آخر الأخبار

الإسلام والاشتراكية في قلب أمريكا، المرشح مامداني يقترب من قيادة نيويورك

شارك
مصدر الصورة

هز السياسي الأميركي الشاب زهران ممداني الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية بسبب قناعاته السياسية وطريقة عمله واقترابه من أن يصبح عمدة مدينة نيويورك. يتقدم مامداني الذي يبلغ الرابعة والثلاثين من العمر استطلاعات الرأي ويبدو المرشح الأوفر حظاً بالفوز.

عائلة ممداني هي عائلة من أصول هندية مسلمة، كانت تعيش في أوغندا التي عاشت فيها جالية هندية كبيرة تاريخياً. لكن عائلة مامداني هاجرت إلى الولايات المتحدة عندما كان زهران في الثامنة من العمر، إذ أصبح والده أستاذاً جامعياً في أمريكا أما والدته ميرا نير فهي مخرجة سينمائية أصبح لها حضور واسم في أمريكا. وسيكون مامداني، إذا فاز، أول عمدة مسلم لنيويورك.

نشأ زهران ممداني في مدينة نيويورك، وهي أكبر مدينة في الولايات المتحدة وأغناها من حيث الموازنة العامة، فمن يشغل منصب العمدة سيدير ميزانية سنوية تبلغ أكثر من 110 مليار دولار.

مثّل ممداني قبل سنوات في فيلم أخرجته والدته كما وعبر عن نفسه فنياً بالغناء بأسلوب الراب. لكن الجانب السياسي في نشاطه كان قوياً وقد تطور ليصل به إلى عضوية المجلس البلدي لنيويورك.

ينتمي ممداني إلى الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي وقد نشط لسنوات في حركة التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والتي تدين السياسة الإسرائيلية. الحزب الديمقراطي هو حزب الرئيسين السابقين جو بايدن وباراك أوباما، لكن الجناح اليساري للحزب يؤمن ويدعو إلى إحداث تغييرات عميقة في سلوك وسياسة الحزب وأمريكا عموماً. يبدو هذا جلياً في موضوع العلاقة مع إسرائيل إذ يؤمن ممداني واليسار بأن على أمريكا أن تغير سياسة دعم إسرائيل.

أما في المجال الاقتصادي فإن ممداني هو بلاشك في أقصى اليسار الأمريكي. فهو يقول بوضوح وقناعة إنه اشتراكي رغم أنه نشأ في أكبر بلد رأسمالي في العالم. وقد جذبت وعوده الاشتراكية كثيراً من الناخبين في نيويورك الذين عانوا ويعانون من غلاء المعيشة. يعد ممداني بمنع مالكي العقارات من زيادة الإيجارات وجعل ركوب الحافلات مجانياً وتوفير الرعاية المجانية للأطفال أثناء انشغال أهلهم بالعمل.

بإطلاقه هذه الوعود وبنشاطه وحركته الدؤوبة على الأرض وبين الناس حقق ممداني تقدما سياسياً في الحملة الانتخابية. وكانت اللحظة الحاسمة عندما فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ليصبح المرشح الرسمي للحزب. وبما أن الغالبية الساحقة من الناخبين في مدينة نيويورك يؤيدون الحزب الديمقراطي فهذا يزيد من فرص نجاح مرشح الحزب الديمقراطي بصورة كبيرة في الانتخابات النهائية ومنصب العمدة.

مصدر الصورة

لكن الحزب الديمقراطي يعيش حالة انقسام بين جناحيه التقليدي واليساري. وقد جاء صعود ممداني ليجسد عمق ذلك الانقسام وحدته. تجلى ذلك في موقف زعيمي الحزب في الكونغرس الأمريكي، وكلاهما من مدينة نيويورك. فقد تأخر حكيم جيفريز، زعيم الحزب في مجلس النواب، في إعلان موقفه من ممداني لكنه في النهاية أعلن تأييده له ودعمه. أما تشك تشومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ فقد دافع عن ممداني إعلاميا في وجه هجمات الجمهوريين رغم عدم إعلان تأييده له. وتشومر هو أعلى المسؤولين الأمريكيين اليهود منصباً في الولايات المتحدة. فيما اتصل الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما بممداني وهنأه على حملته الانتخابية، لكنه لم يعلن تأييده له بشكل رسمي.

تثير مواقف ممداني من إسرائيل قلقاً عند كثير من الأمريكيين اليهود، خصوصاً أن نسبة مهمة من سكان نيويورك هم من اليهود. فقد اتهمته منظمات يهودية أمريكية بمعادة السامية، وقال حاكم ولاية نيويورك السابق أندرو كومو إنه "يؤجج نيران الكراهية ضد اليهود" – وهي اتهامات ينفيها ممداني بشدة، ويقول إنه سيعمل على محاربة معاداة السامية في حال انتخابه.

أصبح انتماء ممداني للإسلام وقناعاته ومبادئه الاشتراكية ونشاطه السياسي المعارض لإسرائيل أهدافاً لخصومه السياسيين المحذرين من صعوده. المرشح الذي خسر أمامه في انتخابات الحزب الديمقراطي أندرو كومو، عاد الى سباق الانتخابات لكن كمرشح مستقل في مواجه ممداني. لكن كومو محمل بسجل من الاتهامات بالتحرش الجنسي والتسبب بموت كثير من المسنين أثناء أزمة كوفيد-19. وقد بدا كومو غير قادر على مواجهة ضربات ممداني السياسية خصوصاً في المناظرات التلفزيونية بينهما التي ركز فيها كوومو على قلة خبرة ممداني. وقد انسحب العمدة الحالي إيريك أدامز من السباق الانتخابي معلناً تأييده لكومو ضد ممداني ومحذراً من مصير سيء للمدينة إذا قادها المرشح الشاب المسلم.

الرئيس دونالد ترامب اعتبر مامداني شيوعياً وحذر الأمريكيين منه. ترامب ولد ونشأ في نيويورك، لذلك فهي مدينة قريبة إلى قلبه واهتمامه. هناك أقلية مهمة من ناخبي الحزب الجمهوري في المدينة يمثلهم المرشح كيرتس سليوا الذي قاوم دعوات الانسحاب والاصطفاف مع كومو ضد ممداني.

لكن هناك في صفوف الجمهوريين من يعتقد أن السماح لممداني بالفوز سيضعف الحزب الديمقراطي ويظهر جانبه اليساري المتشدد مما سينفر كثيراً من الأميركيين من الديمقراطيين في الجولات الانتخابية القادمة في عموم أميركا وليس في نيويورك فقط. فتنفيذ وعود مامداني سيحتاج إلى المال. ولا يخفي ممداني نيته زيادة الضرائب على الأثرياء ويرى خصومه أن هذا سيؤدي إلى هرب رؤوس الأموال وأصحاب الأعمال من المدينة مما سيؤدي إلى أزمة اقتصادية كبيرة، ويشيرون إلى أن السياسات الاشتراكية قد طُبّقت في بلدان عديدة في العالم لكنها فشلت وأدت إلى مزيد من الفقر والفساد والفشل.

يضع ممداني قضية انتماءه المسلم في إطار الحقوق المدنية، ويقول إن المسلمين في نيويورك يريدون أن يعيشوا بكرامة وأن تتم معاملتهم وفقاً لمبادئ المساواة في البلاد. المسلمون يشكلون أقلية في نيويورك لكن المدينة عموماً تضم أناساً من مختلف الأعراق والمعتقدات وتبدو نسبة كبيرة من هؤلاء مؤيدة بثبات لممداني.

يتحدى ممداني خصومه مراهناً على واقع جديد وجيل جديد يعتنق التغيير ويريد تحقيقه وتجسيده، ويركز دوماً على قضية غلاء المعيشة وكيف أنها تقض مضاجع سكان نيويورك وتضغط عليهم مهما كانت أصولهم وانتماءاتهم. وقد نجح في الرد على أي انتقاد يوجه إليه بخصوص أي قضية بتحويل الحديث وإعادته إلى نقطة غلاء المعيشة وأفكاره ومبادراته التي تركز على التعامل معها لمساعدة سكان المدينة. فوزه في الانتخابات سيثير الجدل والتساؤلات وربما يحمل مفاجآات. أما عهده في إدارة نيويورك اذا أصبح عمدةً لها فسيكون اختباراً كبيراً لقناعاته وانتماءاته.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا