شَكتْ أُسر ظاهرة تكرار هروب العمالة المنزلية قبل شهر رمضان من كل عام، وأشارت الأسر إلى وجود شبكات خفية تعمل على تحريض العمالة المنزلية على الهروب، وتشغيلها بالساعة لدى أسر أخرى، خصوصاً مع تزايد الطلب على هذه الخدمات خلال شهر رمضان والعيد، ما يستدعي من الجهات المعنية رفع مستوى الرقابة، وتكثيف حملات التوعية بالعقوبات المترتبة على إيواء العاملات الهاربات ومن يستعين بهن.
فيما حدد مسؤولو مكاتب استقدام عمالة مساعدة، ثلاثة أسباب رئيسة وراء هروب العاملات.
وكانت وزارة الموارد البشرية والتوطين دعت في أكثر من مناسبة، أصحاب العمل والأسر المواطنة والمقيمة إلى التعامل مع مكاتب استقدام العمالة المساعدة المعتمدة والمرخصة من الوزارة، حفاظاً على حقوقهم، وللاستفادة من المزايا التي توفرها المكاتب التي تعمل وفق معايير وضوابط تضمن حقوق جميع الأطراف.
وأشارت إلى أن التعامل مع مكاتب استقدام العمالة المساعدة المعتمدة من الوزارة يضمن توفير عمالة مساعدة مُدرّبة، وضمان سنتين على العامل المساعد، يشمل استبداله أو استرداد الرسوم وفق ضوابط معينة، فضلاً عمّا توفّره من شفافية في الإعلان عن كُلفة الاستقدام، وتوفير باقات متنوعة حسب احتياجات أصحاب العمل والأسر، إضافة إلى اتباعها آليات واضحة للبتّ في الشكاوى بما يضمن حقوق الطرفين، لافتة إلى أنها لن تتهاون في تطبيق القانون بحق المخالفين، مشيرة إلى أن التشريعات التي تُطبّقها الدولة مثلما تُوفر الحماية اللازمة للعمالة، تشمل كذلك أصحاب الأعمال.
وتفصيلاً، تداولت مُشارِكات في قروبات سيدات على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك»، و«واتس أب»، منشورات تحت عنوان «انتبهي هذا موسم هروب الخادمات»، حذرن فيها من هروب العاملات من هذه الفئة خلال الفترة الحالية، ما يترتب عليه وضع العائلات في موضع حرج خلال هذا الشهر، إضافة إلى الخسائر المادية المترتبة على استقدام عاملة بديلة.
وقالت الموظفة في مجال البنوك، أميرة أحمد، إن العاملة استغلت وجودها في العمل، والأطفال في المدرسة، وهربت، فاتصلت بها وأخبرتها الأخيرة أنها قررت ترك العمل، مشيرة إلى أن هذه العاملة تعرفت إليها منذ فترة، فعدّلت لها وضعها القانوني خلال مبادرة «احمِ نفسك بتعديل وضعك»، واستصدرت لها إقامة وتكفلت بالمصروفات كافة.
فيما أشارت منال صديق إلى أن العاملة لديها طلبت منها زيادة راتبها 1000 درهم خلال شهر رمضان، أو السماح لها بالحصول على إجازتها السنوية خلال شهر رمضان، وعندما رفضت فوجئت بهروبها من المنزل، مشيرة إلى أنها أغلقت هاتفها ولم تتواصل معها، ما اضطرها إلى فتح بلاغ هروب ضدها.
وذكرت مها محمد أن العاملة لديها هربت عقب حصولها على راتبها الشهري مباشرة، مشيرة إلى أنها علمت من عاملة أخرى من الجنسية نفسها، تعمل لدى أسرة في البناية التي تسكن فيها، بوجود شخص من جنسيتهما تحدث معهما عن توفير مسكن وعمل لهما بالساعة، مقابل أجر أفضل مما تحصلان عليه بنحو 50%.
فيما اعتبرت ربات بيوت أن تعديل أُسرٍ أوضاع عاملات هاربات وتوظيفهن لديهن، بمثابة تشجيع لهن على الهرب مجدداً، حيث سبق لهن الهرب من الأسر التي استقدمتهن، وتحملت كُلفة الاستقدام وتذاكر السفر والتأمين الصحي والإقامة، ما يعني أنهن خائنات للأمانة، ولا يجب الوثوق بهن مرة أخرى، مشيرات إلى ضرورة فرض عقوبات مالية على الهاربات، وإلزامهن بنفقات عودتهن إلى بلادهن، وإلزام من يوظف خادمات مُخالفات بتعويض صاحب العمل الأصلي عن الضرر المادي الذي تعرّض له، حيث من الممكن أن يسهم هذا الإجراء في الحد من هروب العمالة المنزلية.
وطالبن بتشديد الرقابة على مكاتب وشركات تشغيل العمالة المنزلية بنظام الساعات، للتأكد من وجود العاملات اللاتي على كفالتها فقط، واتهمن بعضها بتشجيع الخادمات على الهرب وإيوائهن وتشغيلهن، وهو سبب رئيس لهروبهن.
ورصدت «الإمارات اليوم» تكرار إعلانات، على مواقع التواصل الاجتماعي، لمكاتب وأفراد يعلنون توافر خادمات للعمل بنظام الساعة أو اليوم خلال شهر رمضان، مع خيار توفير خادمة طوال الشهر من دون الالتزام بتوفير المبيت أو الإقامة لها مقابل راتب محدد يتم الاتفاق عليه.
فيما أشارت زوجات عاملات إلى أن كُلفة الساعة للعاملة المنزلية خلال شهر رمضان ترتفع بنسبة 200%، حيث يكون متوسط السعر ما بين 20 و25 درهماً للساعة في الأيام العادية، فيما تتراوح في شهر رمضان ما بين 50 و60 درهماً وتصل إلى 75 درهماً أيام الجمعة والسبت والأحد، وتشترط المكاتب بأن أقل عدد ساعات للموافقة على إحضار خادمة هي أربع ساعات.
فيما حدد المتخصصون بمكاتب استقدام عمالة: محمد مجدي، ودياز أنطون، وميلودي نجار، ثلاثة أسباب رئيسة لتكرار ظاهرة هروب العاملات المنزليات قبل شهر رمضان من كل عام، أولها طمع العاملات في الحصول على مبالغ مالية كبيرة في فترة قصيرة، والثاني وجود سماسرة يقومون بتشجيعهن على الهرب وتشغيلهن بالساعة للاستفادة من ورائهن، إضافة إلى تحميل الخادمة أعمالاً إضافية من دون مساعدة أو تعويض مادي.
وأشاروا إلى أن مسألة هروب الخادمات مشتركة ونسبية، منها أسباب نفسية نتيجة ما قد تواجهه بعض العاملات من ضغوط نتيجة كثرة عدد أفراد الأسرة المطلوب خدمتهم، وكبر حجم المنزل، وعدم حصولها على وقت كافٍ للراحة، ومنها أسباب مادية تشمل التطلع للعمل عدد ساعات أقل مقابل عائد مالي أكبر، حيث يتجاوز دخلها خلال فترة شهر رمضان أكثر من 4000 درهم، ما يدفعهن إلى البحث عن عمل في مكان آخر بطرق غير نظامية.
وأكّد المحامي سالم محمد عبيد النقبي أن ظاهرة هروب العاملات باتت تؤرق الأسر لأسباب عدة، أولها المعاناة التي تمرّ بها الأسرة في اختيار عاملة من مكتب الاستقدام، والكُلفة التي تنفقها لاستقدامها، وبعد شهور من وصول العاملة تُفاجأ الأسرة بهروبها، مشيراً إلى أن الإجراء المتبع في هذه الحالة هو قيام الأسرة بالتبليغ عن الهروب وتسديد قيمة التذكرة، ومن ثم تجد نفسها مضطرة إلى البحث من جديد عن خادمة.
وأرجع النقبي الظاهرة إلى أشخاص متربحين (سماسرة) يقفون وراء هروب العاملات من خلال تشجيعهن على الهروب من كفلائهن للعمل بنظام الساعات، لتحقيق دخل أكبر والعمل ساعات أقل، خصوصاً في رمضان، لتزايد الطلب على العاملات خلال هذا الشهر، ما يدفع بعض ضعاف النفوس لاستغلال هذا في تشجيع بعض العاملات على الهروب للعمل في هذا الشهر وجني مبالغ أكبر.
وقال: «أصبحنا بحاجة ماسة إلى تغليظ العقوبات على العاملة الهاربة ومن يساعدها على الهرب، ويتعين على الجهات المعنية توفير آلية تحد من ذلك، وفي الوقت نفسه تضمن لهن حقوقهن، كما أن بعض مكاتب استقدام الخدم قد تكون متعاونة مع الخادمات الهاربات».
فيما أكّدت المحامية، هدية حماد، أنه يجب على صاحب العمل فور هروب العاملة عمل بلاغ هروب خلال 10 أيام من تاريخ الهروب حتى يُخلي مسؤوليته من قيامها بأي نشاط غير قانوني، مشيرة إلى أنه بعد قيام صاحب العمل بتقديم بلاغ الهروب لا تكون هناك أي مسؤولية قانونية عليه، ولا يتحمل تذكرة الطيران في حالة انتقال العاملة إلى شخص آخر.
العقوبات
أكّد المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2022 بشأن عمال الخدمة المساعدة، أنه يُعاقب بالغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 200 ألف درهم كل من استخدم عاملاً مساعداً لم يصرح له بالعمل لديه، أو استعمل تصاريح العمل للعمالة المساعدة في غير الغرض المخصص لإصدارها، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم أو بإحدى العقوبتين كل من مارس نشاط أيّ من أعمال التوسط أو التشغيل المؤقت للعمالة المساعدة في الدولة من دون ترخيص، وفق أحكام هذا المرسوم بقانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة لهما، كما يُعاقب مكتب استقدام العمالة المساعدة بالغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تجاوز 200 ألف درهم لعدم التزامه بأيّ من أحكام هذا المرسوم بقانون أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة لهما.
• %200 ارتفاعاً في سعر الساعة للعاملة المنزلية خلال رمضان، و4 ساعات حداً أدنى.
• أسر تطالب بعقوبات مالية على الهاربات، وإلزامهن بنفقات عودتهن إلى بلادهن، وإلزام مَن يوظف مُخالِفات بتعويض الكفيل الأصلي.