شنت قوات الدعم السريع خلال الأسابيع الماضية حملة ممنهجة لطمس آثار المجازر الجماعية التي ارتكبتها بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان في أعقاب السيطرة عليها في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق تقرير حديث صادر عن مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية ييل للصحة العامة.
وبحسب التقرير الذي صدر أمس الثلاثاء، استهدفت المجازر الجماعية التي قامت بها قوات الدعم السريع المدنيين الذين حاولوا الفرار من المدينة، ولجؤوا إلى حي "الدرجة الأولى" القريب من وسط الفاشر.
وأكد التقرير أن قوات الدعم السريع انخرطت بعد قيامها بالمجازر التي أودت بحياة عشرات المدنيين، في حملة ممنهجة استمرت أسابيع عديدة لتدمير آثار القتل الجماعي من خلال دفن وحرق ونقل رفات بشرية على نطاق واسع.
وأفاد التقرير بأن هذه الحملة التي تشنها قوات الدعم السريع للتخلص من الجثث وتدميرها لا تزال مستمرة.
وحدد التقرير عبر صور الأقمار الاصطناعية 150 أثرا تتطابق مع رفات بشرية في الفاشر ومحيطها، كما سجل "ما لا يقل عن 20 حالة حرق" أجسام.
وأوضح أنه في غضون شهر، اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية، مقدرا عدد القتلى بعشرات الآلاف.
كذلك، رصد التقرير تغير لون الأرض إلى الأحمر في 38 موقعا، وهو لون يتسق مع نزيف الدماء الغزير، ولاحظ المحللون تحول اللون الأحمر بمرور الوقت إلى البني، وهو ما يتوافق علميا مع تأكسد الدم.
واعتمد تقرير جامعة ييل، المعنون "عمليات القتل الجماعي الممنهجة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والتخلص من الجثث في الفاشر، شمال دارفور، بين 26 أكتوبر و28 نوفمبر 2025″، على صور الأقمار الصناعية، وبيانات المصادر المفتوحة، وتقارير الأخبار المحلية، وبيانات الاستشعار عن بُعد.
وكانت الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في المنطقة، وحاصرتها قوات الدعم السريع لأكثر من 18 شهرا قبل سقوطها في 26 أكتوبر/تشرين الأول.
وبحسب منظمات حقوقية، قتلت قوات الدعم السريع ما لا يقل عن 1500 شخص خلال 48 ساعة بعد سيطرتها على الفاشر، في عمليات إعدام جماعي، وملاحقة الأفراد في منازلهم، واستهداف منشآت مدنية وطبية، لكن عدد الضحايا الإجمالي لا يزال غير محدد حتى الآن.
وطالب تقرير كلية ييل للصحة العامة المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي ، بتأمين الوصول الفوري إلى الفاشر لتقديم المساعدات الإنسانية للناجين وجمع ما تبقى من أدلة على عمليات القتل، مشددة على أن "عامل الوقت حاسم للغاية، سواء بالنسبة لمن لا يزالون على قيد الحياة، أو بالنسبة للأدلة التي تركها أولئك الذين فارقوا الحياة".
على صعيد متصل، اعتبرت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالسودان ماري هيلين فيرني أن الوضع الميداني في السودان لا يدعو للتفاؤل في المدى القريب، قائلة إن المنظمة تسعى لمنع تكرار ما حدث بدارفور، مرة أخرى في كردفان.
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، شددت على أن الأمم المتحدة لا تملك إمكانية الوصول إلى الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وأوضحت أن "الفاشر تحظى باهتمام واسع ومبرر، وبات الوضع في كردفان مثيرا لقلق بالغ، ونبذل كل ما في وسعنا لمنع تكرار سيناريو دارفور هناك"، في إشارة إلى ما شهدته الفاشر.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال، غرب، جنوب) منذ أسابيع اشتباكات ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسببت في نزوح عشرات آلاف السودانيين.
وتسيطر قوات الدعم السريع على كل مراكز ولايات دارفور الخمس غربا من أصل 18 ولاية بعموم البلاد، بينما يسيطر الجيش على أغلب مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم .
ومنذ أبريل/نيسان 2023 تحارب قوات الدعم السريع الجيش السوداني، بسبب خلاف بشأن المرحلة الانتقالية، مما تسبب بمجاعة ومقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح نحو 13 مليونا.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة