آخر الأخبار

«الصلح خير» تنقذ أسراً من التفكك وتساعد متعاطين على النجاة من الإدمان

شارك

تعمق الشقاق بين زوجين، وتبادلا الاعتداء، أحدهما على الآخر، وتنامت خلافاتهما في ظل عدم وجود طرف ثالث يساعدهما على التحلي بالحكمة، حتى كادت تصل بهما إلى المحكمة، وتتسبب في انهيار أسرة كاملة.

كما مرّ موظف بضائقة مالية دفعته إلى ارتكاب جريمة اختلاس، كانت كفيلة بالقضاء على سمعته ومستقبله.

وتندرج الحادثتان ضمن قائمة من الحوادث، التي أدركت النيابة العامة في دبي، أن وراءها دوراً مفقوداً، أو فجوة اجتماعية، فأخذت على عاتقها سدّها، من خلال إطلاق مبادرة «الصلح خير»، لتكون الطرف الثالث، الذي ينظر إلى مصلحة طرفي الخلاف، ويبادر إلى علاج ما أصاب حياتهما من تشققات.

وتفصيلاً، قال المحامي العام الأول الدكتور محمد حسين بن علي، خلال ندوة عقدتها النيابة العامة في دبي، بالتعاون مع مجالس الأحياء إن مبادرة الصلح خير من المبادرات الرائدة التي تبنتها النيابة العامة في دبي، على الرغم مما تمثله من عبء على عضو النيابة، الذي كان دوره يتمثل في التحقيق بالواقعة المطروحة أمامه وإحالتها إلى المحكمة، لكنه الآن يبذل جهداً ملموساً في التسوية بين أطراف النزاع للحد من تصعيده إلى المحاكم، بهدف الحفاظ على ترابط المجتمع.

وأكد، في ندوة عقدت بمجلس أحياء أم سقيم تحت عنوان «دردشات بمناسبة اليوم العالمي للقانون»، أنها مبادرة رائدة ترسّخ قيم التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتتسق مع مبادرة «عام المجتمع» لافتاً إلى أن تأثيرها الإيجابي عميق، لأن احتواء المشكلة في مرحلة مبكرة يمكن أن يحفظ مستقبل فرد أو أسرة كاملة.

وقالت رئيس نيابة المستشار أمينة منصور أهلي، إن مبادرة «الصلح خير» طبقت أولاً في نيابة تخصصية، هي الأسرة والأحداث، وحققت نجاحاً كبيراً في احتواء خلافات أسرية وبلاغات وقضايا تخص الأحداث، ومن ثم قرّر النائب العام في دبي تعميمها في جميع النيابات، لتشمل كل التهم التي يجوز الصلح فيها.

وأضافت أن المبادرة أسهمت في احتواء خلافات كانت كفيلة بحدوث شقاق وتفكك أسري، مثل حالة زوجين أبلغ كل منهما عن الآخر بالاعتداء المتبادل والسبّ، إثر وقوع مشادة كلامية بينهما، لافتة إلى أن الشرطة أحالتهما إلى النيابة العامة، ووفق المسار التقليدي كان من المقرر أن تحيلهما النيابة إلى المحكمة. إلا أن المضي قدماً في طريق التقاضي، خصوصاً حين يتعلق الأمر بواقعة جزائية، يصعب الرجوع بعده إلى حياة أسرية هادئة، ومن ثم شرع فريق العمل في محاولة الصلح بينهما، وجلس مع كل منهما على حدة، وشرح تبعات التقاضي، وتأثيره في أطفالهما، حتى اقتنعا واطمأنا إلى أن الصلح من مصلحتهما، وتم احتواء المشكلة، والتأكد من أن جميع أحوالهما على ما يرام، والأطفال ينعمون بحياة مستقرة مع أبويهم.

وتابعت أهلي أن من الحالات التي تمكنت المبادرة من احتوائها كذلك، واقعة موظف متهم بالاختلاس من قبل الشركة التي يعمل فيها، وقد أقرّ بالفعل بجريمته وأحيل من الشرطة إلى النيابة العامة.

وبسؤاله عن تفاصيل الواقعة اعترف بأن الشركة أعطته مبلغاً من المال لشراء أغراض تحتاج إليها، لكنه استولى عليه لنفسه، عازياً ما حدث إلى مروره بضائقة مالية معقدة أثرت في أسرته وكان في حاجة ماسة إلى الأموال.

وأوضحت أن فريق المبادرة تأكد من صحة أقواله، وسُئل ما إذا كان مستعداً لرد المبلغ إلى الشركة، فأبدى تجاوباً وتمسك بطوق النجاة وعرض سداده خلال أسبوعين، لافتة إلى مراجعة إدارة الشركة حول ما إذا كان لديها استعداد لتفهم ظروف الموظف وقبول الصلح، فأبدت مرونة وتم إيداع المبلغ في الموعد المحدد بخزينة النيابة، وأغلقت الدعوى بالتصالح، بعد توعية الموظف بأن مستقبله كان على المحك وعليه التمسك بهذه الفرصة وعدم تكرار ذلك مستقبلاً.

وأكدت أهلي أن النيابة العامة في دبي تتعامل مع كل حالة حسب ظروفها، ويحرص فريق العمل على التفاوض مع كل طرف على الصلح بما يحفظ الحقوق ويتسق مع روح القانون.

وحول دور النيابة المدنية في النيابة العامة بدبي، قال رئيس نيابة أول المستشار طارق أحمد النقبي، إن هناك حالات وجوبية تتدخل فيها النيابة العامة، وفق قانون الإجراءات المدنية. ويُعد الأكثر شيوعاً منها حسب التطبيق العملي، الدعاوى المتعلقة بعديمي وناقصي الأهلية والغائبين والمفقودين.

وأضاف أن عديمي الأهلية هم الأطفال دون سن سبع سنوات، ومن في حكمهم (مثل المجانين والمعتوهين)، أما ناقصو الأهلية فهم من تراوح أعمارهم بين 7 و21 سنة وفق الحساب الهجري، إضافة إلى السفيه وذي الغفلة؛ في حين أن الغائب هو من لا يعرف مكان إقامته أو موطنه، والمفقود هو من لا يعرف ما إذا كان على قيد الحياة أم لا.

وأوضح أن تدخل النيابة في هذه القضايا إلزامي لأنها تتعلق بحقوق فئات ضعيفة تحتاج إلى حماية قانونية، ومن أبرز الأمثلة العملية على ذلك قضايا إثبات النسب، إذ لابد أن تحال جميع دعاوى النسب إلى النيابة العامة لإبداء الرأي، نظراً إلى وجود طرف قاصر في القضية، مؤكداً أن محكمة تمييز دبي أرست مبدأ قضائياً بضرورة إحالة مثل هذه القضايا إلى النيابة قبل الفصل فيها، سواء أمام المحكمة الابتدائية أو الاستئناف.

وأشار النقبي إلى أن قضايا الحجر، ترفع من أقارب المصاب بآفة عقلية لطلب الحجر عليه، وتعيين قيم لإدارة شؤونه. وفي إمارة دبي، يعهد القانون بمهمة القوامة إلى مؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصر، أما في الإمارات الأخرى فقد يعين القيم من أقارب الشخص.

وحول دور نيابة المخدرات في تعزيز القانون، قال رئيس نيابة مساعد، المستشار عبدالله صالح الرئيسي، إن دولة الإمارات لم تكتفِ بسن القوانين المحلية الصارمة، بل حرصت أيضاً على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات، انطلاقاً من التزامها بحماية المجتمع وصون مستقبل الشباب.

وأكد أن دور النيابة العامة في هذا المجال لا يقتصر على الملاحقة القانونية، بل يشمل المساهمة في التوعية والوقاية باعتبارهما خط الدفاع الأول لحماية المجتمع من هذه الآفة.

وأضاف أن القانون الأخير في شأن مكافحة المخدرات وتعديلاته تميّز عن سابقه بسن مواد تمنح المتعاطي أكثر من فرصة للتعافي والعودة دون مساءلته قانوناً، فيما غلظ العقوبة حال التكرار، فيما أدرج تهماً أخرى مثل الإيداع، بعد رصد أساليب متطورة في التهريب والاتجار.

• النيابة العامة في دبي تتعامل مع كل حالة حسب ظروفها، ويحرص فريق العمل على التفاوض مع كل طرف بما يحفظ الحقوق.

الدكتور محمد بن علي:

• «الصلح خير» تساعد على احتواء المشكلة مبكراً.. ما يتيح تحقيق أثر إيجابي في مستقبل فرد أو أسرة كاملة.

المستشار أمينة أهلي:

• المبادرة حققت نجاحاً في نيابة الأسرة والأحداث، فقرر النائب العام تعميمها لتشمل التهم التي يجوز فيها الصلح.

المستشار طارق النقبي:

• أكثر الحالات التي تتدخل فيها النيابة العامة شيوعاً الدعاوى المتعلقة بعديمي وناقصي الأهلية والغائبين والمفقودين.

المستشار عبدالله الرئيسي:

• قانون مكافحة المخدرات سنّ مواد تمنح المتعاطي أكثر من فرصة للتعافي والعودة عنها دون مساءلته قانوناً.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا