آخر الأخبار

هل يستخدم ترامب ورقة مكافحة المخدرات ذريعة لتغيير النظام بفنزويلا؟

شارك





واشنطن – في حديثه مع برنامج "ستون دقيقة" الذي تبثه شبكة "سي بي إس" (CBS) مساء الأحد، أكد الرئيس دونالد ترامب أن أيام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو معدودة لكنه "يشكك" في أن الولايات المتحدة ستخوض حربا مع فنزويلا .

وجاءت تصريحات ترامب، رغم تسارع خطوات وزارة الحرب الأميركية ( البنتاغون ) لحشد قطع بحرية متقدمة في المياه الدولية بالقرب من شواطئ فنزويلا.

وكانت إدارة الرئيس ترامب قد دمّرت ما لا يقل عن 15 قاربا في المياه الدولية كجزء من حملتها على "الاتجار بالمخدرات". وأسفرت الضربات التي نفذت ضد أهداف في المحيط الهادئ و البحر الكاريبي عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصا حتى الآن.

في الوقت الذي يواجه فيه رئيس فنزويلا مادورو، لائحة اتهام بالاتجار في المخدرات في الولايات المتحدة، يعتقد بعض المراقبين أن ما يقوم به ترامب يهدف لاستخدام تهريب المخدرات كذريعة "لتغيير النظام" في كاراكاس والاستيلاء على النفط الفنزويلي.

وغادرت حاملة الطائرات الأميركية " يو إس إس جيرالد فورد " البحر المتوسط، يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، متوجهة إلى منطقة البحر الكاريبي.

وتقود حاملة الطائرات أسطولا من 12 قطعة بحرية أخرى تضم عددا من المدمرات والطرادات، وذلك للانضمام إلى الأصول العسكرية الأميركية الأخرى المنتشرة في المنطقة المجاورة لفنزويلا.

ولواشنطن عشرات من صواريخ " توماهوك "، التي يمكنها قطع 1000 ميل، وتوجد على متن طرادات في البحر الكاريبي. وهناك 10 طائرات من طراز " إف-35 " (F-35) في جزيرة بورتوريكو التابعة للسيادة الأميركية.

ضغط متصاعد

ودفع توسّع وضخامة الانتشار العسكري الأميركي في منطقة البحر الكاريبي لزيادة التكهنات بأن إدارة ترامب قررت أنها لا تستطيع القضاء على عصابات تهريب المخدرات الفنزويلية دون إزاحة الرئيس مادورو.

وقبل أسبوعين، قال ترامب إنه يتطلع إلى ضرب أهداف على الأرض داخل فنزويلا. مما دفع محللين للتقدير بأن مهاجمة منشآت عسكرية داخل فنزويلا أصبح مسألة وقت، وقد تأتي الضربات في أي لحظة.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت، قال آدم إيزاكسون، مدير برنامج الرقابة الدفاعية بمؤسسة "والا" (WOLA) المعنية بشؤون أميركا اللاتينية، إن "العمليات العسكرية الأميركية الأخيرة ضد سفن فنزويلية تخدم هدفين متوازيين: مكافحة تهريب المخدرات، والسعي لتغيير النظام في كاراكاس".

وذكر أن 6 من الهجمات الثماني الأخيرة المعلنة حدثت في شرق المحيط الهادئ، وهي منطقة بعيدة نسبيا عن فنزويلا، "لذا، فإن الأساس المنطقي لها هو مكافحة المخدرات، وذلك على الرغم من أنه من غير المرجح أن يكون له تأثير على إمدادات المخدرات في الولايات المتحدة".

واعتبر إيزاكسون أن "إجمالي الأعمال العسكرية الأخيرة، بما فيها من هجمات على القوارب المنتشرة في منطقة البحر الكاريبي، والإعلان عن عمليات سرية لوكالة الاستخبارات المركزية داخل فنزويلا، والتلميحات إلى قرب شن هجمات على أهداف برية، تهدف للضغط من أجل تغيير النظام".

وقال "قد يكون هذا جهدا متصاعدا للتحرك عبر طيف من الخيارات العسكرية لمحاولة دفع نظام مادورو إلى الانهيار. وإذا كان الأمر كذلك، فلم ألاحظ أية مؤشرات على سهولة الانشقاق العسكري الداخلي عن هذا النظام تحت الضغط الأميركي".

مصدر الصورة السفينة الأميركية "يو إس إس غرافلي" وصلت إلى ترينيداد وتوباغو لإجراء تدريبات قرب سواحل فنزويلا (الفرنسية)

"لن نغير النظام"

من جانبها، صرحت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية تولسي غابارد، أن عصر "تغيير النظام" قد انتهى تحت قيادة الرئيس ترامب، وأكدت غابارد أن واشنطن لن تنخرط في حرب أخرى لتغيير النظام في أي مكان حول العالم.

وقالت غابارد، أثناء مشاركتها في منتدى أمني عقد بالبحرين قبل أيام، إنه "لعقود كانت سياستنا الخارجية محاصرة في دورة لا نهاية لها من تغيير النظم أو بناء الأمة".

وتابعت "لقد كان نهجا واحدا يناسب الجميع، يتمثل في إسقاط الأنظمة، ومحاولة فرض نظام حكمنا على الآخرين، والتدخل في صراعات بالكاد كانت مفهومة. وكانت النتائج كارثية، إنفاق تريليونات الدولارات، وفقدان عدد لا يحصى من الأرواح، وفي كثير من الحالات، خلق تهديدات أمنية أكبر".

وعلى الرغم من تصريحات غابارد، فإن رموز جناح المحافظين الجدد المتشدد في الحزب الجمهوري ، وأبرزهم السيناتور ليندسي غراهام ، المقرب من ترامب، صرح مؤخرا أن "الوقت قد حان لرحيل الرئيس مادورو"، داعيا بشكل أساسي إلى تغيير النظام في فنزويلا.

تشجيع على انقلاب

ومع تناقضات ترامب المعتادة، نفى الرئيس الأميركي تقارير عن عزم واشنطن بدء هجمات على فنزويلا. ومن المستبعد أن يبدأ أي غزو أميركي بالنظر إلى إعراض ترامب عن إرسال الأميركيين إلى الخارج للقتال.

وعلى الأرجح تهدف إدارة ترامب إلى تشجيع الجيش الفنزويلي على التمرد ضد الرئيس، وقد يكون الهدف من وصول حاملة الطائرات عبارة عن رسالة تحفيز في هذا الاتجاه.

وتزامنا مع ذلك، أشارت افتتاحية لصحيفة "وول ستريت جورنال"، القريبة من الجمهوريين، إلى أن اعتماد ترامب على الخداع والمناورة واستخدام رواية أن "مهربي المخدرات يسممون الأميركيين" لبناء دعم شعبي داخلي لشن ضربة داخل الأراضي الفنزويلية، قد لا يكون كافيا مع النظام الفنزويلي الحاكم.

إعلان

وترى الصحيفة أنه عقب انتهاء الحرب الباردة "لجأ أعداء القيم الغربية في المنطقة الذين اعتادوا الاعتماد على السخاء السوفياتي إلى تمويل أنفسهم من خلال بيع المخدرات للأميركيين والأوروبيين، وممارسة الابتزاز، والاتجار بالأسلحة وبالبشر. ومن هنا، فإن عودة الديمقراطية الفنزويلية من شأنها أن تعزز الأمن القومي الأميركي".

لكن الصحيفة أبرزت أن "ديكتاتورية مادورو" تخبر الفنزويليين أن الولايات المتحدة لن تجرؤ على انتهاك السيادة الفنزويلية، وإذا فعلت ذلك، فإن الشعب كله مستعد للقتال حتى آخر رجل.

لكن ليس هذا ما يمنع الانقلابيين في الثكنات العسكرية من القيام بتمرد ديمقراطي -تضيف الصحيفة- "إنهم مترددون لأن المديرية العامة لمكافحة التجسس العسكري فعالة للغاية في وظيفتها في القمع، وأي شخص يرتدي الزي العسكري يشتبه في افتقاره إلى الولاء يواجه السجن والتعذيب وربما الموت".

من هنا، طالبت الصحيفة بقصف وتدمير مراكز الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الفنزويلية كخطوة لا بديل عنها لإحداث التغيير المنتظر في فنزويلا.



المسار الدستوري

وعن دستورية إصدار ترامب أوامر لشن الضربات العسكرية الأميركية، قال الخبير إيزاكسون "طبقا للقوانين الأميركية يتمتع الكونغرس الأميركي بسلطة إعلان الحرب، أو على الأقل التصريح باستخدام القوة. ولم تُفعّل أي منهما في حالة فنزويلا".

ويوضح أن "قانون صلاحيات الحرب" لعام 1973 يسمح للرئيس بإشراك الجيش في "الأعمال العدائية" لمدة 60 يوما إذا كان هناك بعض مبررات الدفاع عن النفس. وبعد ذلك يكون أمام الرئيس 30 يوما للانسحاب، "وقد وصلنا للتو إلى 60 يوما الأحد 2 نوفمبر/تشرين الأول الجاري".

وأضاف الخبير أن إدارة ترامب قررت تجاهل قرار إصدار قرار سلطات الحرب من الكونغرس، وهذا من شأنه أن يضع الولايات المتحدة في أزمة دستورية.

لكنه ومنذ شن واشنطن ما أسمتها "الحرب على الإرهاب" عقب هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001، لم تلجأ أي إدارة أميركية إلى الكونغرس لاستصدار قرار إعلان الحرب سواء على أفغانستان أو العراق، أو في حالات شن هجمات داخل اليمن أو سوريا أو الصومال.

"ليست تهديدا"

قال فولتون أرمسترونغ، الأستاذ بالجامعة الأميركية بواشنطن، وصاحب التاريخ الطويل في العمل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA) بعدة دول بأميركا اللاتينية إن "فنزويلا لا تشكل تهديدا كبيرا للأمن القومي للولايات المتحدة أو حتى لأصدقائنا وحلفائنا في أميركا اللاتينية. وخطيئتها الرئيسية هي أنها لم تتحرك في الاتجاه الذي تريده واشنطن. وعندما حاولنا أن نملي الشروط على الرئيس السابق شافيز والرئيس الحالي مادورو، وأردنا منهما أن يفعلا ما نأمر به، رفضا كلاهما ذلك".

وأضاف للجزيرة نت "الحكومات الأميركية لا تحب الأشخاص الذين يتحدوننا. قد نقبل ذلك من دول كبرى مثل الصين أو دولة مؤثرة مثل السعودية، ولكن ليس مع الدول الصغيرة، خاصة في منطقة عُرفت بهيمنة أميركية عليها طبقا لمبدأ مونرو، هذا هو الحال مع نصف الكرة الأرضية الغربي المعرف باسم الأميركيتين".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن مصادر مطلعة قولها إن إدارة الرئيس ترامب أبلغت الكونغرس بأنها لا تعتبر ضرباتها العسكرية ضد مهربي المخدرات في الكاريبي وفنزويلا نزاعا عسكريا مستمرا، وبالتالي ليست ملزمة بالحصول على موافقة الكونغرس وفقا لقانون صلاحيات الحرب لعام 1973.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا