وقّعت أكثر من 60 دولة في العاصمة الفيتنامية هانوي أمس السبت أول معاهدة للأمم المتحدة تستهدف الجرائم الإلكترونية، رغم معارضة مجموعة من شركات التكنولوجيا والمنظمات الحقوقية المتخوفة من أن يؤدي النص إلى تشديد الرقابة الحكومية.
ويهدف هذا الإطار القانوني الدولي الجديد إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية التي تتنوع وجوهها، وتمتد من استغلال الأطفال في المواد الإباحية إلى عمليات الاحتيال و غسل الأموال .
وكانت فيتنام قد أعلنت هذا الأسبوع أن نحو 60 دولة أعربت عن نيتها التوقيع على هذه المعاهدة الأولى في الأمم المتحدة ، والتي ستصبح نافذة عندما يصادق عليها في كل بلد من البلدان الموقعة عليها.
وفي السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن ارتياحه لهذه الخطوة التي وصفها بالبداية المهمة، داعيا إلى المضي قدما في هذا المسار.
وخلال مراسيم التوقيع على المعاهدة في العاصمة الفيتنامية، حذّر غوتيريش من تزايد عمليات الاحتيال المتطورة وقال إنها في كل يوم "تُدمّر العائلات، وتسرق المهاجرين، وتستنزف مليارات الدولارات من اقتصادنا"، مضيفا أن الحاجة ملحة إلى رد عالمي قوي ومترابط.
وشهد الاحتيال الإلكتروني ازدهارا كبيرا جدا في جنوب شرق آسيا خلال السنوات الأخيرة، وتورط آلاف الأشخاص في هذا النشاط الإجرامي الذي يتوزع ضحاياه على مختلف أنحاء العالم، وتُقدَّر الخسائر الناجمة عنه بمليارات الدولارات سنويا.
في المقابل، رأى منتقدو المعاهدة أن نطاقها الواسع قد يؤدي إلى إساءة استخدام السلطة، ويتيح قمع معارضي الحكومة خارج حدود البلد المعني.
ولاحظت مؤسِّسة معهد "تك غلوبل إنستيتيوت" البحثي سبهاناز رشيد ضياء أن مشاركين في المفاوضات أعربوا "عن مخاوف عديدة من أن النص قد يجعل الشركات ملزمة بمشاركة البيانات"، وهي من "الممارسات التي تستخدمها الدول الاستبدادية ضد الصحفيين". لكنها أقرت بأن الجريمة الإلكترونية "مشكلة عالمية حقيقية".
واعتبرت نحو 10 منظمات غير حكومية معظمها تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان أن الضوابط والضمانات التي تنص عليها المعاهدة "ضعيفة". وانتقدت هذه المنظمات تَضَمُّن المعاهدة "إنشاء آلية قانونية لمراقبة المعلومات وحفظها وتبادلها" بين الدول.
كذلك أعربت مجموعات من قطاع التكنولوجيا عن مخاوفها.
وكان نيك أشتون هارت الذي ترأس خلال المفاوضات وفدا يمثّل أكثر من 160 شركة، من بينها " ميتا " و"ديل" و"إنفوسيس" الهندية، أعلن أنه سيقاطع مراسم توقيع المعاهدة.
وحذرت مجموعات التكنولوجيا خصوصا من استخدام المعاهدة لتجريم الباحثين في مجال الأمن السيبراني و"السماح للدول بالتعاون لمعاقبة أي جريمة ترغب فيها تقريبا".
في المقابل، أشار آشتون-هارت إلى اتفاق دولي معمول به حاليا وهو اتفاق بودابست الخاص بالجرائم الإلكترونية الذي يتضمن بنودا تحترم حقوق الإنسان.
المصدر:
الجزيرة