كشفت وزارة التربية والتعليم عن خطة تطوير شاملة للمناهج الوطنية، تركز على تحسين جودة التعليم ومخرجاته، إذ بدأت في تطبيق تحديثات جديدة على المسارات التعليمية في العام الأكاديمي الجاري 2025-2026.
وقالت وكيل الوزارة المساعد لقطاع المناهج والتقييم بالإنابة، آمنة آل صالح، لـ«الإمارات اليوم» إن الوزارة وضعت خطة انتقالية «تدريجية» للتحول الكامل إلى الصفوف التعليمية المستهدفة حتى عام 2029.
وأضافت: «يوجد هدفان رئيسان وراء التحديثات الجديدة التي طرأت على مادتَي الفيزياء والرياضيات، وتخفيف محتواهما لطلبة المرحلة الثانوية، يتمثّل الأول في تحقيق التمايز النوعي بين المسارات التعليمية، لضمان وجود فروق واضحة تراعي طبيعة كل مسار، فيما يركز الثاني على تحقيق توازن علمي ومنهجي يراعي قدرات الطلبة وتوجهاتهم المستقبلية، بما يتوافق مع مستهدفات وسمات الخريج في المسارين العام والمتقدم».
وتابعت: «بالنسبة للمسار العام، تم تطوير المناهج لتحقق الكفاءة التعليمية المطلوبة في هذا المسار، من خلال التركيز على المعارف والمفاهيم الأساسية والمهارات العامة، التي تُمكّن الطلبة من تحقيق الكفايات العلمية المطلوبة، وتمنحهم القدرة على الالتحاق ببرامج أكاديمية متنوعة، تشمل العلوم الإنسانية وإدارة الأعمال والفنون والعلوم الشرطية والتخصصات الاجتماعية».
وفي المقابل، يواصل المسار المتقدم تركيزه على تنمية المعارف والمهارات العلمية المتقدمة، بما يؤهل الطلبة لمتابعة دراساتهم في التخصصات العلمية الدقيقة، مثل الطب والهندسة والعلوم المتقدمة، ويعزّز قدرتهم على التميّز الأكاديمي والبحث العلمي.
وأفادت بأن التحديثات الأخيرة تُعدّ جزءاً من رؤية شاملة لإعادة هيكلة المناهج وربطها باحتياجات المستقبل، حيث تركز الوزارة على التطوير المستمر استناداً إلى التحولات في التعليم وسوق العمل محلياً وعالمياً، مدعومة بتحليل البيانات ودراسات الأثر، ويعمل فريق المناهج على مراجعة مخرجات التعلم والاحتياجات الجامعية بشكل دوري، لضمان المواءمة بينهما.
وأكّدت أن هناك مواءمة كاملة بين سياسة التقييم والتغييرات المعتمدة في المناهج، بما يضمن قياساً عادلاً ودقيقاً لمدى تحقق الكفايات التعليمية المطلوبة في كل مسار، موضحة أن هذا التطوير المتوازي بين المناهج وأدوات التقييم، يكفل التناغم التام بين ما يتعلّمه الطلبة وما يتم تقييمه لتحقيق العدالة في التقييم، ويعكس الإنجازات الفعلية للطلبة وفقاً للمعايير المحدّثة.
وقالت: «قرار تخفيف (الفيزياء والرياضيات)، استند إلى دراسة علمية ومنهجية، تضمنت تحليلاً لحاجات الطلبة في كلا المسارين، ومتطلبات التعليم العالي، آخذين بعين الاعتبار أنماط وتوجّهات الطلبة الأكاديمية في التعليم العالي خلال السنوات السابقة، وجاءت الدراسة بالتشاور مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لضمان التناغم بين مخرجات التعليم العام ومتطلبات المرحلة الجامعية، فضلاً عن اعتماد الوزارة على مخرجات حلقات النقاش المُكثّفة مع القيادات التربوية الميدانية، التي شملت مديري المدارس والمرشدين الأكاديميين والمعلمين، إضافة إلى التغذية الراجعة المستمرة من الميدان التربوي ومقترحات أولياء الأمور، وتحليل بيانات أداء الطلبة الفعلية».
وأضافت: «راعت التطورات ثلاثة محاور أساسية، منها المواءمة مع المعايير الدولية للتعليم العام لضمان جودة المناهج ومواكبتها لأفضل الممارسات العالمية، وتلبية متطلبات التعليم العالي لضمان جاهزية الخريجين للالتحاق بمختلف التخصصات الجامعية، كلُّ وفق مساره، وتحقيق توجيهات القيادة الرشيدة في تعزيز جودة التعليم وإعداد مخرجات تعليمية مؤهلة لبناء مستقبل مستدام وفقاً لتوجهات الدولة الاستراتيجية».
تحليل شامل للمناهج
وأوضحت آمنة آل صالح أن المعايير التي استندت إليها الوزارة لإلغاء واختصار وترحيل الدروس، اعتمدت في تحديد المعايير والأجزاء المُعدّلة على دراسة أفقية ورأسية للمناهج من الحلقة الأولى إلى الحلقة الثالثة، بما ينسجم مع المعايير الدولية ويستجيب لمتطلبات التعليم العالي، مع الالتزام بأهداف كل مسار تعليمي وسمات الخريج فيه والسياسة التعليمية للدولة وأولوياتها الاستراتيجية.
وقالت: «أتاح التحليل الشامل للمناهج ضمان التناغم المتكامل بين ما تعلّمه الطالب في المراحل السابقة وما هو مطلوب منه في الحلقة الثالثة، فضلاً عن التأكد من أن هذه التعديلات تُعده بالشكل الأمثل لمتطلبات المرحلة الجامعية اللاحقة»، مضيفة أن هذا المنهج التكاملي في التطوير يكفل استمرارية البناء المعرفي للطالب وتدرّجه الطبيعي عبر المراحل التعليمية المختلفة، ما يحقق الفاعلية التعليمية المنشودة، ويعزّز من جودة المخرجات التعليمية في المسارات كافة.
جوانب التعديل
وكشفت آل صالح عن ماهية التعديلات وجوانب التخفيف التي جرت على المناهج، قائلة: «شملت التغييرات في مادة الفيزياء الابتعاد عن تدريس الفيزياء القائمة على التفاضل والتكامل في المسار المتقدم، والتركيز على الفيزياء المعتمدة على الجبر، الأمر الذي أتاح توسيع المحتوى ليشمل موضوعات نوعية، مثل الديناميكا الحرارية، والبصريات، ونظرية الكم، والذرة، والفيزياء النووية، وفيزياء الجسيمات».
وأردفت: «شهدت مادة الرياضيات إعادة توزيع شاملة للمحتوى على الصفوف المختلفة، تضمنت ترحيل بعض الدروس من فصل دراسي لآخر، أو من سنة دراسية لأخرى، فضلاً عن تحويل بعضها الآخر إلى دروس إثرائية، كما تم إلغاء دروس مدخل التفاضل والتكامل لطلبة المسار العام في الصف الـ12 استجابة لطبيعة المسار الجديدة، وفي إطار ضمان الوصول المُيسّر لهذه التحديثات، تم رفع جميع التعديلات المذكورة على منصة التعلم الذكي».
وأكّدت أن التعديلات الجوهرية جرت على صفوف الحلقة الثالثة، بعد تحليل شامل لمراحل التعليم من الحلقة الأولى إلى الحلقة الثالثة، لضمان التسلسل المنطقي في المسار التعليمي للطالب، إذ إن التحليل يهدف إلى ضمان التناغم المتكامل بين ما تعلّمه الطالب في المراحل السابقة وما هو مطلوب منه في الحلقة الثالثة، فضلاً عن التأكد من أن هذه التعديلات تُعده بالشكل الأمثل لمتطلبات المرحلة الجامعية اللاحقة.
وأفادت بأن القرار جاء في إطار خطة تطوير شاملة للمناهج الوطنية وضمن خطط الوزارة الاستراتيجية التي تسعى إلى تحسين جودة التعليم، فقد بدأت الوزارة تطبيق التحديثات الجديدة على المسارات التعليمية في مادتَي الفيزياء والرياضيات في الحلقة الثالثة من الصف التاسع حتى الصف الـ12، اعتباراً من العام الدراسي الجاري، وفق خطة انتقالية مدروسة تمتد على مدى أربع سنوات، وصولاً للتحوّل الكامل إلى المصفوفة التعليمية المستهدفة بحلول العام الدراسي 2028-2029.
وتابعت: «تتضمن الخطة الاستراتيجية تنفيذ دراسات أثر مستمرة تعتمد على التغذية الراجعة من الميدان التربوي ومؤسسات التعليم العالي وسوق العمل، بهدف ضمان مواءمة التحديثات مع احتياجات الواقع التعليمي، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والفاعلية في التطبيق، كما يتم تنفيذ هذه الخطة بالتعاون والتنسيق الوثيق مع جميع الشركاء وأصحاب المصلحة في المنظومة التعليمية».
مصادر إثرائية
وحول البدائل أو المصادر الإثرائية لتعويض الأجزاء الملغية أو المخففة، أكّدت أن التحديثات في المناهج لا تتطلب من الطلبة تعويض أي محتوى إضافي، حيث تغطّي المناهج متطلبات التعليم العالي وفقاً لتوجّهات كل مسار تعليمي، فطلاب المسار العام على سبيل المثال ليسوا بحاجة إلى الأجزاء التي تم تعديلها، وذلك بناءً على إعادة تحديد اتجاه المسار وأهدافه، الأمر الذي يجعل المحتوى الحالي مناسباً تماماً لمتطلبات التخصصات المستهدفة.
وأضافت: «جاءت التعديلات على المسار المتقدّم متوافقة مع متطلبات التعليم العالي، وجاءت التعديلات كافة استناداً إلى التشاور والتنسيق المباشر مع التعليم العالي، بما يضمن تأهيل خريجي المسارين بشكل مناسب ومتوازن لمتطلبات المرحلة الجامعية في التخصصات المتاحة لهم، وقد وفّرت الوزارة مصادر إثرائية متنوعة في مختلف المواد الدراسية عبر المنصّات التعليمية المعتمدة، ما يتيح فرصاً أوسع للتعلّم الذاتي والدراسة الإثرائية للطلبة الراغبين في توسيع معارفهم وتطوير مهاراتهم»، مشيرة إلى أن هذه المصادر الإثرائية متاحة كخيارات إضافية لمن يسعى إلى الاستزادة المعرفية، وليس كمتطلبات أساسية لاستكمال المنهج المقرر.
توحيد التطبيق
وفي ما يخص الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضمان توحيد التطبيق في جميع المدارس، أكّدت أن الوزارة اعتمدت إجراءات شاملة، تشمل التنسيق المستمر بين قطاعات المناهج والتقييم والعمليات المدرسية والتطوير المهني، وتنفيذ خطة انتقالية معتمدة مدعومة بمصادر وخطط تعليمية واضحة.
وقالت: «أعدّت الوزارة أدلة إرشادية ثنائية اللغة للطلبة وأولياء الأمور، لضمان الشفافية والتواصل، كما عقدت اجتماعات موسّعة مع مجالس أولياء الأمور في جميع الإمارات، إضافة إلى لقاءات مع مؤسسات التعليم العالي بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي، لضمان التناغم بين مخرجات التعليم العام والمتطلبات الجامعية، وحدّثت الوزارة مخرجات التعلّم على منصة التعلم الذكي، ما يُسهّل وصول المعلمين إلى التحديثات بوضوح، وبهذه الإجراءات المتكاملة، تضمن الوزارة تطبيقاً موحداً وفاعلاً في جميع المدارس الحكومية والخاصة المطبقة للمنهج الوزاري».
آمنة آل صالح:
• تعديلات المناهج تستند إلى دراسات علمية منهجية بمشاركة أطراف الميدان.
• المسار المتقدم يركز على تنمية المعارف والمهارات المتقدمة في التخصصات العلمية الدقيقة.
• تحديثات المناهج ليست بحاجة إلى بدائل إثرائية لتعويض «الملغى أو المخفف».