أكد متبرعون لـ«الإمارات اليوم» أنهم تلقوا رسائل عبر البريد الإلكتروني وتطبيقات التواصل الاجتماعي، تروي قصصاً مأساوية لأشخاص موجودين خارج الدولة، زاعمة أنهم يعيشون تحت وطأة ظرف طارئ، لتحفيزهم على التبرع لأصحابها في أسرع وقت ممكن، واكتشفوا لاحقاً أنهم تعاملوا مع محتالين نجحوا في استدراجهم عاطفياً.
وأكدوا ضرورة اختيار القنوات الرسمية، عند الرغبة في عمل الخير، لأنها تضمن الشفافية والثقة.
وكشفت جمعية الفجيرة الخيرية عن تسجيل ارتفاع ملحوظ في معدلات التبرع الإلكتروني، خلال النصف الأول من العام الجاري، مدفوعاً بتزايد الوعي المجتمعي بأهمية التبرع الآمن عبر المنصات الرقمية الموثوقة، وذلك في أعقاب تعرّض عدد من المحسنين لمحاولات احتيال إلكتروني، تنكرت بغطاء العمل الإنساني.
وتفصيلاً، قال خالد محمد الظنحاني إنه شاهد عبر حساب على «إنستغرام» لصديق افتراضي من إحدى الدول، دعوة للتبرع لمنظمة تدعم الاحتياجات الصحية في دولته، فبادر، تحت تأثر عاطفي باللقطات التي تضمنتها الدعوة، إلى تحويل مبلغ مالي عبر الرابط الإلكتروني المرفق بها، لكنه اكتشف لاحقاً أن الرابط مزيف، وأنه وقع ضحية لعملية احتيال.
وقال إنه شعر بأن ما كان يظنه استثماراً في الخير، حصل عليه محتالون لا يستحقونه.
وسردت نورة علي محمد تجربتها في المشاركة بحملة تبرعات داخل الدولة خلال شهر رمضان، العام الماضي، حيث أرسلت صدقتها عبر تحويل بنكي إلى رقم مخصص للحملة مرتبط بحساب مصرفي خارج الدولة، إلا أنها فوجئت لاحقاً بأن التبرعات التي أرسلتها لم تصل إلى المستحقين.
وأكدت أن هذه التجربة دفعتها إلى اتخاذ موقف أكثر حذراً، ورفض التبرع إلا من خلال القنوات الرسمية التي يمكن التحقق من صحتها وصدقيتها.
وقالت صالحة محمد، إنها تلقت العام الماضي رسالة عبر مجموعة «واتس أب»، تتضمن استغاثة إنسانية لعلاج طفلة مريضة، مرفقة برقم حساب مصرفي خارج الدولة لجمع التبرعات.
وأضافت: «تأثرت بقصة الطفلة، وبادرت فوراً إلى تحويل مبلغ من المال إلى الحساب، بدافع إنساني، ودون أن أشك في نية القائمين على الحملة، وفي اليوم التالي تبين أن القصة غير حقيقية».
وأكدت أنها شعرت بصدمة وندم شديدين، بعد إدراكها أن الأموال التي تبرعت بها لم تحقق الهدف الذي سعت له، وأنها كانت جزءاً من حملة وهمية، مشيرة إلى أن تلك الحادثة جعلتها أكثر وعياً، ولم تعد تتعامل إلا مع القنوات الرسمية والمعتمدة.
إلى ذلك، أكد المستشار القانوني والمحامي، راشد الحفيتي، أن القوانين والتشريعات المنظمة لجمع التبرعات، وفي مقدمتها قانون تنظيم التبرعات والمرسوم بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية، لعبت دوراً محورياً في رفع مستوى وعي أفراد المجتمع بأهمية التبرع السليم عبر القنوات الرسمية، وأسهمت بشكل مباشر في تعزيز ثقة المتبرعين بالجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية المرخصة، نظراً لما توفره هذه القوانين من حماية، وآليات رقابة دقيقة، وضمانات واضحة لوصول التبرعات إلى مستحقيها.
وأضاف أن العديد من الضحايا الذين تعرّضوا لمحاولات احتيال إلكتروني، أصبحوا أكثر حرصاً على التحقق من مصادر الحملات الخيرية، وعدم التفاعل مع أي دعوة للتبرع لا تستند إلى جهة مرخصة، وهو ما يعكس تأثير البيئة التشريعية في ترسيخ ثقافة التبرع الواعي والمسؤول داخل المجتمع الإماراتي.
وحذّر الحفيتي من إطلاق حملات تبرع عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دون ترخيص رسمي، لافتاً إلى أن القانون يمنع تماماً جمع التبرعات من قبل الأفراد، سواء عبر الإنترنت أو بشكل مباشر، لما يشكّله ذلك من خطر على أموال المتبرعين، واحتمالية توجيهها إلى جهات غير معروفة.
وبيّن أن المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، نص صراحة على أن جمع الأموال دون ترخيص، والتسول الإلكتروني، ونشر حملات تبرع وهمية عبر الإنترنت، تُعد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامات المالية.
وأفاد بأن قانون تنظيم التبرعات ينص على ثلاث مخالفات رئيسة، جميعها تعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتشمل المخالفة الأولى تلقي تبرعات أو هبات من خارج الدولة دون الالتزام بالضوابط، والثانية الاتجار بأموال التبرعات أو الدخول بها في مضاربات مالية أو توزيع عوائدها على الموظفين أو الأعضاء، وتتمثل الثالثة في الإضرار بالنظام العام أو الأمن الوطني أو الآداب العامة أثناء جمع التبرعات، أو توجيهها لأغراض طائفية أو دينية أو غير مشروعة.
من جانب آخر، سجلت جمعية الفجيرة الخيرية أكثر من 52 ألفاً و581 تبرعاً إلكترونياً من بداية العام الجاري حتى نهاية يونيو الماضي، في تطور لافت يعكس نجاح التحول الرقمي في قطاع العمل الخيري، وارتفاع الوعي المجتمعي بأهمية التكافل الإنساني عبر وسائل آمنة وسريعة.
وأكد المدير العام للجمعية، يوسف المرشودي، أن هذا الرقم يعكس استجابة مجتمعية واسعة لحملات الجمعية، وثقة المحسنين بالبنية التقنية التي اعتمدتها لتسهيل التبرع وضمان وصوله إلى مستحقيه، موضحاً أن التبرعات الإلكترونية تمثل اليوم أحد أهم روافد دعم المشاريع الخيرية، خصوصاً مع تنوع قنواتها وسهولة استخدامها، حيث تتيح المنصات الرقمية للمتبرعين المساهمة من أي مكان وفي أي وقت.
وبيّن المرشودي أن الجمعية أتاحت قنوات متعددة للتبرع، شملت الموقع الإلكتروني والتطبيق الذكي، إضافة إلى تخصيص أرقام رسائل نصية قصيرة تُفعل بحسب نوع المشروع أو الحملة، مضيفاً أن هذه الخدمات تتميز بمرونة عالية، حيث تمكن المتبرع من تحديد قيمة التبرع والجهة المستفيدة بسهولة، إلى جانب خاصية الدفع بالبطاقات البنكية، وربط المنصات الإلكترونية بحسابات التواصل الاجتماعي التي تنشر باستمرار معلومات عن المشاريع والحالات الإنسانية.
وقال إن الجمعية تواكب توجه الدولة نحو التحول الرقمي الشامل، ما أسهم في خفض الإجراءات الورقية، وتسهيل الربط بين المتبرعين والمستفيدين، وأن التبرع الإلكتروني أصبح ضرورة لضمان الاستمرارية، وتلبية الاحتياجات المتزايدة للفئات المستحقة، خصوصاً في الحالات الطارئة والظروف العاجلة.
ولفت إلى أن التبرعات التي وردت عبر المنصات الرقمية تم توجيهها بشكل مباشر إلى هذه المشاريع، ضمن آلية تضمن الشفافية والتوثيق، حيث يتم إشعار المتبرع بوصول تبرعه، وتحديث البيانات المرتبطة بالحالة أو المشروع الذي دعمه، في إطار التزام الجمعية بمبادئ الحوكمة والوضوح.
• التبرعات الإلكترونية تمثل أحد أهم روافد دعم المشاريع الخيرية في الدولة.