدة، محاولاً تشتيت انتباه الكاتب العدل والموظف بحديث جانبي، وكأن كل ما يريده هو تجاوز التفاصيل «المملة» وإتمام المعاملة بسرعة.

لكن العدالة لا تُخدع بابتسامته، وكاتب العدل لا يحرّر حرفاً دون يقين.

لاحظ أن ملامح الرجل لا تطابق الصورة في الهوية تماماً، فاختار ألا يواجهه مباشرة بل بدأ يحاوره بهدوء، يطرح أسئلة دقيقة، ويدقق في كل إجابة، يبحث عن التناقضات.

ومع ازدياد الشك، قرر الكاتب العدل اتخاذ خطوة حاسمة دون إثارة ضجيج: «سنُحيلك الآن إلى كاتب عدل آخر لمطابقة الهوية والتأكد من الصورة الشخصية قبل الاستكمال».

كانت تلك اللحظة كافية لكشف النوايا، تغيّر وجه الرجل فجأة، انقطعت ثقة حديثه، وتراجع خطوة إلى الخلف، ثم انسحب بسرعة دون أن يلتفت وراءه، مُسقِطاً محاولته عند أول باب من أبواب الحقيقة.

التحقق من الهوية ليس إجراءً روتينياً، بل هو السطر الأول في حراسة العدالة.

الكاتب العدل لا يملك رفاهية التغاضي أو التسرع، لأنه مسؤول عن صِحة كل توقيع، وكل وثيقة، وكل إرادة قانونية تصدر عبره، وعندما يُثار الشك، يصبح التأكد واجباً لا خياراً.

فالإجراءات الاحترازية – كطلب مراجعة كاتب عدل آخر – ليست تعقيداً إدارياً، بل هي خط دفاع حقيقي ضد التزوير والاحتيال، وضمان ألا تُمنح الثقة لمن لا يستحقها، ففي مكاتب العدل، لا تُقاس المواقف بنبرة الصوت أو ثقة المتحدث، بل بصدق الإثبات، وسلامة الهوية، وأمانة المسؤولية.

بالتنسيق مع محاكم دبي

mfouda@ey.ae

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا