في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
مزيج من إرث الاستعمار البلجيكي وإخفاقات الدولة المركزية في حفظ التوازنات مع الأعراق المختلفة في إحدى أكبر دول أفريقيا مساحة أنتج صراعا معقدا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية التي لم تعرف السلام منذ الاستقلال عام 1960.
أولى الأزمات شهدتها البلاد في عهد رئيس الوزراء باتريس لومومبا المعروف بـ"أبو الاستقلال"، حيث أعلن إقليم كاتانغا الغني بالمعادن الانفصال تحت قيادة مويس تشومبي، ثم شهد إقليم كاساي المعروف بإقليم الألماس محاولة انفصال.
ووُجهت أصابع الاتهام في كلتا المحاولتين إلى المستعمر السابق بلجيكا التي سعت لدعم الطروحات الفدرالية في وجه عقيدة لومومبا الوحدوية.
وبعد اغتيال لومومبا وانقلاب موبوتو سيسي سيكو عام 1965 على حكم الرئيس جوزيف كازافوبو تحولت الدولة الفتية زائير إلى الكونغو الديمقراطية، لكن شرق البلاد ظل مسرحا للقلاقل والاضطرابات.
وتحمل ولايتا كيفو الجنوبية والشمالية شرقي الكونغو تاريخا طويلا مع العنف العرقي الذي كرسه الاستعمار بفعل التقسيم المستمر والتغيير الديمغرافي في أعقاب مؤتمر برلين 1884.
فقد استخدمت بلجيكا الاستعمارية الدراسات الإنسانية منذ نهاية القرن الـ19 لتقسيم السكان في مناطق سيطرتها بالبحيرات العظمى لتحول النظم الاجتماعية والطبقية إلى إثنيات عرقية، لتحول الهوتو الرعاة والملّاك من التوتسي إلى عرقيتين كُرستا في بطاقات الهوية قبيل انهيار سلطتها.
وشهد شرق الكونغو حربين متتاليتين بمشاركة مباشرة من دول إقليمية عدة انتهت باتفاقيات سلام برعاية أفريقية لم تنه العنف في الشرق.
ومن بين الأطراف المقاتلة ما باتت تُعرف بـ"القوات الديمقراطية لتحرير رواندا " المكونة من بقايا الجيش الرواندي السابق، حيث تتهم كيغالي جارتها كينشاسا بدعم هذه القوات وتمكينها فلول الجيش السابق من شن هجمات على أراضيها وارتكاب الفظائع بحق التوتسي الكونغوليين.
وترد كينشاسا باتهام مضاد بوقوف رواندا وراء حركة "إم 23" ودعمها، وهي الحركة التي بدأت القتال يدعوى حماية سكان الشرق من عنف كينشاسا كما تقول، ولدرء هجمات القوات الديمقراطية لتحرير رواند على المحليين من عرقية التوتسي.
ورغم الوساطات العديدة فإن مسارات السلام الإقليمية لم تفلح في وقف العنف حتى 18 مارس/آذار الماضي حين أعلنت قطر أن أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني جمع الرئيسين الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي في إطار جهود الوساطة الرامية إلى تحقيق الاستقرار.
وانطلق بعدها مساران للسلام في البحيرات الكبرى، هما مسار كونغولي رواندي، ويسّرت الدوحة بدأه بالاجتماع الثلاثي، ورعت واشنطن جلساته التي أثمرت توقيع اتفاق للسلام بين الدولتين في 27 يونيو/حزيران الماضي، ولا تزال الأطراف منخرطة في إتمام الاتفاقيات الملحقة به.
والمسار الثاني كونغولي كونغولي بين الحكومة المركزية و تحالف نهر الكونغو (إم 23)، وتستضيفه دولة قطر، وأثمر توقيع اتفاق مبادئ لإنهاء الصراع في يوليو/تموز الماضي.
المصدر:
الجزيرة