حذر أطباء من إهمال الفحص الطبي السنوي، وتأجيل زيارة الطبيب لحين مواجهة مشكلة صحية معينة، وأوضحوا أن الحفاظ على الصحة، مهما كان مستوى اللياقة، يتطلب إجراء فحوص شاملة، لأنها تلعب دوراً حاسماً في الكشف عن الأمراض والمشكلات الصحية قبل ظهور أعراضها، وبالتالي يساعد التشخيص المُبكر على تخفيف شدة المرض، ويُعزز فرص نجاح العلاج.
وتفصيلاً، بيّن مواطنون ومقيمون من أعمار مختلفة أسباب إهمالهم الفحوص الدورية، وأبرزها عدم الشعور بأي أعراض تستدعي الذهاب للطبيب، والتشاؤم والخوف من سماع أخبار سيئة، وظروف العمل والالتزامات التي تُعيقهم عن الالتزام بمواعيد زيارة الطبيب، إضافة إلى الكلفة المادية التي قد تتطلبها بعض الفحوص.
وأكد مواطنون ومقيمون، منهم عادل المنصوري وأحمد خليفة ووائل سمير، وطلال إبراهيم ورقية فادي وولاء القباني وعفراء حمدي، عزوف عدد كبير من الأشخاص عن الذهاب إلى المستشفيات أو المراكز الطبية إلا للضرورة القصوى، إما لعدم الاكتراث، أو الاعتقاد الخطأ بأنه طالما لا يوجد أي شكاوى صحية فالأمر لا يحتاج إلى أي فحوص، أو بسبب الخوف من الذهاب إلى الطبيب واكتشاف أي أمرض، إضافة إلى الاعتقاد الخطأ بأن كثرة التردد على المستشفيات من دون سبب قد تصيب بالعدوى والمرض.
فيما أكد أطباء أن الفحوص الدورية طريق للوقاية وسد أبواب المرض، والوسيلة الوقائية الأنجح لحياة صحية، وأوضحوا أنها تشمل فحوصاً جسدية شاملة واختبارات دم، وإجراءات روتينية أخرى توفر نظرة شاملة على الصحة العامة للفرد.
وشدد استشاري طب الأسرة، الدكتور عادل سعيد سجواني، على أهمية خضوع جميع الأفراد لفحص دوري سنوياً، وأشار إلى اختلاف الفحص على حسب عُمر الشخص، ونصح ذوي الأطفال الجدد بمراجعة طبيب الأطفال منذ ولادتهم، ضمن جدول التطعيم، وبرنامج التحصين الدوري، لعمل فحوص دورية وكشف سريري، وبعد ذلك يكون الذهاب بالطفل إلى الطبيب سنوياً، ليس لعمل فحص دم وإنما لعمل تاريخ مرضي وكشف سريري، وفي حال رأى الطبيب أن الطفل يحتاج إلى فحوص دم مثل قوة الدم، أو الهيموغلوبين، أو مخزون الحديد، أو فيتامين «D» يُنفذ ذلك.
وقال: «بالنسبة للبالغين من عُمر 18 إلى 40 عاماً فننصح بعمل الفحص على الأقل مرة سنوياً، ويشمل فحصَي السكري الصائم والتراكمي، والكوليسترول النافع والضار، والدهون الثلاثية، وفحص الكبد والكلى والغدة الدرقية، وقوة الدم والهيموغلوبين، وفيتامين «D»، إضافة إلى بعض الفحوص الاختيارية كفحص فيتامين «B12»، وعمل كشف كمية العضلات والدهون في الجسم، ومحيط الخصر والسمنة، والسكر ومقاومة «الأنسولين».
وأضاف سجواني: «في سن الـ40 وما فوق ننصح بفحص السرطانات، ومنها سرطان البروستاتا والقولون والرئة للمدخنين، وللنساء ننصح بفحص سرطان عنق الرحم والثدي بالماموغرام، والقولون، أما الأشخاص في عُمر الـ60 فما فوق فننصحهم بالفحوص الدورية نفسها، إضافة إلى فحص هشاشة العظام للرجال والنساء».
وأشار إلى أن بعض المرضى يعتقدون أن الفحوص تكتشف أمراضاً لم تكن موجودة، وهذا رأي خطأ، لأن الفحوص تكتشف أمراضاً موجودة، ولكن الكشف المبكر يعطي فرصاً أفضل للعلاج ويمنع المضاعفات.
فيما أكدت أخصائية طب النساء، الدكتورة مي محمد، أن الفحوص الدورية للمرأة مهمة جداً لحمايتها من الأمراض المستقبلية، لذا يجب إجراؤها حتى وإن كانت المرأة بصحة جيدة، للحماية من الأخطار المستقبلية التي قد تهدّد صحتها، حيث تكشف عن الأمراض بشكل مسبق وقبل ظهور الأعراض، كما تقلل هذه الفحوص من خطر تفاقم الأمراض وحدوث مضاعفات قد تكون خطرة في بعض الأحيان، كالحال في السرطان وارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى المحافظة على طبيعة حياة صحية وجيدة للمرأة.
وأشارت إلى أن أبرز الفحوص الدورية للمرأة تشمل الفحص الذاتي للثدي، وفحصه بالأشعة السينية «الماموغرام» وهو أفضل طريقة للكشف المُبكّر لسرطان الثدي، وفحص سرطان عنق الرحم، وفحص الغدّة الدرقية، لأن النساء خصوصاً اللواتي فوق عُمر الـ60 أكثر عُرضةً لمشكلات الغدة الدرقية، إضافة إلى فحص الأمراض المزمنة في حالات الوزن الزائد أو اتباع نمط حياة غير صحي، وفحص فيتامين «D»، وفحص الحديد في الدم.
فيما أشار أخصائي أمراض الباطنة، الدكتور حازم عزت، إلى أن الفائدة الرئيسة للفحوص الدورية تكمن في المساعدة على الاكتشاف المبكر للأمراض، ما يمنح المريض فرصة أفضل لعلاج فعال، خصوصاً أن الأمراض المزمنة تتطور في صمت من دون إظهار أي أعراض واضحة، وعندما تظهر الأعراض قد تكون الحالة قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، ما يجعل العلاج أكثر صعوبة وفرص الشفاء أقل.
وأيدته في الرأي الطبيب العام، أسيل حامد، قائلة: «مقولة (الوقاية خير من العلاج) تدعونا إلى أن نعطي الأولوية لصحتنا، وتخصيص الوقت اللازم لاتخاذ خطوة استباقية نحو مستقبل أكثر صحة، من خلال الخضوع للفحص السنوي، نظراً إلى أهميته في تشخيص حالة المريض، والكشف المبكر عن الأمراض، خصوصاً تلك التي ليس لها أعراض ظاهرة حتى يتسنى علاجها مبكراً، والتحقق من وجود عوامل الخطر، للإصابة بالأمراض المزمنة الشائعة، وتحديد خطة للوقاية من الإصابة، إضافة إلى منع حدوث مضاعفات للحالة المرضية.
من جانبها، أكدت دائرة الصحة أبوظبي أن الرعاية الصحية الأولية تسهم في الوقاية من الأمراض والكشف المبكر عنها، من خلال تقديم التوجيه والتوصيات اللازمة، ومتابعة نتائج الفحوص الدورية والاختبارات الطبية التي يوصي بها أطباء الأسرة المطلعين على السجل المرضي، وأشارت إلى أن مراجعة طبيب الأسرة قد يكون أحد أهم القرارات التي على الفرد اتخاذها من أجل صحته وصحة عائلته، فطبيب الأسرة شريكك في الصحة وهو القادر على تقديم رعاية شخصية وشاملة للفرد ولعائلته في كل مرحلة من مراحل الحياة.
وأشارت الدائرة إلى أنها أطلقت تطبيق «صحتنا» للهواتف الذكية، الذي يُمثل منصة موحدة ومتكاملة، تتيح للمستخدمين إدارة مختلف شؤونهم الصحية، من خلال تسهيل الوصول إلى مجموعة واسعة من خدمات الرعاية الصحية، مثل حجز المواعيد والاستشارات عن بُعد، والوصول إلى السجلات الطبية والتقارير الجينومية، فضلاً على مزايا متقدّمة أخرى.
افحص
أكد مركز أبوظبي للصحة العامة أن أكثر من 150 منشأة صحية، منتشرة في مختلف أنحاء الإمارة، توفر خدمات برنامج الفحص الدوري الشامل «افحص» لكل حاملي بطاقة «ثقة»، ممن تراوح أعمارهم بين 18 و75 عاماً، وأشار إلى أن برنامج الفحص الدوري الشامل «افحص» يُعد برنامجاً صحياً متكاملاً يسهم في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات الأكثر شيوعاً، وصحة الفم والأسنان، وصحة العظام والصحة النفسية، وتتضمن الفحوص تقييماً شاملاً للمخاطر الصحية بناءً على استبيان صحي عام، ونتائج الفحوص السريرية الشاملة.
وتتضمن مزايا البرنامج تعريف المستفيدين بأوضاعهم الصحية، من خلال توفير تقرير طبي متكامل يوضح نتائج الفحص الدوري الشامل الخاص بهم، في مدة لا تتعدى 10 أيام من تاريخ إجراء الفحوص، ويتضمن التقرير عرضاً مفصّلاً من المركز الطبي المرخّص الذي أجريت فيه هذه الفحوص.
. 150 منشأة صحية توفر خدمات «افحص» لحاملي بطاقة «ثقة»، ممن تراوح أعمارهم بين 18 و75 عاماً.