آخر الأخبار

لماذا نشعر بالذنب تجاه "اللقمة الأخيرة"؟ هذا ما يقوله العلم

شارك

يشعر كثير من الأشخاص بتردد أو ذنب خفي عند التوقف عن الأكل قبل إنهاء ما تبقى في الطبق، حتى مع الإحساس الواضح بالشبع. هذا السلوك، الذي يُعرف باسم "ذنب اللقمة الأخيرة"، لا يرتبط فقط بالعادات الاجتماعية أو الذوق العام، بل يمتد إلى جذور نفسية واقتصادية وثقافية معقدة.

وبحسب تقرير نشره موقع "هاف بوست"، فإن الإلحاح الداخلي لإنهاء الطعام لا يعكس ضعفا في الإرادة، بقدر ما يعكس مزيجا من البرمجة الذهنية القديمة والاستجابات العاطفية التي تشكلت عبر سنوات طويلة.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 دراسة: تناول الجبن الكامل الدسم يقلل خطر الخرف
* list 2 of 2 قوة الأطعمة البنفسجية.. غذاء يعزز جسمك وينعش مزاجك end of list

إرث "الطبق النظيف" وعقلية الندرة

يرجع أصل هذا الشعور إلى ثقافة "الطبق النظيف"، التي ترسخت لدى أجيال عاشت فترات نقص غذائي حاد، خصوصا في أعقاب الحروب. ووفق "هاف بوست"، كان إنهاء الطعام في تلك الفترات يُعد مسألة بقاء، فيما اعتُبر هدره سلوكا غير أخلاقي.

وتشير تقارير "بي بي سي فيوتشر" و"ذا غارديان" إلى أن هذه العقلية استمرت حتى مع تحسن مستويات المعيشة وتزايد وفرة الغذاء، في وقت تضخمت فيه أحجام الوجبات بشكل ملحوظ. ورغم هذا التحول، ظل ترك الطعام مرتبطا في الوعي الجمعي بـ"عدم الامتنان".

البعد الاقتصادي: "مغالطة التكلفة الغارقة"

إلى جانب البعد الثقافي، هناك ما يُعرف في علم الاقتصاد السلوكي بـ"مغالطة التكلفة الغارقة"، وهي ميل الإنسان إلى استهلاك ما دفع ثمنه بالكامل، حتى وإن لم يعد بحاجة جسدية إليه. ووفق تحليلات نشرتها "هارفارد هيلث" وسايكولوجي توداي، يشعر الفرد بأن ترك جزء من وجبة مدفوعة الثمن يمثل خسارة، رغم أن الإفراط في الأكل لا يعوّض المال المدفوع، بل قد يؤدي إلى انزعاج جسدي وشعور بالذنب لاحقا.

وتدعم أبحاث صادرة عن "المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة" هذا الطرح، مشيرة إلى أن تجاوز إشارات الشبع الطبيعية يرتبط بعوامل نفسية أكثر من كونه حاجة فسيولوجية حقيقية.

مصدر الصورة الأشخاص الذين يحرصون على إنهاء كل ما في أطباقهم، قد لا يسعون فقط إلى إشباع الجوع، بل إلى ملء فراغات عاطفية (فري بيك)

الطعام كذاكرة وهوية عاطفية

لا ينفصل الطعام عن المشاعر والذكريات، وهو ما تؤكده تقارير "كليفلاند كلينك"، حيث يُنظر إلى الطعام بوصفه رمزا للرعاية والاهتمام والدفء الأسري. ووفق هذه الرؤية، قد يبدو ترك الطعام في الطبق وكأنه رفض رمزي لتلك القيم.

إعلان

وينقل "هاف بوست" عن عالم النفس "ماثيو موراند" قوله إن الأشخاص الذين يحرصون على إنهاء كل ما في أطباقهم "قد لا يسعون فقط إلى إشباع الجوع، بل إلى ملء فراغات عاطفية"، موضحا أن الطعام يمكن أن يؤدي دورا مهدئا ويسهم في إفراز الإندورفينات، وهو ما تدعمه أبحاث منشورة في دورية "فرونتيرز في علم النفس".

السيطرة والشعور بالاكتمال

وتشير "الجمعية الأميركية لعلم النفس" إلى أن إنهاء الطعام قد يمنح إحساسا بالتحكم والاكتمال، خاصة في عالم يتسم بعدم اليقين. فتنظيف الطبق قد يتحول إلى فعل بسيط يمنح شعورا بالإنجاز، حتى وإن جاء ذلك على حساب إشارات الجوع والشبع الطبيعية.

كيف يمكن التعامل مع "ذنب اللقمة الأخيرة"؟

يقدم تقرير "هاف بوست"، بالاستناد إلى آراء مختصين في علم النفس والتغذية، مجموعة من الأساليب العملية للتعامل مع هذا الشعور، من بينها إعادة تعريف مفهوم "الهدر"، والتوقف مؤقتا أثناء الوجبة لمراجعة الإحساس بالشبع، وتقليل حجم الحصص، إضافة إلى ممارسة "الأكل الواعي" بوصفه احتراما لاحتياجات الجسد لا تقصيرا أخلاقيا.

السلوك المعاكس: ترك لقمة واحدة

ويلفت التقرير أيضا إلى أن بعض الأشخاص يتبنون سلوكا معاكسا يتمثل في ترك "لقمة واحدة" دائما في الطبق. ووفق تحليلات نشرتها "سايكولوجي توداي" و"فرونتيرز في علم النفس"، قد يعكس هذا السلوك رغبة في السيطرة أو محاولة لاواعية لإثبات الانضباط، وقد يرتبط أحيانا بالقلق أو بصورة الجسد.

ويؤكد "ماثيو موراند" أن هذا النمط قد يكون "تعبيرا غير مباشر عن توتر داخلي أو حاجة نفسية للسيطرة على جوانب أخرى من الحياة".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا